للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْإِبْرَاءِ، وَأَنَّهُ فِي الْمُتَّحِدِ لَا يَبْقَى فِي الْغَدِ، لَكِنْ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: أَمْرُكِ بِيَدِك إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَقَالَتْ اخْتَرْت زَوْجِي بَطَلَ خِيَارُهَا فِي الْيَوْمِ، وَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فِي الْغَدِ عِنْدَ الْإِمَامِ. وَوَجْهُهُ فِي الدِّرَايَةِ بِأَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ الْوَقْتَ اُعْتُبِرَ تَعْلِيقًا وَإِلَّا فَتَمْلِيكًا.

ــ

[رد المحتار]

الْأَمْرَ أَوْ رَدَّهُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكُ شَيْءٍ لَازِمٍ فَيَقَعُ لَازِمًا، وَالْمَسْأَلَةُ مَرْوِيَّةٌ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ.

قَالَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ: وَالتَّوْفِيقُ أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِالْيَدِ عِنْدَ التَّفْوِيضِ لَا بَعْدَ قَبُولِهِ نَظِيرُهُ الْإِقْرَارُ، فَإِنَّ مَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ رَدَّ إقْرَارَهُ لَا يَصِحُّ الرَّدُّ اهـ وَمَشَى عَلَى هَذَا التَّوْفِيقِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي الْفَتْحِ تَوْفِيقًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ فَإِنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ فِي يَوْمِهَا بَطَلَ هُوَ اخْتِيَارُهَا زَوْجَهَا الْيَوْمَ، وَحَقِيقَتُهُ انْتِهَاءُ مِلْكِهَا، وَالْمُرَادُ بِمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنْ تَقُولَ رَدَدْتُ اهـ وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ قَوْلُ الْهِدَايَةِ لِأَنَّهَا إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا الْيَوْمَ لَا يَبْقَى لَهَا الْخِيَارُ فِي غَدٍ فَكَذَا إذَا اخْتَارَتْ زَوْجَهَا بِرَدِّ الْأَمْرِ. وَوَفَّقَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ، فَيَصِحُّ رَدُّهُ قَبْلَ قَبُولِهِ نَظَرًا إلَى التَّمْلِيكِ، وَلَا يَصِحُّ نَظَرًا إلَى التَّعْلِيقِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، فَرِوَايَةُ صِحَّةِ الرَّدِّ نَظَرًا لِلتَّمْلِيكِ وَفَسَادِهِ نَظَرًا لِلتَّعْلِيقِ اهـ. وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَحْرِ، وَأَيَّدَهُ بِأَنَّهُ فِي الْهِدَايَةِ نَقَلَ رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ رَدَّ الْأَمْرِ كَمَا لَا تَمْلِكُ رَدَّ الْإِيقَاعِ، وَقَالَ: فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا تَكَلَّفَهُ ابْنُ الْهُمَامِ وَالشَّارِحُونَ. وَأَوْرَدَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْعِمَادِيُّ وَالشَّارِحُونَ أَنَّ قَوْلَهَا بَعْدَ الْقَبُولِ رَدَدْتُ إعْرَاضٌ مُبْطِلٌ لِخِيَارِهَا وَتَابَعَهُ عَلَى هَذَا الْإِيرَادِ الْمَقْدِسِيَّ فَقَالَ: وَهَذَا حَيْثُ أَبْطَلُوهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ وَالرَّدِّ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَمْ يُبْطِلُوهُ بِصَرِيحِ الرَّدِّ اهـ.

أَقُولُ: هَذَا مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُؤَقَّتِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَا لَمْ يَمْضِ الْوَقْتُ، بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ عَنْ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ قَبْلَ قَبُولِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ: أَيْ قَبُولِ الْمَرْأَةِ التَّفْوِيضَ (قَوْلُهُ كَالْإِبْرَاءِ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَيَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَالتَّمْلِيكِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ فِي الْمُتَّحِدِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهَا أَيْ وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَيْضًا أَنَّهُ فِي الْمُتَّحِدِ، مِثْلَ أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْيَوْمَ وَغَدًا لَا يَبْقَى الْغَدُ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مَنْصُوصٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَرِيحًا، وَقَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَبْقَى فِي الْغَدِ (قَوْلُهُ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ) أَيْ الشَّهْرِ الْآتِي (قَوْلُهُ بَطَلَ خِيَارُهَا فِي الْيَوْمِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ وَالْغَدِ الْمَجْلِسُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَا خُصُوصُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ وَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فِي الْغَدِ) أَيْ فَقَدْ بَقِيَ مَعَ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَّحِدِ ح (قَوْلُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ) وَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا فِي الشَّهْرِ كُلِّهِ. وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى الْعَكْسِ: أَيْ أَنَّهُ يَخْرُجُ الْأَمْرُ فِي الشَّهْرِ كُلِّهِ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ الْوَقْتَ) أَيْ كَأَمْرُكِ بِيَدِكِ الْيَوْمَ وَغَدًا أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ اُعْتُبِرَ تَعْلِيقًا أَيْ وَالتَّعْلِيقُ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْوَقْتَ كَأَمْرُكِ بِيَدِك يُعْتَبَرُ تَمْلِيكًا أَيْ وَالتَّمْلِيكُ يَرْتَدُّ قَبْلَ قَبُولِهِ كَمَا مَرَّ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ.

الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَبُولَ هُنَا بِمَعْنَى اخْتِيَارِهَا أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا، فَإِذَا قَالَتْ اخْتَرْت زَوْجِي وُجِدَ الْقَبُولُ فَلَا تَمْلِكُ الرَّدَّ بَعْدَهُ بِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ اعْتِبَارِ التَّعْلِيقِ وَالتَّمْلِيكِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

الثَّانِي مَا أَوْرَدَهُ ح مِنْ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ لَا يَدْفَعُ التَّنَاقُضَ بَيْنَ مَا فِي الْمَتْنِ وَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَبْقَى الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِي الْغَدِ إذَا اخْتَارَتْ زَوْجَهَا الْيَوْمَ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْيَوْمَ وَغَدًا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. وَأَجَابَ ط بِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّارِحِ ثُبُوتُ التَّنَاقُضِ لَا دَفْعُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>