لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا زَيْلَعِيٌّ وَحَدَّادِيٌّ (أَوْ أُحِبُّ طَلُقَتْ هِيَ فَقَطْ) إنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ، فَإِنْ صَدَّقَهَا أَوْ عَلِمَ وُجُودَ الْحَيْضِ مِنْهَا طَلُقَتَا جَمِيعًا حَدَّادِيٌّ.
(وَفِي إنْ حِضْت لَا يَقَعُ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ) لِاحْتِمَالِ الِاسْتِحَاضَةِ (فَإِنْ اسْتَمَرَّ ثَلَاثًا وَقَعَ مِنْ حِينِ رَأَتْ)
ــ
[رد المحتار]
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا لِشِدَّةِ مَحَبَّتِهَا لِلْحَيَاةِ الدُّنْيَا تَكْرَهُ الْجَنَّةَ لِأَنَّهَا لَا تَتَوَصَّلُ إلَيْهَا إلَّا بِالْمَوْتِ وَهِيَ تَكْرَهُهُ فَلَمْ نَتَيَقَّنْ بِكَذِبِهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهَا لَا تَكْفُرُ بِقَوْلِهَا أَنَا أُحِبُّ عَذَابَ جَهَنَّمَ وَأَكْرَهُ الْجَنَّةَ. اهـ. وَفَرَّقَ فِي النَّهْرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ السُّرُورِ بِأَنَّ إيلَامَ الضَّرْبِ الْقَائِمِ بِهَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى كَذِبِهَا، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ مَحَبَّةِ الْعَذَابِ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى التَّيَقُّنِ بِكَذِبِهَا، لِمَا مَرَّ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ يَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي مَسْأَلَةِ إنْ كُنْت أَنَا أُحِبُّ كَذَا إذَا أَخْبَرَ بِخِلَافِ مَا فِي قَلْبِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَقَّنُ بِكَذِبِهِ. وَإِذَا أُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى الْإِخْبَارِ كَمَا مَرَّ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ لَمْ يُرِدْ هَذَا، لَكِنْ يَتَوَجَّهُ إشْكَالُ قَاضِي خَانْ فِي مَسْأَلَةِ السُّرُورِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِالْإِخْبَارِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ غَيْرُ الْمُخْبِرِ بِكَذِبِهِ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ إشْكَالُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَإِشْكَالُ قَاضِي خَانْ فَتَأَمَّلْ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِمَحَبَّتِهَا لِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِمَحَبَّةِ غَيْرِهَا، فَظَاهِرُ مَا فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَكُنْ أُمُّك تَهْوَى ذَلِكَ فَقَالَتْ الْأُمُّ أَنَا لَا أَهْوَى وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ لَا تَطْلُقُ، فَإِنْ صَدَّقَهَا طَلُقَتْ لِمَا عُرِفَ.
وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فُلَانٌ مُؤْمِنًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ هَذَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا هُوَ وَلَا يُصَدَّقُ هُوَ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُصَلِّي وَيَحُجُّ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ لِي إلَيْك حَاجَةٌ فَاقْضِهَا لِي فَقَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَقْضِ حَاجَتَك فَقَالَ حَاجَتِي أَنْ تُطَلِّقَ زَوْجَتَك فَلَهُ أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ فِيهِ وَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ، لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى غَيْرِهِ. اهـ.
قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: فَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْفُرُوعِ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَ بِفِعْلِ الْغَيْرِ لَا يُصَدَّقُ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ أَمْ لَا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِيهِمَا أَوْ الْبَيِّنَةِ فِيمَا يَثْبُتُ بِهَا مِنْ الْأَمْرِ الَّذِي يُعْلَمُ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا) لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ قِيَامُ الشَّرْطِ زَيْلَعِيٌّ أَيْ لِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهَا ضَرُورَةٌ تَرَتَّبَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ عَلَيْهِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ (قَوْلُهُ طَلُقَتْ هِيَ فَقَطْ) أَيْ دُونَ فُلَانَةَ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي حَقِّهَا شَرْعًا الْإِخْبَارُ بِهِ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ، وَفِي حَقِّ ضَرَّتِهَا مُتَّهَمَةٌ، وَشَهَادَتُهَا عَلَى ذَلِكَ شَهَادَةُ فَرْدٍ، وَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْإِنْسَانِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ اقْتَصَرَ عَلَى نَصِيبِهِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَاقُونَ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ وُجُودَ الْحَيْضِ مِنْهَا) لَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا إلَخْ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا أَشْكَلَ أَمْرُهَا، وَذَا فِيمَا لَمْ يَشْكُلْ بِأَنْ أَخْبَرَتْ فِي وَقْتِ عِدَّتِهَا الْمَعْرُوفَةِ لِزَوْجِهَا وَضَرَّتِهَا وَشُوهِدَ الدَّمُ مِنْهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ شَكٌّ تَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي إنْ حِضْت إلَخْ) تَفْصِيلٌ وَبَيَانٌ لِمَا أَجْمَلَهُ أَوَّلًا، وَمِثْلُهُ التَّعْلِيقُ بِفِي أَوْ مَعَ كَأَنْتِ طَالِقٌ فِي حَيْضِك أَوْ مَعَ حَيْضِك كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَقَعَ مِنْ حِينِ رَأَتْ) لِأَنَّهُ بِالِاسْتِمْرَارِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيْضٌ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يُعَيِّنَهُ فَيَقُولَ طَلُقَتْ مِنْ حِينِ رَأَتْ الدَّمَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِنَادِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّبْيِينِ، وَلِذَا قَالَ مِنْ حِينِ رَأَتْ، وَتَمَامُ بَيَانِهِ فِي الْبَحْرِ.
وَفِيهِ عَنْ الْكَافِي فِي مَسْأَلَةِ إنْ حِضْت فَعَبْدِي حُرٌّ وَضَرَّتُك طَالِقٌ إذَا رَأَتْ الدَّمَ فَقَالَتْ حِضْت وَصَدَّقَهَا أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute