كَلَوْ كَأَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ تَعَلَّقَ بِدُخُولِهَا، وَمِنْ نَحْوِ مَنْ دَخَلَ مِنْكُنَّ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ، فَلَوْ دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ مِرَارًا طَلُقَتْ بِكُلِّ مَرَّةٍ لِأَنَّ الدُّخُولَ أُضِيفَ إلَى جَمَاعَةٍ فَازْدَادَ عُمُومًا، كَذَا فِي الْغَايَةِ وَهِيَ غَرِيبَةٌ وَجَعَلَهُ فِي الْبَحْرِ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ
(وَفِيهَا) كُلِّهَا (تَنْحَلُّ) أَيْ تَبْطُلُ (الْيَمِينُ) بِبُطْلَانِ التَّعْلِيقِ (إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ مَرَّةً إلَّا فِي كُلَّمَا فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ بَعْدَ الثَّلَاثِ) لِاقْتِضَائِهَا عُمُومَ الْأَفْعَالِ
ــ
[رد المحتار]
فَرْعٌ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا دُخُولُك أَوْ لَوْلَا أَبُوك أَوْ صِهْرُك لَا يَقَعُ وَكَذَا فِي الْإِخْبَارِ بِأَنْ قَالَ: طَلَّقْتُك بِالْأَمْسِ لَوْلَا كَذَا. اهـ. قُلْت: وَمِنْهَا أَفَادَ مَعْنَاهَا.
فَفِي الْبَحْرِ: أَنْتِ طَالِقٌ بِدُخُولِ الدَّارِ أَوْ بِحَيْضِك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ أَوْ تَحِيضَ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْوَصْلِ وَالْإِلْصَاقِ وَإِنَّمَا يَتَّصِلُ الطَّلَاقُ وَيَلْصَقُ بِالدُّخُولِ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى دُخُولِك الدَّارَ إنْ قَبِلَتْ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الدُّخُولَ اسْتِعْمَالَ الْأَعْوَاضِ فَكَانَ الشَّرْطُ قَبُولَ الْعِوَضِ لَا وُجُودَهُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ. اهـ.
قُلْت: وَقَدْ يَكُونُ الْكَلَامُ مُتَضَمِّنًا لِلتَّعَلُّقِ بِدُونِ تَصْرِيحٍ بِأَدَاتِهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَيَكْفِي مَعْنَى الشَّرْطِ إلَخْ، وَمِنْهُ مَا فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْمُحِيطِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَدَخَلْت فَهَذَا يُخْبِرُ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ طَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ يَتَعَلَّقُ بِالدُّخُولِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَوَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَهُوَ تَعْلِيقٌ وَيَمِينٌ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا طَلُقَتْ لِلْحَالِ ذَكَرَهُمَا فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ. اهـ. قُلْت: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْطِفْ الْقَسَمَ تَعَيَّنَ مَا بَعْدَهُ جَوَابًا لَهُ وَصَارَ فَاصِلًا، فَلَمْ يَصِحَّ أَنْتِ طَالِقٌ لِلتَّعْلِيقِ فَتَنَجَّزَ وَمِنْهُ أَيْضًا عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا (قَوْلُهُ كَلَوْ) هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا بِمَعْنَى الشَّرْطِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهَا لِتَحْقِيقِ عَدَمِ الشَّرْطِ فَلَا تَأْتِي لِلتَّعْلِيقِ عَلَى مَا فِيهِ خَطَرُ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ تَعَلَّقَ بِدُخُولِهَا) كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِيهِ: عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ لَطَلَّقْتُك فَهَذَا رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيُطَلِّقَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَإِذَا دَخَلَتْ لَزِمَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَا يَقَعُ إلَّا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ. اهـ. بَحْرٌ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ أَوَائِلَ بَابِ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ فَازْدَادَ عُمُومًا) فِيهِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا عُمُومَ لَهُ. وَعِبَارَةُ الْغَايَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ: لِأَنَّ الْفِعْلَ وَهُوَ الدُّخُولُ أُضِيفَ إلَى جَمَاعَةٍ فَيُرَادُ بِهِ عُمُومُهُ عُرْفًا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى اهـ فَمُرَادُهُ بِالْعُمُومِ التَّكْرَارُ (قَوْلُهُ وَهِيَ غَرِيبَةٌ) أَيْ لِمُخَالَفَتِهَا لِقَوْلِ الْمُتُونِ، وَفِيهَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ مَرَّةً إلَّا فِي كُلَّمَا، وَجَزَمَ بِغَرَابَتِهَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ، وَاسْتَشْكَلَهَا الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ فِي الْبَحْرِ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ) ذَكَرَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ: فَفِيهَا إنْ وُجِدَ الشَّرْطُ حَيْثُ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ مَا فِي الْغَايَةِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ نَقَلَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْقُنْيَةِ فِي مَسْأَلَةِ صُعُودِ السَّطْحِ اهـ وَنَقَلَ هُنَا عَنْ الْمِعْرَاجِ.
وَعَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ مَتَى تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ غَيْرَ كُلَّمَا لَا يُوجِبُ التَّكْرَارَ اهـ فَأَفَادَ ضَعْفَ هَذَا الْقَوْلِ، وَضَعْفَ مَا عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ أَيْ تَبْطُلُ الْيَمِينُ) أَيْ تَنْتَهِي وَتَتِمُّ، وَإِذَا تَمَّتْ حَنِثَ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْحِنْثُ ثَانِيًا إلَّا بِيَمِينٍ أُخْرَى لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لِلْعُمُومِ وَالتَّكْرَارِ لُغَةً نَهْرٌ (قَوْلُهُ بِبُطْلَانِ التَّعْلِيقِ) فِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ هُنَا هِيَ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي كُلَّمَا) فَإِنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْتَهِي بِوُجُودِ الشَّرْطِ مَرَّةً، وَأَفَادَ حَصْرَهُ أَنَّ مَتَى لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ، وَقِيلَ تُفِيدُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute