للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (مَرِيضًا لَا تَرِثُ مِنْهُ) لِوُقُوعِهِ وَهِيَ أَمَةٌ فَلَا تَرِثُ مَبْسُوطٌ

(أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا بِالْأَصَابِعِ) الْمَنْشُورَةِ (وَقَعَ بِعَدَدِهِ) بِخِلَافِ مِثْلِ هَذَا، فَإِنَّهُ إنْ نَوَى ثَلَاثًا وَقَعْنَ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ فِي الذَّاتِ وَمِثْلُ لِلتَّشْبِيهِ فِي الصِّفَاتِ، وَلِذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ لَا مِثْلَ إيمَانِ جِبْرِيلَ بَحْرٌ (وَتُعْتَبَرُ الْمَنْشُورَةُ)

ــ

[رد المحتار]

لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَالْعِلَّةُ مُقَارِنَةٌ لِلْمَعْلُولِ فِي الزَّمَانِ لَكِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا فِي الرُّتْبَةِ تَأَمَّلْ. أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَوُجُوبُ الِاعْتِدَادِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ ظَاهِرٌ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِعْتَاقِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلِذَا لَمْ تَبِنْ بِالطَّلْقَتَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا) أَيْ وَقْتَ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لَا تَرِثُ مِنْهُ) إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ط، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَرِثُ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ فِيهَا بَعْدَ الْإِعْتَاقِ كَمَا مَرَّ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، فَيَكُونُ قَدْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَتَرِثُ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِوُقُوعِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ وَهِيَ أَمَةٌ أَيْ وَالْأَمَةُ لَا تَرِثُ، فَلَا يَتَحَقَّقُ الْفِرَارُ. قَالَ فِي النَّهْرِ. وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنْ تَرِثَ اهـ أَيْ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ وَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَتَرِثُ، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ الْمَنْشُورَةِ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتُعْتَبَرُ الْمَنْشُورَةُ (قَوْلُهُ وَقَعَ بِعَدَدِهِ) أَيْ بِعَدَدِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ الْأَصَابِعِ الْإِشَارَةَ اللُّغَوِيَّةَ أَوْ بِعَدَدِ مَا أَشَارَ بِهِ مِنْهَا الْإِشَارَةَ الْحِسِّيَّةَ تَأَمَّلْ، فَإِنْ أَشَارَ بِثَلَاثٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ أَوْ بِثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ أَوْ بِوَاحِدَةٍ فَوَاحِدَةٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ بِعَدَدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَهُوَ الْعَدَدُ الْمُفَادُ كَمَيِّتُهُ بِالْأَصَابِعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِذَا لِأَنَّ الْهَاءَ لِلتَّنْبِيهِ وَالْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ وَذَا لِلْإِشَارَةِ اهـ وَانْظُرْ هَلْ الْإِشَارَةُ إلَى غَيْرِ الْأَصَابِعِ مِنْ الْمَعْدُودَاتِ كَذَلِكَ أَمْ لِاخْتِصَاصِ إرَادَةِ الْعَدَدِ فِي الْعَادَةِ بِالْأَصَابِعِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مِثْلِ هَذَا) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْلَ هَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ) أَيْ بَائِنَةٌ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ. وَبَيَانُهُ مَا نَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ: أَيْ هَذَا اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ فِي الْعَدَدِ أَوْ الصِّفَةِ وَهِيَ الشِّدَّةُ فَأَيُّهُمَا نَوَى صَحَّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يُحْمَلُ عَلَى التَّشْبِيهِ فِي الصِّفَةِ لِأَنَّهُ أَدْنَى اهـ أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْوَاقِعَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ شَبِيهَةٌ بِالثَّلَاثِ فِي الشِّدَّةِ وَهِيَ الْبَيْنُونَةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكَافَ) أَيْ فِي هَذَا ط (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الْكَافِ وَمِثْلِ ط. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ إيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ (قَوْلُهُ كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ) فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ فِي الْفَرْدَيْنِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ (قَوْلُهُ لَا مِثْلَ إيمَانِ جِبْرِيلَ) لِزِيَادَتِهِ فِي الصِّفَةِ مِنْ كَوْنِهِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ فَيَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ الِاطْمِئْنَانِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: ٢٦٠] الْآيَةَ. وَبِهِ يَحْصُلُ زِيَادَةُ الْقُرْبِ وَرَفْعُ الْمَنْزِلَةِ، لَكِنْ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ هُنَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ قَوْلِهِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ إيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ، وَلَكِنْ يَقُولُ آمَنُ بِمَا آمَنَ بِهِ جِبْرِيلُ اهـ وَكَذَا مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ إنَّ إيمَانَنَا مِثْلُ إيمَانِ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّا آمَنَّا بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرُبُوبِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمِثْلِ مَا أَقَرَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَصَدَّقَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ، فَمِنْ هَاهُنَا إيمَانُنَا مِثْلُ إيمَانِهِمْ لِأَنَّا آمَنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ آمَنَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ مِمَّا عَايَنَتْهُ مِنْ عَجَائِبِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ نُعَايِنْهُ نَحْنُ، وَلَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْنَا فَضَائِلُ فِي الثَّوَابِ عَلَى الْإِيمَانِ وَجَمِيعِ الْعِبَادَاتِ إلَخْ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَيْنَ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثِ تَخَالُفًا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ. وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ الْأُولَى عَلَى الْعَالِمِ لِأَنَّهُ قَالَ: أَقُولُ إيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ وَلَا أَقُولُ مِثْلَ إيمَانِ جِبْرِيلَ. وَالثَّانِيَةُ عَلَى غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ: أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ. وَالثَّالِثَةُ عَلَى مَا إذَا فَصَّلَ، وَصَرَّحَ بِالْمُؤْمِنِ بِهِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْمِثْلِيَّةِ لِعَدَمِ الْإِيهَامِ بَعْدَ التَّصْرِيحِ، فَيَجُوزُ لِلْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>