وَأَخَوَاتِهِ (مَتَى شِئْتِ أَوْ مَتَى مَا شِئْت أَوْ إذَا شِئْت أَوْ إذَا مَا شِئْت) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ (وَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ) لِمَا مَرَّ.
(وَ) أَمَّا فِي (طَلِّقِي ضَرَّتَكِ أَوْ) قَوْلُهُ لِأَجْنَبِيٍّ (طَلِّقْ امْرَأَتِي) فَ (يَصِحُّ رُجُوعُهُ) مِنْهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ مَحْضٌ، وَفِي طَلِّقِي نَفْسَك وَضَرَّتَك كَانَ تَمْلِيكًا فِي حَقِّهَا تَوْكِيلًا فِي حَقِّ ضَرَّتِهَا جَوْهَرَةٌ (إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِالْمَشِيئَةِ) فَيَصِيرُ تَمْلِيكًا لَا تَوْكِيلًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي خَمْسَةِ أَحْكَامٍ: فَفِي التَّمْلِيكِ لَا يَرْجِعُ وَلَا يَعْزِلُ وَلَا يَبْطُلُ بِجُنُونِ الزَّوْجِ وَيَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسٍ لَا بِعَقْلٍ، فَيَصِحُّ تَفْوِيضُهُ لِمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ، بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ بَحْرٌ، نَعَمْ لَوْ جُنَّ بَعْدَ التَّفْوِيضِ لَمْ يَقَعْ فَهُنَا تُسُومِحَ ابْتِدَاءً لَا بَقَاءً عَكْسَ الْقَاعِدَةِ فَلْيُحْفَظْ
ــ
[رد المحتار]
مَأْمُورِهِ (قَوْلُهُ وَأَخَوَاتِهِ) الْأَوْلَى وَأُخْتَيْهِ، وَهُمَا: اخْتَارِي؛ وَأَمْرُكِ بِيَدِكِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَجُلُوسُ الْقَائِمَةِ سَيَذْكُرُهُ أَيْضًا فِي فَصْلِ الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ) أَمَّا فِي مَتَى وَمَتَى مَا فَلِأَنَّهُمَا لِعُمُومِ الْأَوْقَاتِ فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتِ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَأَمَّا فِي إذَا وَإِذَا مَا فَإِنَّهُمَا وَمَتَى سَوَاءٌ عِنْدَهُمَا، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَيُسْتَعْمَلَانِ لِلشَّرْطِ كَمَا يُسْتَعْمَلَانِ لِلظَّرْفِ لَكِنَّ الْأَمْرَ صَارَ بِيَدِهَا فَلَا يَخْرُجُ بِالشَّكِّ ح عَنْ الْمِنَحِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ تَوْكِيلًا بَلْ لَوْ صَرَّحَ بِتَوْكِيلِهَا لِطَلَاقِهَا يَكُونُ تَمْلِيكًا تَوْكِيلًا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ
(قَوْلُهُ أَوْ قَوْلُهُ لِأَجْنَبِيٍّ طَلِّقْ امْرَأَتِي) قَيَّدَ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِكَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَلَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصَحِّ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الْمَشِيئَةِ وَلَوْ جَمَعَ لَهُ بَيْنَ الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَالْأَمْرِ بِالتَّطْلِيقِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَذْكُورٌ هُنَاكَ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ) زَادَ الشَّارِحُ الْفَاءَ لِتَكُونَ فِي جَوَابِ أَمَّا الَّتِي زَادَهَا قَبْلُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ مَحْضٌ) أَيْ بِخِلَافِ طَلِّقِي نَفْسَكِ لِأَنَّهَا عَامِلَةٌ لِنَفْسِهَا فَكَانَ تَمْلِيكًا لَا تَوْكِيلًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَانَ تَمْلِيكًا فِي حَقِّهَا) لِأَنَّهَا عَامِلَةٌ فِيهِ لِنَفْسِهَا وَقَوْلُهُ تَوْكِيلًا فِي حَقِّ ضَرَّتِهَا لِأَنَّهَا عَامِلَةٌ فِيهِ لِغَيْرِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ وَلَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِ طَلِّقِي وَاحِدَةً وَهُوَ الْأَمْرُ بِالتَّطْلِيقِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَكَمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ بِاخْتِلَافِ مُتَعَلَّقِهِ كَمَا قَالَ الْآخَرُ طَلِّقْ امْرَأَتِي وَامْرَأَتَكَ فَإِنَّهُ وَكِيلٌ وَأَصِيلٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ تَمْلِيكًا) فَلَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى رَأْيِهِ، وَالْمَالِكُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ عَنْ مَشِيئَتِهِ وَالْوَكِيلُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ الْفِعْلُ شَاءَ أَوْ لَمْ يَشَأْ ط عَنْ الْمِنَحِ (قَوْلُهُ لَا تَوْكِيلًا) أَيْ وَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ وَلَا يَعْزِلُ) لَا يَلْزَمُ عَدَمُ مِلْكِ الرُّجُوعِ عَدَمَ مِلْكِ الْعَزْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِكَ ثُمَّ قَالَ عَزَلْتُكَ وَجَعَلْتُهُ بِيَدِهَا لَا يَصِحُّ عَزْلُهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ التَّفْوِيضِ بِالْكُلِّيَّةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ بِجُنُونِ الزَّوْجِ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تَعْلِيقٌ ط (قَوْلُهُ لَا بِعَقْلٍ) هُوَ الْخَامِسُ ط (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْخَامِسِ.
وَبَيَانُهُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ أَوْ مَجْنُونٍ فَذَلِكَ إلَيْهِ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ فِي ضِمْنِهِ تَعْلِيقٌ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بِاعْتِبَارِ التَّمْلِيكِ يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ، فَصَحَّحْنَاهُ بِاعْتِبَارِ التَّعْلِيقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ قَالَ لَكِ الْمَجْنُونُ أَنْتِ طَالِقٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَبِاعْتِبَارِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ. اهـ. ط
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَمِنْ هَذَا اسْتَخْرَجْنَا جَوَابَ مَسْأَلَةٍ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى. صُورَتُهَا: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الصَّغِيرَةِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ يَنْوِي الطَّلَاقَ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا صَحَّ لِأَنَّ تَقْدِيرَ كَلَامِهِ: إنْ طَلَّقْتِ نَفْسَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ) بِشَرْطِ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَيَصِحُّ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ الْعَقْلُ ط عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ، لَكِنْ فِي الْأَخِيرَةِ بَحْثٌ سَأَذْكُرُهُ فِي فَصْلِ الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ جُنَّ) أَيْ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ ط (قَوْلُهُ فَهُنَا تُسُومِحَ إلَخْ) نَظِيرُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ فَصْلِ الْمَشِيئَةِ: لَوْ جُنَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ جُنُونًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute