للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَلَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ) اتِّفَاقًا. وَأَمَّا تَصْحِيحُ الزَّيْلَعِيِّ فَإِنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الصَّرِيحِ كَامْرَأَتِي حَرَامٌ كَمَا حَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ وَسَيَجِيءُ فِي الْإِيلَاءِ

ــ

[رد المحتار]

[تَنْبِيهٌ] هَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا مُلْغَاةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً أَوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً فَتَكُونَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِإِضَافَةِ الظَّرْفِ الَّذِي قَبْلَهَا إلَيْهَا؛ وَفِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّمَانِيَةُ؛ لَكِنَّ أَحْكَامَهَا تَخْتَلِفُ فَفِي مَحْضِ قَبْلُ يَقَعُ فِي شَوَّالٍ، وَفِي مَحْضِ بَعْدُ فِي شَعْبَانَ، وَفِي قَبْلُ ثُمَّ بَعْدَيْنِ فِي جُمَادَى الْآخَرِ وَفِي بَعْدُ ثُمَّ قَبْلَيْنِ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَفِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَةِ عَلَى عَكْسِ مَا مَرَّ فِي إلْغَاءِ مَا: أَيْ فَمَا وَقَعَ مِنْهَا فِي شَوَّالٍ أَوْ فِي شَعْبَانَ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِلْغَاءِ يَقَعُ بِعَكْسِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الْمَوْصُولِيَّةِ أَوْ الْمَوْصُوفِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ بَدْرُ الدِّينِ الْغَزِّيِّ الشَّافِعِيُّ، وَرَأَيْتُهُ بِخَطِّهِ مَعْزِيًّا إلَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ إنَّ لِلسُّبْكِيِّ فِي ذَلِكَ مُؤَلِّفًا.

قُلْت: وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي رِسَالَةٍ كُنْت سَمَّيْتُهَا إتْحَافُ الذَّكِيِّ النَّبِيهِ بِجَوَابِ مَا يَقُولُ الْفَقِيهُ وَبَيَّنْتُ فِيهَا الْمَقَامَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ: بِشَهْرٍ قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ عَلَى كَوْنِ مَا زَائِدَةً يَكُونُ رَمَضَانُ مُبْتَدَأً وَالظَّرْفُ الْأَوَّلُ خَبَرٌ عَنْهُ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى الثَّانِي لِأَنَّ مَا الزَّائِدَةَ لَا تَكُفُّ عَنْ الْعَمَلِ نَحْوُ - {فَبِمَا رَحْمَةٍ} [آل عمران: ١٥٩]- وَغَيْرُ مَا رَجُلٍ وَالثَّانِي مُضَافٌ إلَى الثَّالِثِ وَالْجُمْلَةُ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ صِفَةُ شَهْرٍ، وَالرَّابِطُ الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ الظَّرْفُ الْأَخِيرُ؛ وَالْمَعْنَى بِشَهْرِ رَمَضَانَ كَائِنٍ قَبْلَ قَبْلِ قَبْلَهُ وَهُوَ ذُو الْحِجَّةِ، وَعَلَى كَوْنِ مَا مَوْصُولَةً يَكُونُ الظَّرْفُ الْأَوَّلُ صِفَةً لِشَهْرٍ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى الْمَوْصُولِ وَالظَّرْفُ الثَّانِي الْمُضَافُ إلَى الثَّالِثِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ عَنْ رَمَضَانَ وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ مَا وَالْعَائِدُ الضَّمِيرُ الْأَخِيرُ؛ وَالْمَعْنَى بِشَهْرٍ كَائِنٍ قَبْلَ الشَّهْرِ الَّذِي رَمَضَانُ كَائِنٌ قَبْلَ قَبْلِهِ، فَالشَّهْرُ الَّذِي رَمَضَانُ قَبْلَ قَبْلِهِ هُوَ ذُو الْحِجَّةِ، فَاَلَّذِي قَبْلَهُ هُوَ شَوَّالٌ، وَكَذَا يُقَالُ عَلَى تَقْدِيرِ مَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي بَاقِي الصُّوَرِ، وَقَدْ نَظَمْت جَمِيعَ مَا مَرَّ مِنْ الصُّوَرِ فَقُلْت:

خُذْ جَوَابًا عُقُودُهُ الْمَرْجَانُ ... فِيهِ عَمَّا طَلَبْتَهُ تِبْيَانُ

فَجُمَادَى الْأَخِيرُ فِي مَحْضِ بَعْدُ ... وَلِعَكْسٍ ذُو حِجَّةٍ إبَّانُ

ثُمَّ شَوَّالٌ لَوْ تَكَرَّرَ قَبْلُ ... مَعَ بَعْدُ وَعَكْسُهُ شَعْبَانُ

أَلْغِ ضِدًّا بِضِدِّهِ وَهُوَ بَعْدُ ... مَعَ قَبْلُ وَمَا بَقِيَ الْمِيزَانُ

ذَاكَ إنْ تُلْغِ مَا وَأَمَّا إذَا مَا ... وَصَلْتَ أَوْ وَصَفْتَهَا فَالْبَيَانُ

جَاءَ شَوَّالٌ فِي تَمَحَّضَ قَبْلُ ... وَلِعَكْسِ شَعْبَانَ جَاءَ الزَّمَانُ

وَجُمَادَى لِقَبْلِ مَا بَعْدَ بَعْدُ ... فَهُوَ ثُمَّ ذُو حِجَّةٍ لِعَكْسٍ أَوَانُ

وَسِوَى ذَا بِعَكْسِ إلْغَائِهَا افْهَمْ ... فَهُوَ تَحْقِيقُ مَنْ هُمْ الْفُرْسَانُ

وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ فِي رِسَالَتِنَا الْمَذْكُورَةِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

(قَوْلُهُ وَأَمَّا تَصْحِيحُ الزَّيْلَعِيِّ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى صَاحِبِ الدُّرَرِ حَيْثُ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ هُوَ الصَّحِيحُ، احْتِرَازًا عَمَّا قِيلَ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلَاقٌ، وَعَزَاهُ إلَى إيلَاءِ الزَّيْلَعِيِّ.

وَاعْتِرَاضُهُ فِي الْمِنَحِ بِأَنَّ عِبَارَةَ الزَّيْلَعِيِّ هَكَذَا وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالْحَرَامُ عِنْدَهُ طَلَاقٌ وَلَكِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا تَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ.

وَفِي إيلَاءِ الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ أَنَّ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْحَرَامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ تَقَعُ عَلَى كُلِّ تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، بِخِلَافِ الصَّرِيحِ نَحْوَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ فَلَا تَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَأَجَابَ الْأُوزَجَنْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْأَشْبَةُ، وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالذَّخِيرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>