للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَقِيَ لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا هَلْ يَبْطُلُ أَمْرُهَا إنْ كَانَ التَّفْوِيضُ مُنَجَّزًا، نَعَمْ وَإِنْ مُعَلَّقًا كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَمْرُك بِيَدِك أَوْ مُؤَقَّتًا لَا عِمَادِيَّةٌ؛ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ كَالْمُنَجَّزِ.

[فُرُوعٌ] نَكَحَهَا عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا صَحَّ؛ وَلَوْ ادَّعَتْ جَعْلَهُ أَمْرَهَا بِيَدِهَا لَمْ تُسْمَعْ إلَّا إذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِحُكْمِ الْأَمْرِ ثُمَّ ادَّعَتْهُ فَتُسْمَعُ.

قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي فِي الْمَجْلِسِ بِلَا تَبَدُّلٍ وَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ لَهَا.

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: وَالْجَوَابُ عَنْ التَّنَاقُضِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ أَيْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَغَدًا فَهُوَ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْوَلْوَالَجِيُّ أَيْضًا فَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْيَوْمِ وَغَدًا: لَوْ رَدَّتْ الْأَمْرَ فِي الْيَوْمِ يَبْقَى فِي الْغَدِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يَبْقَى، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا مَرَّ مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّهْرِ أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَبْقَى فِي الْغَدِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بَقِيَ لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا إلَخْ) قَيَّدَ بِالْبَائِنِ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا بَقِيَ أَمْرُهَا قَوْلًا وَاحِدًا ح وَأَرَادَ الشَّارِحُ الْجَوَابَ عَنْ مُنَاقَضَةٍ أُخْرَى بَيْنَ كَلَامِهِمْ فَإِنَّ الْعِمَادِيَّ ذَكَرَ فِي فُصُولِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَمْرُكِ بِيَدِك ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا خَرَجَ مِنْ يَدِهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَخْرُجُ، ثُمَّ وَفَّقَ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّفْوِيضِ الْمُنَجَّزِ وَالثَّانِي عَلَى الْمُعَلَّقِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَأَصْلُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ الْبَائِنَ إلَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى تَوْفِيقِ الْعِمَادِيِّ، فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا يَبْقَى الْأَمْرُ فِي يَدِهَا ثُمَّ رَقَّمَ، لَا يَبْقَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُعَلَّقَ يُخَرَّجُ كَالْمُنَجَّزِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَالْحَقُّ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ، وَأَنْ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ بُطْلَانُهُ بِالْإِبَانَةِ لَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فِي الْعِدَّةِ لَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُهَا وَالتَّخْيِيرُ بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيقِ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الطَّلَاقِ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّوْفِيقِ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ. قَالَ السَّرَخْسِيُّ: قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اخْتَارِي ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا بَطَلَ الْخِيَارُ، وَكَذَا الْأَمْرُ بِالْيَدِ، وَلَوْ رَجْعِيًّا لَا يَبْطُلُ، أَصْلُهُ أَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ الْبَائِنَ، فَلَوْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا لَا يَعُودُ الْأَمْرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْأَمْرُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ. وَفِي الْإِمْلَاءِ: لَوْ قَالَ اخْتَارِي إذَا شِئْتِ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك إذَا شِئْت ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَطْلُقُ بَائِنًا. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا. قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ قَوْلُهُ ضَعِيفٌ اهـ فَظَهَرَ بِهَذَا قُوَّةُ مَا وَفَّقَ بِهِ فِي الْفُصُولِ.

فَإِنْ قُلْت: نَفْسُ الِاخْتِيَارِ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فَرْقٌ، قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحِ وَمَا فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ عِنْدَهُ نَوْعُ تَحْقِيقٍ. وَلِبَعْضِهِمْ هُنَا كَلَامٌ يُغْنِي النَّظَرُ إلَيْهِ عَنْ التَّكَلُّمِ عَلَيْهِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَعْضِ صَاحِبَ الْبَحْرِ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ وَتَقْيِيدَهُ الْبُطْلَانَ بِمَا إذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فِي الْعِدَّةِ لَا بَعْدَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيقِ يَرُدُّهُ صَرِيحُ كَلَامِ السَّرَخْسِيِّ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ صَحَّ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ابْتَدَأَتْ الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْك عَلَى أَنَّ أَمْرِي بِيَدِي أُطَلِّقُ نَفْسِي كُلَّمَا أُرِيدُ أَوْ عَلَى أَنِّي طَالِقٌ فَقَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت، أَمَّا لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ لَا تَطْلُقُ وَلَا يَصِحُّ الْأَمْرُ بِيَدِهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ) أَيْ لِعَدَمِ حُصُولِ ثَمَرَتِهِ ط (قَوْلُهُ بِحُكْمِ الْأَمْرِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ ثَمَرَتُهُ وَأَثَرُهُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ، وَحُكْمُ الْأَمْرِ مِلْكُهَا طَلَاقَ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَتْهُ) أَيْ ادَّعَتْ الْجَعْلَ الْمَذْكُورَ أَوْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهَا) لِأَنَّهُ وُجِدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>