للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلًا بِالصِّيغَةِ لِأَنَّ الْوُقُوعَ بِلَفْظِهِ لَا بِقَصْدِهِ.

(وَلَوْ قَالَ) لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ (أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً) بِالْعَطْفِ (أَوْ قَبْلَ وَاحِدَةٍ أَوْ بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ يَقَعُ وَاحِدَةٌ) بَائِنَةٌ، وَلَا تَلْحَقُهَا الثَّانِيَةُ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ.

(وَفِي) أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً (بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ أَوْ مَعَ وَاحِدَةٍ أَوْ مَعَهَا وَاحِدٌ ثِنْتَانِ) ، الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَوْقَعَ بِالْأَوَّلِ لَغَا الثَّانِي، أَوْ بِالثَّانِي اقْتَرَنَا، لِأَنَّ الْإِيقَاعَ فِي الْمَاضِي إيقَاعٌ فِي الْحَالِ.

(وَ) يَقَعُ (بِأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ ثِنْتَانِ لَوْ دَخَلَتْ) لِتَعَلُّقِهِمَا بِالشَّرْطِ دُفْعَةً.

ــ

[رد المحتار]

عِنْدَ رَفْعِ الْيَدِ عَنْ فَمِهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ ثَلَاثًا مَثَلًا عَلَى الْفَوْرِ وَقَعْنَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالصِّيغَةِ) أَشَارَ إلَى وَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَوْتِهَا وَمَوْتِهِ، وَهُوَ أَنَّ الزَّوْجَ وَصَلَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِذِكْرِ الْعَدَدِ فِي مَوْتِهَا وَلَمْ يَتَّصِلْ فِي مَوْتِهِ ذِكْرُ الْعَدَدِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، فَبَقِيَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ عَامِلٌ بِنَفْسِهِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوُقُوعَ بِلَفْظِهِ لَا بِقَصْدِهِ) الضَّمِيرُ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلْعَدَدِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ التَّعْلِيلُ لِمَنْطُوقِ الْعِلَّةِ الَّتِي قَبْلَهُ.

وَعَلَى الثَّانِي لِمَفْهُومِهَا وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِالْعَدَدِ الَّذِي قَصَدَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِالْعَطْفِ) أَيْ بِالْوَاوِ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ لِلْمَعِيَّةِ أَوْ لِلتَّقَدُّمِ أَوْ التَّأَخُّرِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ الْأَوَّلُ عَلَى الْآخِرِ إلَّا لَوْ كَانَتْ لِلْمَعِيَّةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فَيَعْمَلُ كُلُّ لَفْظٍ بِالْأَوْلَى فَلَا يَقَعُ مَا بَعْدَهَا، وَمِثْلُ الْوَاوِ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ وَثُمَّ بِالْأَوْلَى لِاقْتِضَاءِ الْفَاءِ التَّعْقِيبَ وَثُمَّ التَّرَاخِي مَعَ التَّرْتِيبِ فِيهِمَا؛ وَأَمَّا بَلْ فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا بَلْ ثِنْتَيْنِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهَا بَاقٍ بِالْأُولَى، وَلَوْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا تَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ غَلِطَ فِي إيقَاعِ الْوَاحِدَةِ وَرَجَعَ عَنْهَا إلَى إيقَاعِ الثِّنْتَيْنِ بَدَلَهَا فَصَحَّ إيقَاعُهُمَا دُونَ رُجُوعِهِ.

نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهَا: طَلَّقْتُكِ أَمْسِ وَاحِدَةً لَا بَلْ ثِنْتَيْنِ تَقَعُ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ يَقْبَلُ التَّدَارُكَ فِي الْغَلَطِ، بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ وَاحِدَةٍ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّ الظَّرْفَ حَيْثُ ذُكِرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ إنْ أُضِيفَ إلَى ظَاهِرٍ كَانَ صِفَةً لِلْأَوَّلِ كَجَاءَنِي زَيْدٌ قَبْلَ عَمْرٍو، وَإِنْ أُضِيفَ إلَى ضَمِيرِ الْأَوَّلِ كَانَ صِفَةً لِلثَّانِي كَجَاءَنِي زَيْدٌ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَمْرٌو لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ خَبَرٌ عَنْ الثَّانِي وَالْخَبَرُ وَصْفٌ لِلْمُبْتَدَأِ، وَالْمُرَادُ بِالصِّفَةِ الْمَعْنَوِيَّةُ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْوَصْفِيَّةِ هُوَ الظَّرْفُ فَقَطْ، وَإِلَّا فَالْجُمْلَةُ فِي قَبْلَهُ عَمْرٌو حَالٌ مِنْ زَيْدٍ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ مَعْرِفَةٍ وَالْحَالُ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا؛ فَفِي وَاحِدَةً قَبْلَ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ فَبَانَتْ بِهَا، فَلَا تَقَعُ الثَّانِيَةُ وَفِي بَعْدَهَا ثَانِيَةٌ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَصَفَ الثَّانِيَةَ بِالْبَعْدِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَصِفْهَا بِهَا لَمْ تَقَعْ فَهَذَا أَوْلَى.

وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا تَقَعُ ثِنْتَانِ لِوُجُودِ الْعِدَّةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ ثِنْتَانِ) لِأَنَّهُ فِي وَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ جَعَلَ الْبَعْدِيَّةَ صِفَةً لِلْأُولَى فَاقْتَضَى إيقَاعَ الثَّانِيَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّ الْإِيقَاعَ فِي الْمَاضِي إيقَاعٌ فِي الْحَالِ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِنَادِ إلَى الْمَاضِي فَيَقْتَرِنَانِ فَتَقَعُ ثِنْتَانِ، وَكَذَا فِي وَاحِدَةٍ قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَبْلِيَّةَ صِفَةً لِلثَّانِيَةِ فَاقْتَضَى إيقَاعُهَا قَبْلَ الْأُولَى فَيَقْتَرِنَانِ، وَأَمَّا (مَعَ) فَلِلْقِرَانِ فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِالضَّمِيرِ، وَإِلَّا فَاقْتَضَى وُقُوعُهُمَا مَعًا تَحْقِيقًا لِمَعْنَاهَا (قَوْلُهُ مَتَى وَقَعَ بِالْأَوَّلِ) كَمَا فِي قَبْلَ وَاحِدَةٍ وَبَعْدَهَا وَاحِدَةٌ فَإِنَّ الْأُولَى فِيهِمَا هِيَ الْوَاقِعَةُ لِوَصْفِهَا بِأَنَّهَا قَبْلَ الثَّانِيَةِ أَوْ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ بَعْدَهَا، وَهُوَ مَعْنَى كَوْنِهَا قَبْلَ الثَّانِيَةِ فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ مُتَأَخِّرَةً فِي الصُّورَتَيْنِ فَلَغَتْ (قَوْلُهُ أَوْ بِالثَّانِي اقْتَرَنَا) الْمُرَادُ بِالثَّانِي الْمُتَأَخِّرُ فِي إنْشَاءِ الْإِيقَاعِ لَا فِي اللَّفْظِ وَذَلِكَ كَمَا فِي بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ أَوْقَعَ فِيهِمَا وَاحِدَةً وَهِيَ الْأُولَى الْمَوْصُوفَةُ بِأَنَّهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ، أَوْ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ قَبْلَهَا، وَهُوَ مَعْنَى كَوْنِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ فَيَقْتَرِنَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالثَّانِي اللَّفْظُ الْمُتَأَخِّرُ فَإِنَّهُ سَابِقٌ فِي الْإِيقَاعِ مِنْ حَيْثُ الْإِخْبَارُ لِتَضَمُّنِ الْكَلَامِ الْإِخْبَارَ عَنْ إيقَاعِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَيَقَعُ إلَخْ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِنْ فَرَّقَ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ ثِنْتَانِ) أَيْ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ زَادَ فَثَلَاثٌ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالشَّرْطِ دُفْعَةً) لِأَنَّ الشَّرْطَ مُغَيِّرٌ لِلْإِيقَاعِ، فَإِذَا اتَّصَلَ الْمُغَيِّرُ تَوَقَّفَ صَدْرُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ كُلٌّ مِنْ الطَّلْقَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>