فَالْحَالَاتُ ثَلَاثٌ: رِضًا وَغَضَبٌ وَمُذَاكَرَةٌ وَالْكِنَايَاتُ ثَلَاثٌ مَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ أَوْ مَا يَصْلُحُ لِلسَّبِّ، أَوْ لَا وَلَا (فَنَحْوُ اُخْرُجِي وَاذْهَبِي وَقُومِي) تَقَنَّعِي تَخَمَّرِي اسْتَتِرِي انْتَقِلِي انْطَلِقِي اُغْرُبِي اُعْزُبِي مِنْ الْغُرْبَةِ أَوْ مِنْ الْعُزُوبَةِ (يَحْتَمِلُ رَدًّا، وَنَحْوُ خَلِيَّةٌ بَرِّيَّةٌ حَرَامٌ
ــ
[رد المحتار]
مَعْطُوفٌ عَلَى مُذَاكَرَةِ فَيَكُونُ مِنْ دَلَالَةِ الْحَالِ (قَوْلُهُ فَالْحَالَاتُ ثَلَاثٌ) لَمَّا كَانَ الْغَضَبُ يُقَابِلُهُ الرِّضَا فَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْهُ صَحَّ التَّفْرِيعُ
وَفِي الْفَتْحِ: وَاعْلَمْ أَنَّ حَقِيقَةَ التَّقْسِيمِ فِي الْأَحْوَالِ قِسْمَانِ: حَالَةُ الرِّضَا وَحَالَةُ الْغَضَبِ. وَأَمَّا حَالَةُ الْمُذَاكَرَةِ فَتُصَدَّقُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ سُؤَالُهَا الطَّلَاقَ إلَّا فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا
قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْأَحْوَالَ ثَلَاثَةٌ: حَالَةٌ مُطْلَقَةٌ عَنْ قَيْدَيْ الْغَضَبِ وَالْمُذَاكَرَةِ وَحَالَةُ الْمُذَاكَرَةِ وَحَالَةُ الْغَضَبِ اهـ.
وَفِي النَّهْرِ وَعِنْدِي أَنَّ الْأَوْلَى هُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى حَالَةِ الْغَضَبِ وَالْمُذَاكَرَةِ، إذْ الْكَلَامُ فِي الْأَحْوَالِ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِيهَا الدَّلَالَةُ مُطْلَقًا ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْبَدَائِعِ بَعْدَ أَنْ قَسَّمَ الْأَحْوَالَ ثَلَاثَةً قَالَ: فَفِي حَالَةِ الرِّضَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْغَضَبِ، فَقَدْ قَالُوا إنَّ الْكِنَايَاتِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ إلَخْ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْكِنَايَاتُ ثَلَاثَةٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا كُلَّهَا تَصْلُحُ لِلْجَوَابِ: أَيْ إجَابَتِهِ لَهَا فِي سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ مِنْهُ، لَكِنْ مِنْهَا قِسْمٌ يَحْتَمِلُ الرَّدَّ أَيْضًا: أَيْ عَدَمَ إجَابَةِ سُؤَالِهَا، كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا لَا تَطْلُبِي الطَّلَاقَ فَإِنِّي لَا أَفْعَلُهُ وَقِسْمٌ يَحْتَمِلُ السَّبَّ وَالشَّتْمَ لَهَا دُونَ الرَّدِّ، وَقِسْمٌ لَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ وَلَا السَّبَّ بَلْ يَتَمَحَّضُ لِلْجَوَابِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَابْنِ الْكَمَالِ، وَلِذَا عَبَّرَ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ
وَفِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ أَنَّ الِاحْتِمَالَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يَصْدُقُ بِهِمَا اللَّفْظُ الْوَاحِدُ مَعًا، وَمِنْ ثَمَّ لَا يُقَالُ يُحْتَمَلُ كَذَا أَوْ كَذَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْعِصَامُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ مِنْ بَحْثِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَنَحْوُ اُخْرُجِي وَاذْهَبِي وَقُومِي) أَيْ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ لِيَنْقَطِعَ الشَّرُّ فَيَكُونُ رَدًّا أَوْ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا فَيَكُونُ جَوَابًا رَحْمَتِيٌّ. وَلَوْ قَالَ فَبِيعِي الثَّوْبَ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عُرْفًا لِأَجْلِ الْبَيْعِ فَكَانَ صَرِيحُهُ خِلَافَ الْمَنْوِيِّ، وَوَافَقَهُ زُفَرُ نَهْرٌ وَلَوْ قَالَ: اذْهَبِي فَتَزَوَّجِي بِالْفَاءِ أَوْ الْوَاوِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ تَقَنَّعِي تَخَمَّرِي اسْتَتِرِي) أَمْرٌ بِأَخْذِ الْقِنَاعِ أَيْ الْخِمَارِ. عَلَى الْوَجْهِ، وَمِثْلُهُ تَخَمَّرِي وَأَمْرٌ بِالِاسْتِتَارِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَيْ لِأَنَّك بِنْتٌ وَحُرِّمْتِ عَلَيَّ بِالطَّلَاقِ أَوْ لِئَلَّا يَنْظُرَ إلَيْكِ أَجْنَبِيٌّ. اهـ. فَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ جَوَابٌ، وَعَلَى الثَّانِي رَدٌّ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ قَاضِي خَانْ: لَوْ قَالَ اسْتَتِرِي مِنِّي خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ كِنَايَةً اهـ وَهَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ الْوُقُوعِ بِهِ أَصْلًا أَوْ أَنَّهُ يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ: وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْوَاقِعُ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ وَالظَّاهِرُ الْبَائِنُ لِكَوْنِ قَوْلِهِ مِنِّي قَرِينَةً لَفْظِيَّةً عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِمَنْزِلَةِ الْمُذَاكَرَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ انْتَقِلِي) مِثْلُ اُخْرُجِي وَقَدْ تَقَدَّمَ ح (قَوْلُهُ مِنْ الْغُرْبَةِ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ، قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْعُزُوبَةِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ رَاجِعٌ لِلثَّانِي، مِنْ عَزَبَ عَنِّي فُلَانٌ يَعْزُبُ: أَيْ فَمَعْنَاهُ أَيْضًا تَبَاعَدِي ح بِزِيَادَةٍ فَفِيهِ مَا فِي اُخْرُجِي أَيْضًا مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ (قَوْلُهُ يَحْتَمِلُ رَدًّا) أَيْ وَيَصْلُحُ جَوَابًا أَيْضًا وَلَا يَصْلُحُ سَبًّا وَلَا شَتْمًا ح (قَوْلُهُ خَلِيَّةٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ: أَيْ خَالِيَةٍ إمَّا عَنْ النِّكَاحِ أَوْ عَنْ الْخَيْرِ ح: أَيْ فَهُوَ عَنْ الْأَوَّلِ جَوَابٌ، وَعَلَى الثَّانِي سَبٌّ وَشَتْمٌ، وَمِثْلُهُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بَرِيَّةٌ) بِالْهَمْزَةِ وَتَرْكِهِ، أَيْ مُنْفَصِلَةٌ إمَّا عَنْ قَيْدِ النِّكَاحِ أَوْ حُسْنِ الْخُلُقِ ح (قَوْلُهُ حَرَامٌ) مِنْ حَرُمَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ حَرَامًا امْتَنَعَ، أُرِيدَ بِهَا هُنَا الْوَصْفُ وَمَعْنَاهُ الْمَمْنُوعُ فَيُحْمَلُ مَا سَبَقَ، وَسَيَأْتِي وُقُوعُ الْبَائِنِ بِهِ بِلَا نِيَّةٍ فِي زَمَانِنَا لِلتَّعَارُفِ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute