للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ عِلْمِهَا (مَا لَمْ تَقُمْ) لِتَبَدُّلِ مَجْلِسِهَا حَقِيقَةً (أَوْ) حُكْمًا بِأَنْ (تَعْمَلَ مَا يَقْطَعُهُ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولٍ فِي الْمَجْلِسِ لَا تَوْكِيلٍ، فَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ، حَتَّى لَوْ خَيَّرَهَا ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فَطَلُقَتْ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَصَحِّ (لَا) تَطْلُقُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْمَجْلِسِ (إلَّا إذَا زَادَ) فِي قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَكِ

ــ

[رد المحتار]

جُمْلَةَ الْحَالِ الَّتِي فِعْلُهَا مُضَارِعٌ مُثْبَتٌ لَا تَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِصَيْرُورَةِ الْمَعْنَى مُدَّةً لَمْ يُوَقِّتْ فِي حَالِ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَإِذَا لَمْ يُوَقِّتْ كَيْفَ يَمْضِي الْوَقْتُ فَافْهَمْ، نَعَمْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَبِمُضِيِّ الْوَقْتِ بِالْفَاءِ وَالْبَاءِ الْجَارَّةِ لِلْمَصْدَرِ وَالْمَعْنَى فَإِنْ وَقَّتَ فَيَنْتَهِي الْمَجْلِسُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ قَبْلَ عِلْمِهَا) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى الْأَخْفَى لِيُعْلَمَ مُقَابِلُهُ بِالْأَوْلَى كَمَا هُوَ عَادَةُ الشَّارِحِ فِي مَوَاضِعَ لَا تُحْصَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَقُمْ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ لَهُ عَاطِفًا يَعْطِفُهُ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَمْ يُوَقِّتْهُ، وَلَوْ قَالَ مَا لَمْ تَفْعَلْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَفْوَدَ، لِيَصِحَّ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ حُكْمًا عَلَى حَقِيقَةٍ وَلِأَنَّهُ يُغْنِيهِ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ تَعْمَلُ مَا يَقْطَعُهُ، وَلِأَنَّ بُطْلَانَهُ بِكُلِّ قِيَامٍ مُطْلَقًا قَوْلُ الْبَعْضِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ قَامَتْ لِتَدْعُوَ الشُّهُودَ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ أَقَامَهَا أَوْ جَامَعَهَا بَطَلَ كَمَا يَأْتِي لِتَمَكُّنِهَا مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا فَعَدَمُ ذَلِكَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ (قَوْلُهُ لِتَبَدُّلِ مَجْلِسِهَا حَقِيقَةً) أَفَادَ أَنَّ الْقِيَامَ يَخْتَلِفُ بِهِ الْمَجْلِسُ حَقِيقَةً وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ الْمَجْلِسَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَدَّلْ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ إلَّا أَنَّ الْخِيَارَ يُبْطِلُهُ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ.

وَفِي التَّبْيِينِ: الْمَجْلِسُ يَتَبَدَّلُ تَارَةً حَقِيقَةً بِالتَّحَوُّلِ إلَى مَكَان آخَرَ، وَتَارَةً حُكْمًا بِالْأَخْذِ فِي عَمَلٍ آخَرَ. اهـ. ط.

قُلْت: وَكَأَنَّ الشَّارِحَ حَمَلَ الْقِيَامَ عَلَى التَّحَوُّلِ فَإِنَّهُ يُقَالُ قَامَ عَنْ مَجْلِسِهِ إذَا تَحَوَّلَ عَنْهُ لَا مُجَرَّدَ الْقِيَامِ عَنْ قُعُودٍ، لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ بُطْلَانَهُ بِكُلِّ قِيَامٍ مُطْلَقًا خِلَافُ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ خَيَّرَهَا فَلَبِسَتْ ثَوْبًا أَوْ شَرِبَتْ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا لِأَنَّ اللُّبْسَ قَدْ يَكُونُ لِتَدْعُوَ شُهُودًا، وَالْعَطَشُ قَدْ يَكُونُ شَدِيدًا يَمْنَعُ مِنْ التَّأَمُّلِ، وَدَخَلَ فِي الْعَمَلِ الْكَلَامُ الْأَجْنَبِيُّ، وَهَذَا فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ، أَمَّا الْمُوَقَّتُ بِشَهْرٍ مَثَلًا فَلَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا كَمَا مَرَّ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ فِيمَا يَكُونُ إعْرَاضًا وَمَا لَا يَكُونُ (قَوْلُهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ) أَرَادَ بِالْقَبُولِ الْجَوَابَ، وَالضَّمِيرُ فِي يَتَوَقَّفُ عَائِدٌ عَلَى التَّطْلِيقِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ لَا عَلَى التَّمْلِيكِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّمْلِيكَ يَتِمُّ بِالْمُمَلِّكِ وَحْدَهُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ لِكَوْنِهَا تَطْلُقُ بَعْدَ التَّفْوِيضِ وَهُوَ بَعْدَ تَمَامِ التَّمْلِيكِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ هَذَا التَّمْلِيكَ لَا يَتَوَقَّفُ تَمَامُهُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَا عَلَى الْجَوَابِ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ الْجَوَابَ: أَيْ التَّطْلِيقَ بَعْدَ تَمَامِهِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْجَوَابِ هُوَ صِحَّةُ التَّطْلِيقِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهِ لَيْسَ تَوْكِيلًا، فَإِنَّ الْوِكَالَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَلَوْ كَانَ تَوْكِيلًا لَصَحَّ عَزْلُهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ إلَيْهَا، قِيلَ هُوَ وِكَالَةٌ يَمْلِكُ عَزْلَهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ اهـ لَكِنْ إذَا كَانَ تَمْلِيكًا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ قَالَ لِانْتِقَاضِهِ بِالْهِبَةِ فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ. اهـ.

وَعَلَّلَ لَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْيَمِينِ، إذْ هُوَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِتَطْلِيقِهَا نَفْسَهَا وَاعْتَرَضَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ هَذَا يَجْرِي فِي سَائِرِ الْوِكَالَاتِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى إذَا بِعْته فَقَدْ أَجَزْته مَعَ أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْهَا صَحِيحٌ وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ هِيَ كَوْنُهُ تَمْلِيكًا يَتِمُّ بِالْمُمَلِّكِ وَحْدَهُ بِلَا قَبُولٍ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ خَيَّرَهَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ ثَانٍ عَلَى عَدَمِ كَوْنِهِ تَوْكِيلًا بَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ فَإِنَّ عِلَّةَ الْحِنْثِ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَوْنُهَا نَائِبَةً عَنْهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الزِّيَادَاتِ لِصَاحِبِ الْمُحِيطِ أَيْ لِكَوْنِهَا صَارَتْ مَالِكَةً، وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِهَا يَحْنَثُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِ مَا يَحْنَثُ فِيهِ بِفِعْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>