للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُرَاهِقَةٌ كَالْبَالِغَةِ وَاحْتِلَامٌ كَحَيْضٍ فِي الْأَصَحِّ (كَقَوْلِهِ إنْ حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ، أَوْ إنْ كُنْت تُحِبِّينَ عَذَابَ اللَّهِ فَأَنْتِ كَذَا أَوْ عَبْدُهُ حُرٌّ، فَلَوْ قَالَتْ حِضْت) وَالْحَيْضُ قَائِمٌ، فَإِنْ انْقَطَعَ

ــ

[رد المحتار]

وَالْمَحَبَّةِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الطَّلَاقِ بِإِخْبَارِهَا قَضَاءً وَدِيَانَةً إنَّمَا هُوَ فِي الْمَحَبَّةِ، أَمَّا فِي الْحَيْضِ فَلَا تَطْلُقُ دِيَانَةً إلَّا إذَا كَانَتْ صَادِقَةً كَمَا تَعْرِفُهُ قَرِيبًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَمُرَاهِقَةٌ كَبَالِغَةٍ) وَأَمَّا حُكْمُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يَحِيضُ مِثْلُهَا وَالْآيِسَةِ؛ فَقَالَ فِي النَّهْرِ لَمْ أَرَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْ الْآيِسَةِ لَا الصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ وَاحْتِلَامٌ كَحَيْضٍ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ احْتَلَمْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَقَالَ احْتَلَمْت، فَرَوَى هِشَامٌ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُصَدَّقُ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُ كَالْحَيْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إنْ حِضْت إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَحَبَّةِ كَالتَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ

أَحَدِهِمَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَحَبَّةِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ تَخْيِيرًا، حَتَّى لَوْ قَامَتْ وَقَالَتْ أُحِبُّك لَا تَطْلُقُ، وَالتَّعْلِيقُ بِالْحَيْضِ لَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ.

الثَّانِي أَنَّهَا إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فِي الْإِخْبَارِ تَطْلُقُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَحَبَّةِ لِمَا قُلْنَا. وَفِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ لَا تَطْلُقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى زَيْلَعِيٌّ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ.

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْت تُحِبِّينَ كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ يَعْرِفُ أَنَّهَا تُحِبُّهُ أَوْ لَا تُحِبُّهُ كَالْمَوْتِ وَالْعَذَابِ فَقَالَتْ أَنَا أُحِبُّهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا، وَكَذَا إنْ كُنْت تُبْغِضِينَ كَذَا لِشَيْءٍ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُحِبُّهُ كَالْحَيَاةِ وَالْغِنَى فَقَالَتْ أَنَا أُبْغِضُهُ فَهِيَ طَالِقٌ، وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ كُنْت تُحِبِّينَ كَذَا فَقَالَتْ لَسْت أُحِبُّهُ وَهِيَ كَاذِبَةٌ لَمْ يَقَعْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ كُنْت أَنَا أُحِبُّ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لَسْت أُحِبُّهُ وَهُوَ كَاذِبٌ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَيَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَطَأَهَا وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ عَلَى الْبُغْضِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ كُنْت تُحِبِّينَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِك أَوْ تُرِيدِينَهُ أَوْ تَشْتَهِينَهُ بِقَلْبِك دُونَ لِسَانِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَتْ لَا أَشَاءُ وَلَا أُحِبُّ وَلَا أَهْوَى وَلَا أُرِيدُ وَلَا أَشْتَهِي فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَلَا تُصَدَّقُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهَا خِلَافَهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ أَوْ سَكَتَتْ فَلَمْ تَقُلْ شَيْئًا حَتَّى يَقُومَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِهَا خِلَافُ مَا أَظْهَرَتْ فَإِنَّهُ يَسَعُهَا أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَسَعُهَا الْمُقَامُ مَعَهُ إنْ كَانَ مَا فِي قَلْبِهَا خِلَافُ مَا أَظْهَرَتْ عَلَى لِسَانِهَا اهـ.

وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ مَسْأَلَةَ إنْ كُنْت أَنَا أُحِبُّ كَذَا إلَخْ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: هَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ مَا فِي قَلْبِهِ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ مَا فِي قَلْبِهَا لَكِنْ الطَّرِيقُ مَا قُلْنَا إنَّ الْحُكْمَ يُدَارُ عَلَى الظَّاهِرِ وَهُوَ الْإِخْبَارُ وُجُودًا وَعَدَمًا.

وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ سَرَرْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ سَرَّنِي، قَالُوا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ بِكَذِبِهَا، قَالَ قَاضِي خَانْ: وَفِيهِ إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ السُّرُورَ مِمَّا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِخَبَرِهَا وَيُقْبَلَ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ كُنَّا نَتَيَقَّنُ بِكَذِبِهَا، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَك اللَّهُ بِنَارِ جَهَنَّمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أُحِبُّ يَقَعُ. اهـ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِقَوْلِ الْهِدَايَةِ إنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ بِكَذِبِهَا لِأَنَّهَا لِشِدَّةِ بُغْضِهَا إيَّاهُ تُحِبُّ التَّخَلُّصَ مِنْهُ بِالْعَذَابِ اهـ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلٍ قَلْبِيٍّ وَأَخْبَرَتْ بِهِ، فَإِنْ تَيَقَّنَّا بِكَذِبِهَا لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ.

وَفِي الْبَدَائِعِ: إنْ كُنْت تَكْرَهِينَ الْجَنَّةَ تَعَلَّقَ بِإِخْبَارِهَا بِالْكَرَاهَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَصِلُ إلَى حَالَةٍ تَكْرَهُ الْجَنَّةَ، فَقَدْ تَيَقَّنَّا بِكَذِبِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>