للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَإِيقَاعِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُك شَهْرًا كَانَ ذِكْرُ الْمُدَّةِ لَغْوًا وَتَطْلُقُ لِلْحَالِ

(أَنَا مِنْك طَالِقٌ) أَوْ بَرِيءَ (لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَوْ نَوَى) بِهِ الطَّلَاقَ (وَتَبِينُ فِي الْبَائِنِ وَالْحَرَامِ) أَيْ أَنَا مِنْك بَائِنٌ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ (إنْ نَوَى) لِأَنَّ الْإِبَانَةَ لِإِزَالَةِ الْوَصْلَةِ وَالتَّحْرِيمَ لِإِزَالَةِ الْحِلِّ وَهُمَا مُشْتَرَكَانِ فَتَصِحُّ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْك أَوْ عَلَيْك لَمْ يَقَعْ بِخِلَافِ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ حَيْثُ يَقَعُ

ــ

[رد المحتار]

الْمُمْتَدِّ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَمْتَدُّ زَمَانًا طَوِيلًا لَكِنْ لَا بِحَيْثُ يَسْتَوْعِبُ النَّهَارَ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ التَّكَلُّمَ غَيْرُ مُمْتَدٍّ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ الْحَقُّ وَجَزَمَ بِهِ الْهِنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي بِأَنَّهُ مُمْتَدٌّ، وَجَعَلَ مَا فِي الْهِدَايَةِ ظَنًّا لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَرَجَّحَهُ أَيْضًا فِي الْفَتْحِ. وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِ الِامْتِدَادِ بِنَهَارٍ بَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَمَا حَقَّقَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ التَّلْوِيحِ: مَا يَصِحُّ ضَرْبُ الْمُدَّةِ لَهُ تَأَمَّلْ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَالْأَمْرِ بِالْيَدِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْمُمْتَدِّ الْمَظْرُوفُ: أَيْ الْعَامِلُ فِي الْيَوْمِ لَا الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْيَوْمُ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِامْتِدَادِهِ، وَعَدَمِهِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَظْرُوفًا أَيْضًا لَكِنَّهُ ذُكِرَ لِتَعْيِينِ الظَّرْفِ، وَالْمَقْصُودُ بِذِكْرِ الظَّرْفِ إنَّمَا هُوَ إفَادَةُ وُقُوعِ الْعَامِلِ فِيهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمُضَافُ إلَيْهِ، وَمَظْرُوفُ الْيَوْمِ مِمَّا يَمْتَدُّ كَأَمْرُكِ بِيَدِك يَوْمَ يَرْكَبُ زَيْدٌ وَقَدْ يَكُونَانِ مِنْ غَيْرِ الْمُمْتَدِّ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ وَفِي هَذَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ اعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ الْمَظْرُوفِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَظْرُوفُ مُمْتَدًّا وَالْمُضَافَ إلَيْهِ غَيْرُ مُمْتَدٍّ كَأَمْرُكِ بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ يَرْكَبُ زَيْدٌ، وَفِي هَذَيْنِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ، وَاتَّفَقُوا فِيهِمَا عَلَى اعْتِبَارِ الْمَظْرُوفِ فَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ رَكِبَ لَيْلًا لَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ اتِّفَاقًا وَوَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمُضَافُ إلَيْهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فِي هَذَيْنِ بَلْ اعْتَبَرَهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِمَا بَيْنَ اعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ الْمَظْرُوفِ، فَعَلَى هَذَا لَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا فِي الْكَشْفِ وَالتَّلْوِيحِ وَغَيْرِهِمَا وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ حَكَى الْخِلَافَ، وَعَلَى مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَشَرْحِ الْوِقَايَةِ مِنْ تَرْجِيحِ اعْتِبَارِ الْمُمْتَدِّ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَصْلِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْخُلُوِّ عَنْ الْمَوَانِعِ، فَلَا تَمْتَنِعُ مُخَالَفَتُهُ لِلْقَرِينَةِ، فَكَثِيرًا مَا يَمْتَدُّ الْفِعْلُ مَعَ كَوْنِ الْيَوْمِ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ، مِثْلُ ارْكَبُوا يَوْمَ يَأْتِيكُمْ الْعَدُوُّ، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاَللَّهِ يَوْمَ يَأْتِيكُمْ الْمَوْتُ، وَبِالْعَكْسِ مِثْلُ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَصُومُ زَيْدٌ، وَأَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ تَكْسِفُ الشَّمْسُ، أَفَادَهُ فِي التَّلْوِيحِ (قَوْلُهُ كَإِيقَاعِ الطَّلَاقِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ: الطَّلَاقُ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ الْمُرَادُ بِهِ إيقَاعُهُ لَا كَوْنُ الْمَرْأَةِ طَالِقًا لِأَنَّهُ يَمْتَدُّ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُسْتَمِرٌّ لَا فَائِدَةَ فِي تَعْلِيقِ الظَّرْفِ بِهِ كَمَا أَفَادَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْشَاءُ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَمْتَدُّ بَلْ يَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ صُدُورِهِ لَا أَثَرِهِ وَهُوَ كَوْنُهَا طَالِقًا.

(قَوْلُهُ أَوْ بَرِيءَ) بِخِلَافِ أَنْتِ بَرِيئَةٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ كَمَا يَأْتِي فِي الْكِنَايَاتِ، أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ) لِأَنَّ مَحَلِّيَّةَ الطَّلَاقِ قَائِمَةٌ بِهَا لَا بِهِ، فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِ إضَافَةٌ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَيَلْغُو نَهْرٌ، وَلِهَذَا لَوْ مَلَّكَهَا الطَّلَاقَ فَطَلَّقَتْهُ لَا يَقَعُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ) الْأَوْلَى وَأَنَا بِالْوَاوِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ) أَيْ لَفْظَهَا مَوْضُوعٌ لِإِزَالَةِ وَصْلَةِ النِّكَاحِ مِنْ الْبَوْنِ وَهُوَ الْفَصْلُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَهُمَا مُشْتَرَكَانِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ: أَيْ الْوَصْلَةُ وَالتَّحْرِيمُ مُشْتَرَكَانِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؛ أَوْ بِكَسْرِهَا مَبْنِيًّا لِلْمَعْلُومِ أَيْ الزَّوْجَانِ مُشْتَرَكَانِ فِي الْوَصْلَةِ وَالتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: أَنَا بَائِنٌ أَوْ أَنَا حَرَامٌ، ثُمَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ التَّقْيِيدِ بِمِنْك وَعَلَيْك كَمَا فِي الْبَحْرِ ط. وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ لَمْ بِدُونِ حَتَّى (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ الْخِلَافُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ أَوْ الْحَرَامَ إذْ كَانَ مُضَافًا إلَيْهَا تَعَيَّنَ لِإِزَالَةِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَصْلَةِ وَالْحِلِّ، وَإِذَا أُضِيفَ إلَيْهِ لَا يَتَعَيَّنُ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى فَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ أَنَا بَائِنٌ مِنْهَا أَوْ حَرَامٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>