أَوْ كَالْجَبَلِ أَوْ كَأَلْفٍ، أَوْ مِلْءَ الْبَيْتِ، أَوْ تَطْلِيقَةً شَدِيدَةً، أَوْ طَوِيلَةً، أَوْ عَرِيضَةً أَوْ أَسْوَهُ، أَوْ أَشَدَّهُ، أَوْ أَخْبَثَهُ) أَوْ أَخْشَنَهُ (أَوْ أَكْبَرَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ، أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَعْظَمَهُ وَاحِدَةً بَائِنَةً) فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلَاقَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ (إنْ لَمْ يَنْوِ ثَلَاثًا) فِي الْحُرَّةِ وَثِنْتَيْنِ فِي الْأَمَةِ، فَيَصِحُّ لِمَا مَرَّ،
ــ
[رد المحتار]
لِلْبِدْعَةِ إذَا نَوَى وَاحِدَةً بَائِنَةً صَحَّ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ. اهـ. لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ ذَكَرَ أَوَّلًا وُقُوعَ الْبَائِنِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ قَالَ: وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَكُونُ رَجْعِيًّا، فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا قَوْلُ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ، وَمَا فِي الْبَدَائِعِ أَوَّلًا قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الْبَائِنَ إلَّا بِنِيَّتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَنْوِهِ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ كَالْجَبَلِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصْفَ بِمَا يُنْبِئُ عَنْ الزِّيَادَةِ يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ وَالتَّشْبِيهُ كَذَلِكَ أَيُّ شَيْءٍ كَانَ الْمُشَبَّهُ بِهِ كَرَأْسِ إبْرَةٍ وَكَحَبَّةِ خَرْدَلٍ وَكَسِمْسِمَةٍ لِاقْتِضَاءِ التَّشْبِيهِ الزِّيَادَةَ وَاشْتَرَطَ أَبُو يُوسُفَ ذِكْرَ الْعِظَمِ مُطْلَقًا. وَزُفَرُ أَنْ يَكُونَ عَظِيمًا عِنْدَ النَّاسِ، فَرَأْسُ إبْرَةٍ بَائِنٌ عِنْدَ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَكَالْجَبَلِ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ فَقَطْ، وَكَعِظَمِ الْجَبَلِ عِنْدَ الْكُلِّ، وَكَعِظَمِ إبْرَةٍ عِنْدَ الْأَوَّلِينَ. وَمُحَمَّدٌ قِيلَ مَعَ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ مَعَ الثَّانِي (قَوْلُهُ أَوْ كَأَلْفٍ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ التَّشْبِيهِ فِي الْقُوَّةِ أَوْ فِي الْعَدَدِ، فَإِنْ نَوَى الثَّانِيَ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَإِلَّا يَثْبُتُ الْأَقَلُّ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ وَكَذَا مِثْلُ أَلْفٍ وَمِثْلُ ثَلَاثٍ، بِخِلَافِ كَعَدَدِ الْأَلِفِ أَوْ كَعَدَدِ الثَّلَاثِ فَثَلَاثٌ بِلَا نِيَّةٍ، وَفِي وَاحِدَةٍ كَأَلْفِ وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ، لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا تَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ مِلْءِ الْبَيْتِ) وَجْهُ الْبَيْنُونَةِ بِهِ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَمْلَأُ الْبَيْتَ لِعِظَمِهِ فِي نَفْسِهِ وَقَدْ يَمْلَؤُهُ لِكَثْرَتِهِ فَأَيُّهُمَا نَوَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَعِنْدَ عَدَمِهَا يَثْبُتُ الْأَقَلُّ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ أَوْ تَطْلِيقَةً شَدِيدَةً إلَخْ) لِأَنَّ مَا يَصْعُبُ تَدَارُكُهُ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ وَيُقَالُ فِيهِ لِهَذَا الْأَمْرِ طُولٌ وَعَرْضٌ وَهُوَ الْبَائِنُ بَحْرٌ، قَيَّدَ بِذِكْرِ التَّطْلِيقَةِ لِأَنَّ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَوِيَّةً أَوْ شَدِيدَةً أَوْ طَوِيلَةً أَوْ عَرِيضَةً كَانَ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ صِفَةً لِلطَّلَاقِ بَلْ لِلْمَرْأَةِ قَالَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَبِطَوِيلَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طُولَ كَذَا أَوْ عَرْضَ كَذَا لَمْ تَصِحَّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَتْ بَائِنَةً أَيْضًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَخْشَنَهُ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ قَبْلَ النُّونِ وَيَرْجِعُ إلَى مَعْنَى الْأَشَدِّيَّةِ ط (قَوْلُهُ أَوْ أَكْبَرَهُ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، أَمَّا أَكْثَرُهُ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ فَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلَاقَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ) وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْبَيْنُونَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ لِلْحَالِ، وَكَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْمَالِ وَبَعْدَهُ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ مَصْدَرٌ يَحْتَمِلُ الْفَرْدَ الِاعْتِبَارِيَّ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فِي الْحُرَّةِ وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ فَتَصِحُّ نِيَّتُهُ، وَالْفَاءُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ فَإِنْ نَوَى مَا ذَكَرَ صَحَّ أَفَادَهُ ح. فَإِنْ قَالَتْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَصْدَرَ فِي نَحْوِ أَشَدَّ الطَّلَاقِ. قُلْت: قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِنَّ الْمَعْنَى طَالِقٌ طَلَاقًا هُوَ أَشَدُّ الطَّلَاقِ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ، فَكَانَ أَشَدُّ مُعَبَّرًا بِهِ عَنْ الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ [تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ نِيَّةِ الثَّلَاثِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ. وَقَالَ فِي النَّهْرِ: لَكِنْ قَالَ الْعَتَّابِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ فِي تَطْلِيقَةٍ شَدِيدَةٍ أَوْ طَوِيلَةٍ أَوْ عَرِيضَةٍ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُعْمَلُ فِي الْمُحْتَمِلِ وَتَطْلِيقَةٌ بِتَاءِ الْوَحْدَةِ لَا تَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ وَنَسَبَهُ إلَى السَّرَخْسِيِّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. قُلْت: لَكِنَّ الْمُتُونَ عَلَى خِلَافِهِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ التَّاءَ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هُنَا لِلْوَحْدَةِ بَلْ لِتَأْنِيثِ اللَّفْظِ أَوْ زَائِدَةً كَقَوْلِهِمْ فِي الذَّنَبِ ذَنَبَةٌ، وَفِي أَمْثَالِ الْعَرَبِ: إذَا أَخَذْت بِذَنَبَةِ الضَّبِّ أَغْضَبْته ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيّ؛ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ التَّاءَ هُنَا لِلْوَحْدَةِ فَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ قَدْ عَلَّلُوا صِحَّةَ نِيَّةِ الثَّلَاثِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ بِأَنَّهُ وَصْفُ الطَّلَاقِ بِالْبَيْنُونَةِ، وَهِيَ نَوْعَانِ: خَفِيفَةٌ وَغَلِيظَةٌ، فَإِذَا نَوَى الثَّانِيَةَ صَحَّ، فَيُقَالُ حِينَئِذٍ: إنَّ تَاءَ الْوَحْدَةِ لَا تُنَافِي إرَادَةَ الْبَيْنُونَةِ الْغَلِيظَةِ وَهِيَ مَا لَا تَحِلُّ لَهُ الْمَرْأَةُ مَعَهَا إلَّا بِزَوْجٍ آخَرَ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَوَى بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ بَلْ نَوَى حُكْمَ الثَّلَاثِ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ الْغَلِيظَةُ، وَنَظِيرُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute