للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلَ أَمَرَهَا بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، فَضَرَبَهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا عَلَى الشَّرْطِ الْمَنْفِيِّ كَمَا سَيَجِيءُ. طَلَبَ أَوْلِيَاؤُهَا طَلَاقَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ لِأَبِيهَا مَا تُرِيدُ مِنِّي، افْعَلْ مَا تُرِيدُ وَخَرَجَ فَطَلَّقَهَا أَبُوهَا لَمْ تَطْلُقْ إنْ لَمْ يُرِدْ الزَّوْجُ التَّفْوِيضَ فَالْقَوْلُ لَهُ فِيهِ خُلَاصَةٌ. لَا يَدْخُلُ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ مَا لَمْ يَقُلْ إنْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ فِي نِكَاحِي. جَعَلَ أَمَرَهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَطَلَّقَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ.

ــ

[رد المحتار]

سَبَبُهُ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ التَّخْيِيرُ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِاشْتِغَالِ بِشَيْءٍ آخَرَ بَحْرٌ وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالتَّخْيِيرِ وَالطَّلَاقِ صَارَ بِإِنْكَارِهِ مُدَّعِيًا بُطْلَانَ السَّبَبِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِقِنِّهِ جَعَلْت أَمْرَك بِيَدِكَ فِي الْعِتْقِ أَمْسِ فَلَمْ تُعْتِقْ نَفْسَك وَقَالَ الْقِنُّ فَعَلْتُ لَا يُصَدَّقُ إذْ الْمَوْلَى لَمْ يُقِرَّ بِعِتْقِهِ لِأَنَّ جَعْلَ الْأَمْرِ بِيَدِهِ لَا يُوجِبُ الْعِتْقَ مَا لَمْ يُعْتِقْ الْقِنُّ نَفْسَهُ وَالْمَوْلَى يُنْكِرُهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى إبْطَالَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ جَوَابًا عَمَّا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ

قَوْلُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا) أَيْ قَالَ ضَرَبْتُهَا بِجِنَايَةٍ وَقَالَتْ بِدُونِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ) لِأَنَّهُ يُنْكِرُ صَيْرُورَةَ الْأَمْرِ بِيَدِهَا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْجِنَايَةَ، وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ وَإِنْ قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِكَوْنِهَا عَلَى الشَّرْطِ وَالشَّرْطُ يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ كَانَ نَفْيًا نَهْرٌ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا إذَا بَرْهَنَتْ (قَوْلُهُ مَا تُرِيدُ مِنِّي) اسْتِفْهَامٌ، وَقَوْلُهُ افْعَلْ مَا تُرِيدُ أَمْرٌ (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ لَكِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ تَفْوِيضًا لِاحْتِمَالِ التَّهَكُّمِ أَيْ افْعَلْ إنْ قَدَرْتَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا يَدْخُلُ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك امْرَأَةً فَأَمْرُهَا بِيَدِك فَدَخَلَتْ امْرَأَةٌ فِي نِكَاحِهِ بِنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ وَأَجَازَ بِالْفِعْلِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَهَا، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ فِي نِكَاحِي فَلَهَا ذَلِكَ؛ وَكَذَا فِي التَّوْكِيلِ بِذَلِكَ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ بِعَقْدِ الْفُضُولِيِّ مَعَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ بِالْقَوْلِ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَلْ صُدِّقَ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي نِكَاحِهِ، وَمِثْلُ دَخَلَتْ قَوْلُهُ تَحِلُّ لِي لَكِنْ سَيَذْكُرُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَدَمَ الْحِنْثِ مُطْلَقًا، حَيْثُ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي أَوْ تَصِيرُ حَلَالًا لِي فَكَذَا فَأَجَازَ نِكَاحَ فُضُولِيِّ بِالْفِعْلِ لَا يَحْنَثُ، وَمِثْلُهُ إنْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِنَفْسِي أَوْ بِوَكِيلِي أَوْ بِفُضُولِيٍّ أَوْ دَخَلَتْ فِي نِكَاحِي بِوَجْهٍ مَا تَكُنْ زَوْجَتُهُ طَالِقًا لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِفُضُولِيٍّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنَفْسِي وَعَامِلُهُ تَزَوَّجْت وَهُوَ خَاصٌّ بِالْقَوْلِ، وَإِنَّمَا يَنْسَدُّ بَابُ الْفُضُولِيِّ لَوْ زَادَ أَوْ أَجَزْتُ نِكَاحَ فُضُولِيٍّ وَلَوْ بِالْفِعْلِ، وَلَا مَخْلَصَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَ الْمُتَزَوِّجَةِ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى شَافِعِيٍّ لِيَفْسَخَ الْيَمِينَ الْمُضَافَةَ اهـ

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعَلِّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَاقَ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا، فَفِي الثَّانِيَةِ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى شَافِعِيٍّ، وَعُلِمَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي: أَوْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ فِي نِكَاحِي أَنَّ دُخُولَهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّزْوِيجِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُهَا، وَبِتَزْوِيجِ الْفُضُولِيِّ لَا يَصِيرُ مُتَزَوِّجًا، بِخِلَافِ: كُلُّ عَبْدٍ دَخَلَ فِي مِلْكِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِعَقْدِ الْفُضُولِيِّ، فَإِنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ لَا يَخْتَصُّ بِالشِّرَاءِ بَلْ لَهُ أَسْبَابٌ سِوَاهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَيْنِ فِي فَتَاوَاهُ وَرَجَّحَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ) لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْهُمَا وَهُوَ فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ عَلَى فِعْلِهِمَا فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>