للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَمَا لَغَا إيقَاعُهُ) الطَّلَاقَ (مُقَارِنًا لِثُبُوتِ مِلْكٍ) كَأَنْتِ طَالِقٌ مَعَ نِكَاحِك، وَيَصِحُّ مَعَ تَزَوُّجِي إيَّاكَ لِتَمَامِ الْكَلَامِ بِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ (أَوْ زَوَالِهِ) كَمَعَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك.

[فَائِدَةٌ] فِي الْمُجْتَبَى عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمُضَافَةِ لَا يَقَعُ وَبِهِ أَفْتَى أَئِمَّةُ خُوَارِزْمَ انْتَهَى، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَلِلْحَنَفِيِّ تَقْلِيدُهُ بِفَسْخِ قَاضٍ

ــ

[رد المحتار]

أَنَّهَا تُعَدُّ زَائِرَةً وَلَوْ مَعَهَا شَيْءٌ غَيْرُ مَا يُطْبَخُ (قَوْلُهُ كَمَا لَغَا إلَخْ) أَصْلُ ذَلِكَ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ: وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى النِّكَاحِ لَا يَقَعُ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ نِكَاحِك أَوْ فِي نِكَاحِك ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ تَزَوُّجِي إيَّاكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ. وَقِيلَ الْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا أَضَافَ التَّزَوُّجَ إلَى فَاعِلِهِ وَاسْتَوْفَى مَفْعُولَهُ جَعَلَ التَّزْوِيجَ مَجَازًا عَنْ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَحَمَلَ مَعَ عَلَى بَعْدُ تَصْحِيحًا لَهُ وَفِي نِكَاحِك لَمْ يَذْكُرْ الْفَاعِلَ؛ فَالْكَلَامُ نَاقِصٌ فَلَا يُقَدَّرُ بَعْدَ النِّكَاحِ فَلَا يَقَعُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ. اهـ. وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى هَذَا الْفَرْقِ بِقَوْلِهِ لِتَمَامِ الْكَلَامِ إلَخْ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَعَ نِكَاحِي إيَّاكَ؛ أَوْ قَالَ مَعَ تَزَوُّجِك انْعَكَسَ الْحُكْمُ لَكِنْ قَالَ ح: وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ شَيْءٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ مَعَ نِكَاحِك عَلَى تَقْدِيرِ مَعَ نِكَاحِي إيَّاكَ وَالْمُقَدَّرُ كَالْمَلْفُوظِ، وَإِلَى هَذَا الضَّعْفِ أَشَارَ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ اهـ.

قُلْت: الْأَظْهَرُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالْفَاعِلِ يُحْتَمَلُ تَزَوُّجُهُ أَوْ تَزَوُّجُ غَيْرِهِ لَهَا، لَكِنْ مُقْتَضَى هَذَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالتَّزَوُّجِ فِي أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بِذِكْرِ الْفَاعِلِ يَقَعُ فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا فِيهِمَا فَتَأَمَّلْ.

وَأَقْرَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَا اسْتَنْبَطَهُ بَعْضُ فُضَلَاءِ الدَّرْسِ أَنَّ التَّزَوُّجَ يَعْقُبُ التَّزْوِيجَ، فَإِذَا قَارَنَ الطَّلَاقُ التَّزَوُّجَ وُجِدَ الْمِلْكُ قَبْلَهُ بِالتَّزْوِيجِ فَيَصِحُّ وَتَطْلُقُ، بِخِلَافِ مَعَ نِكَاحِك لِأَنَّهُ مُقَارِنٌ لِلْمِلْكِ (قَوْلُهُ كَمَعَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك) لِإِضَافَتِهِ لِحَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلْإِيقَاعِ فِي الْأَوَّلِ وَالْوُقُوعِ فِي الثَّانِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمُضَافَةِ) أَيْ فِي الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إلَى الْمِلْكِ.

وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ ظَفِرْت بِرِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ اهـ وَأَمَّا مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى فَذَاكَ غَيْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلِلْحَنَفِيِّ تَقْلِيدُهُ إلَخْ) أَيْ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ.

مَطْلَبٌ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إلَى الْمِلْكِ

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلِلْحَنَفِيِّ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى شَافِعِيٍّ يَفْسَخُ الْيَمِينَ الْمُضَافَةَ، فَلَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا فَخَاصَمَتْهُ إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ وَادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَحَكَمَ بِأَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ بِشَيْءٍ حَلَّ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ النِّكَاحِ قَبْلَ الْفَسْخِ ثُمَّ فَسَخَ يَكُونُ الْوَطْءُ حَلَالًا إذَا فَسَخَ، وَإِذَا فَسَخَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَفَسَخَ الْيَمِينَ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى لَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ؛ وَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَبِقَوْلِهِ يُفْتَى اهـ.

قُلْت: وَمَفْهُومُهُ أَنَّ عِنْدَهُمَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَيْضًا، فَالْخِلَافُ هُنَا فِيمَا إذَا فَسَخَ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ الْيَمِينَ فِي امْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْحَالِفُ امْرَأَةً أُخْرَى، فَعِنْدَهُمَا لَا يَكْفِي الْفَسْخُ الْأَوَّلُ بَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الثَّانِيَةِ مَا لَمْ يَفْسَخْ ثَانِيًا. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكْفِي لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى فَسْخِهَا ثَانِيًا، وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ يُفْتَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الْيَمِينِ عِنْدَهُ، وَأَنَّهُ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّ عَدَمَ الْوُقُوعِ رِوَايَةً عَنْهُ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ جَعَلَ عَدَمَ الْوُقُوعِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ لَا رِوَايَةً عَنْهُ وَأَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ وَهَمَ فَافْهَمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>