للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ وَالْآتِيَةُ لَيْسَتَا عَلَى إطْلَاقِهِمَا (وَمَا لَا يُعْلَمُ) وُجُودُهُ (إلَّا مِنْهَا صُدِّقَتْ فِي حَقِّ نَفْسِهَا خَاصَّةً) اسْتِحْسَانًا بِلَا يَمِينٍ نَهْرٌ بَحْثًا،

ــ

[رد المحتار]

لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ ثُمَّ ادَّعَى قُرْبَانَهَا فِي الْمُدَّةِ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ سَبَبٌ فِي الْحَالِ لَكِنْ تَرَاخَى وُقُوعُ الطَّلَاقِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَقَدْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَوَقَعَ ظَاهِرًا، فَدَعْوَى الْقُرْبَانِ دَعْوَى الْمَانِعِ فَلَا يُقْبَلُ؛ وَلَوْ ادَّعَى الْقُرْبَانَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بَعْدُ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَمَّا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْرَبْك فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ ثُمَّ ادَّعَى الْقُرْبَانَ فِي الْمُدَّةِ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ، فَمَتَى أَنْكَرَ الشَّرْطَ فَقَدْ أَنْكَرَ السَّبَبَ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ اهـ فَهَذَا كَمَا تَرَى مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ إلَخْ، وَالْآتِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ إنْ حِضْت كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ فِيهَا ح. وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُ الْآتِيَةِ بِقَوْلِهِ وَمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ لَيْسَتَا عَلَى إطْلَاقِهِمَا) فَتُقَيَّدُ الْأُولَى بِمَا إذَا كَانَ يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ، وَتُقَيَّدُ الْآتِيَةُ بِمَا إذَا كَانَ لَا يَمْلِكُهُ أَخْذًا مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ هُنَا وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ كَمَالٍ فِي شَرْحِ الِاصْطِلَاحِ وَفِيهِ بَحْثٌ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِمَا عَلِمْت مِنْ مُخَالَفَةِ هَذَا التَّفْصِيلِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْكَافِي، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا فِي الْجِمَاعِ لَا فِي الْحَيْضِ، وَالْجِمَاعُ لَيْسَ مِمَّا لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ إلَّا مِنْهَا لِأَنَّ الرَّجُلَ يَعْلَمُهُ لِكَوْنِهِ فَعَلَهُ. وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَقْيِيدُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ هُمَا قَاعِدَتَانِ تَحْتَهُمَا مَسَائِلُ جُزْئِيَّةٌ لَهُمَا، قَدْ أَطْلَقَ بَعْضَهَا وَصَرَّحَ فِي بَعْضِهَا بِمَا يُخَالِفُ هَذَا التَّفْصِيلَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْقُنْيَةِ مِنْ دَعْوَى الْوُصُولِ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الْمُعَيَّنَةِ وَكَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَقْرَبْك فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ أَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَقَدْ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُعْلَمُ مِنْ غَيْرِهَا تَوَقَّفَ الْوُقُوعُ عَلَى تَصْدِيقِهِ أَوْ الْبَيِّنَةِ كَالدُّخُولِ وَالْكَلَامِ اتِّفَاقًا. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِوِلَادَتِهَا، فَقَالَا: يَقَعُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ، وَعِنْدَهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ جَوْهَرَةٌ، وَلَا يَشْمَلُ مَا لَوْ قَالَ إنْ شَرِبْتُ مُسْكِرًا بِغَيْرِ إذْنِك فَأَمْرُك بِيَدِك وَشَرِبَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مَعَ أَنَّ الْإِذْنَ لَا يُسْتَفَادُ إلَّا مِنْهَا لَكِنْ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَالْمَحَبَّةِ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّهَا تَدَّعِي شَرْطَ الْحِنْثِ عَلَى الزَّوْجِ وَوُقُوعَ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا تُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ قِبَلِهَا؛ وَقَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَ كَيْ لَا تَقَعَ فِي الْحَرَامِ، إذْ الِاجْتِنَابُ عَنْهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا شَرْعًا فَيَجِبُ طَرِيقُهُ وَهُوَ الْإِخْبَارُ فَتَعَيَّنَتْ لَهُ، فَيَجِبُ قَبُولُ قَوْلِهَا لِتَخْرُجَ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ نَهْرٌ بَحْثًا) أَصْلُ الْبَحْثِ لِأَخِيهِ صَاحِبِ الْبَحْرِ، حَيْثُ قَالَ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ إنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِإِخْبَارِهَا وَقَدْ وُجِدَ، وَلَا فَائِدَةَ فِي التَّحْلِيفِ لِأَنَّهُ وَقَعَ بِقَوْلِهَا وَالتَّحْلِيفُ لِرَجَاءِ النُّكُولِ، وَهِيَ لَوْ أَخْبَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ كُنْت كَاذِبَةً لَا يَرْتَفِعُ الطَّلَاقُ لِتَنَاقُضِهَا اهـ لَكِنْ فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ: نَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ رَمْزِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ عَلَيْهَا الْيَمِينَ بِالْإِجْمَاعِ، إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِمْ كُلُّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ. اهـ.

قُلْت: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ عَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي التَّحْلِيفِ، وَمِنْ وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ، وَعَدَمُ ذِكْرِهَا فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ كَوْنِهَا مِنْهَا، فَكَمْ مِنْ أَصْلٍ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ أَشْيَاءُ مَعَ بَقَاءِ غَيْرِهَا لِكَوْنِ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا خَطَرَ فِي ذِهْنِ الْمُسْتَثْنِي وَلَا سِيَّمَا مَعَ ظُهُورِ الْوَجْهِ، نَعَمْ هَذَا فِي الْقَضَاءِ ظَاهِرٌ؟ وَأَمَّا فِي الدِّيَانَةِ فَيَنْبَغِي التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْحَيْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>