للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَاقْتِضَاءِ كُلِّ عُمُومَ الْأَسْمَاءِ (فَلَا يَقَعُ إنْ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ إذَا دَخَلَتْ) كُلَّمَا (عَلَى التَّزَوُّجِ نَحْوُ: كُلَّمَا تَزَوَّجْت فَأَنْتِ كَذَا) لِدُخُولِهَا عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَنَاهٍ، وَمِنْ لَطِيفِ مَسَائِلِهَا لَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَتِهِ: كُلَّمَا طَلَّقْتُك

ــ

[رد المحتار]

وَالْحَقُّ أَنَّهَا إنَّمَا تُفِيدُ عُمُومَ الْأَوْقَاتِ، فَفِي مَتَى خَرَجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ الْمُفَادُ أَنَّ أَيَّ وَقْتٍ تَحَقَّقَ فِيهِ الْخُرُوجُ يَقَعُ الطَّلَاقُ ثُمَّ لَا يَقَعُ بِخُرُوجٍ آخَرَ، وَإِنْ الْمَقْرُونَةُ بِلَفْظِ أَبَدًا كَمَتَى، فَإِذَا قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أَبَدًا فَهِيَ كَذَا فَتَزَوَّجَهَا فَطَلُقَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ إنَّمَا يَنْفِي التَّوْقِيتَ فَيَتَأَبَّدُ عَدَمُ التَّزَوُّجِ وَلَا يَتَكَرَّرُ، وَأَيُّ كَذَلِكَ، حَتَّى لَوْ قَالَ: أَيُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، بِخِلَافِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا نَهْرٌ. وَالْفَرْقُ أَنَّ لَفْظَ كُلٍّ لِلْعُمُومِ وَلَفْظَ أَيٍّ إنَّمَا يَعُمُّ بِعُمُومِ الصِّفَةِ، لِقَوْلِهِمْ فِي: أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبْته فَهُوَ حُرٌّ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا وَاحِدًا لِأَنَّهُ أُسْنِدَ إلَى خَاصٍّ، وَفِي: أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك يُعْتَقُ الْكُلُّ إذَا ضَرَبُوا لِإِسْنَادِهِ إلَى عَامٍّ، وَفِي: أَيُّ امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ، وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَاقْتِضَاءِ كُلٍّ عُمُومَ الْأَسْمَاءِ) لِأَنَّ كُلَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْأَفْعَالِ وَكُلَّ تَدْخُلُ عَلَى الْأَسْمَاءِ، فَيُفِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا عُمُومَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَإِذَا وُجِدَ فِعْلٌ وَاحِدٌ أَوْ اسْمٌ وَاحِدٌ فَقَدْ وُجِدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْأَسْمَاءِ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا فَيَحْنَثُ كُلَّمَا وُجِدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ طَلَقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ وَهِيَ مُتَنَاهِيَةٌ

فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّمَا لِعُمُومِ الْأَفْعَالِ وَعُمُومُ الْأَسْمَاءِ ضَرُورِيٌّ، فَيَحْنَثُ بِكُلِّ فِعْلٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ طَلَقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ، وَكُلُّ لِعُمُومِ الْأَسْمَاءِ وَعُمُومُ الْأَفْعَالِ ضَرُورِيٌّ؛ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا فِي كُلٍّ وَكُلَّمَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي كُلٍّ وَإِنْ انْتَهَتْ فِي حَقِّ اسْمٍ بَقِيَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ.

وَمِنْ فُرُوعِهَا، لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ طَلُقَتْ وَلَوْ دَخَلْنَ طَلُقْنَ، فَإِنْ دَخَلَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مَرَّةً أُخْرَى لَا تَطْلُقُ؛ وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلَتْ فَدَخَلَتْ امْرَأَةٌ طَلُقَتْ، وَلَوْ دَخَلَتْ ثَانِيًا تَطْلُقُ وَكَذَا ثَالِثًا، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَعَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ خِلَافًا لِزُفَرَ. وَمِنْهَا لَوْ قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْت فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَدَخَلَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَمْ يَعْنِ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا يَقَعُ بِكُلِّ دَخْلَةٍ وَاحِدَةٌ، إنْ شَاءَ فَرَّقَهَا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ شَاءَ جَمَعَهَا عَلَى وَاحِدَةٍ بَحْرٌ. وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: فَرْعٌ يَكْثُرُ وُقُوعُهُ. قَالَ فِي السِّرَاجِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَكُلَّمَا حَلَّتْ حَرُمَتْ فَتَزَوَّجَهَا فَبَانَتْ بِثَلَاثٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ يَجُوزُ، وَإِنْ عَنَى بِقَوْلِهِ كُلَّمَا حَلَّتْ حَرُمَتْ الطَّلَاقَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِهِ طَلَاقًا فَهُوَ يَمِينٌ. اهـ.

قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَكُلَّمَا حَلَّتْ حَرُمَتْ لَيْسَ تَعْلِيقًا بِالْمِلْكِ الْخَاصِّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ حِلُّهَا بِالْعَقْدِ لِجَوَازِ أَنْ تَرْتَدَّ ثُمَّ تُسْتَرَقَّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ بَعْدَ الثَّلَاثِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ طَلَقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ وَهِيَ مُتَنَاهِيَةٌ كَمَا مَرَّ. أَمَّا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ الْآخَرُ قَبْلَ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَقَعُ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهَا عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ) أَيْ التَّزَوُّجِ، فَكُلَّمَا وُجِدَ هَذَا الشَّرْطُ وُجِدَ مِلْكُ الثَّلَاثِ فَيَتْبَعُهُ جَزَاؤُهُ بَحْرٌ، وَفِيهِ عَنْ الْكَافِي وَغَيْرِهِ: لَوْ قَالَ كُلَّمَا نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا فِي يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَوَطِئَهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَعَلَيْهِ مَهْرَانِ وَنِصْفٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: بَانَتْ بِثَلَاثٍ، وَعَلَيْهِ أَرْبَعَةُ مُهُورٍ وَنِصْفٌ. اهـ.

قُلْت: وَوَجَّهَهُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَوَجَبَ نِصْفُ مَهْرٍ، فَإِذَا دَخَلَ بِهَا وَجَبَ مَهْرٌ كَامِلٌ لِأَنَّهُ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ فِي الْمَحَلِّ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَقَعَتْ أُخْرَى وَهَذَا طَلَاقٌ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعْنًى، فَإِنَّ مَنْ تَزَوَّجَ الْمُعْتَدَّةَ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يَكُونُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ طَلَاقًا بَعْدَ الدُّخُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>