للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ لَا أَسْكُنُ فَأُغْلِقَ الْبَابُ أَوْ قُيِّدَ لَا يَحْنَثُ فِي الْمُخْتَارِ

قُلْت قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ شَرْطِ الْحِنْثِ حَنِثَ فِي الْعَدَمِيِّ لَا الْوُجُودِيِّ. قَالَ فِي النَّهْرِ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْمُخْتَارِ) لِأَنَّهُ مُسْكَنٌ لَا سَاكِنٌ، وَشَرْطُ الْحِنْثِ هُوَ السُّكْنَى، وَإِنَّمَا تَكُونُ السُّكْنَى بِفِعْلِهِ إذَا كَانَ بِاخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ إنْ لَمْ أَخْرُجْ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمُ الْفِعْلِ وَالْعَدَمُ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الِاخْتِيَارِ أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَأَفَادَهُ أَيْضًا أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ لَا فِيمَا إذَا مُنِعَ بِقَيْدٍ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَنْعُ حِسِّيًّا لَا يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِهِ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا فِي الْمُخْتَارِ، وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ.

مَطْلَبٌ الْأَصْلُ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إنْ كَانَ عَدَمِيًّا وَعَجَزَ يَحْنَثُ

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إنْ كَانَ عَدَمِيًّا وَعَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ فَالْمُخْتَارُ الْحِنْثُ، وَإِنْ كَانَ وُجُودِيًّا وَعَجَزَ فَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْحِنْثِ. اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ مُبَاشَرَتِهِ يَعُودُ إلَى شَرْطِ الْبِرِّ لَا شَرْطِ الْحِنْثِ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَطَلُّبِهِ وَالْحَالِفُ إنَّمَا يَطْلُبُ شَرْطَ الْبِرِّ فَيُحَصِّلُهُ أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ مَتَى عَجَزَ عَنْ شَرْطِ الْبِرِّ فَافْهَمْ.

هَذَا، وَقَدْ اسْتَشْكَلَ فِي الْبَحْرِ فَرْعَيْنِ: أَحَدَهُمَا مَسْأَلَةُ الْعَسَسِ الْمَارَّةُ، وَالثَّانِيَ مَا فِي الْقُنْيَةِ إنْ لَمْ أَعْمَلْ هَذِهِ السَّنَةَ فِي الْمُزَارَعَةِ بِتَمَامِهَا فَمَرِضَ وَلَمْ يُتِمَّ حَنِثَ، وَلَوْ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ لَا يَحْنَثُ اهـ قَالَ: فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهِمَا الْعَدَمُ وَقَدْ أَثَّرَ فِيهِ الْحَبْسُ. اهـ.

قُلْت: أَمَّا مَسْأَلَةُ الْعَسَسِ فَقَدْ مَرَّ الْجَوَابُ عَنْهَا، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْقُنْيَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى خِلَافِ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَنْعُ غَيْرَ حِسِّيٍّ، فَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْمَنْعِ بِالْمَرَضِ وَالْمَنْعِ بِحَبْسِ السُّلْطَانِ لِأَنَّ الْحَبْسَ إغْلَاقٌ لِبَابِ الْحَبْسِ فَهُوَ مَنْعٌ غَيْرُ حِسِّيٍّ، بِخِلَافِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ كَالْقَيْدِ فَهُوَ مَنْعٌ حِسِّيٌّ، لَكِنْ فِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْخَامِسَ عَشَرَ إنْ لَمْ تَحْضُرِينِي اللَّيْلَةَ فَكَذَا فَقُيِّدَتْ وَمُنِعَتْ مَنْعًا حِسِّيًّا، ذَكَرَ الْفَضْلِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فَقَدْ صُحِّحَ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي الْمَنْعِ الْحِسِّيِّ، لَكِنْ ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْمُخْتَارَ الْحِنْثُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهَا مُنِعَتْ مَنْعًا حِسِّيًّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَرْجِيحٌ لِقَوْلِ الْفَضْلِيِّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ الْمَارِّ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَا عَدَمِيٌّ وَيَكُونُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَنْعِ الْحِسِّيِّ وَغَيْرِهِ خَاصًّا فِيمَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ وُجُودِيًّا، وَيَكُونُ مَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مَبْنِيًّا عَلَى إجْرَائِهِ فِي الْعَدَمِيِّ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهٌ] اعْلَمْ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ فَوَاتَ الْمَحَلِّ يُبْطِلُ الْيَمِينَ، وَبِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يُبْطِلُهَا أَيْضًا لَوْ مُؤَقَّتَةً لَا لَوْ مُطْلَقَةً، وَبِأَنَّ إمْكَانَ تَصَوُّرِ الْبِرِّ شَرْطٌ لِانْعِقَادِهَا فِي الِابْتِدَاءِ مُطْلَقًا وَشَرْطٌ لِبَقَائِهَا لَوْ مُؤَقَّتَةً، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ فِي لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ وَلَا مَاءَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ. وَجْهُهُ أَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبِرِّ ابْتِدَاءً، وَفِيمَا لَوْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَصُبَّ تَبْطُلُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبِرِّ بَعْدَ انْعِقَادِهَا، وَالْعَجْزُ فِيهِ نَاشِئٌ عَنْ فَوَاتِ الْمَحَلِّ، وَفِي إنْ لَمْ أَخْرُجْ وَنَحْوِهِ فَقُيِّدَ وَمُنِعَ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْعَجْزَ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ فَوَاتِ الْمَحَلِّ لِأَنَّ الْمَحَلَّ فِيهِ هُوَ الْحَالِفُ أَوْ الْمَرْأَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهُوَ مَوْجُودٌ، بِخِلَافِ الْمَاءِ الَّذِي صُبَّ، فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ تَحَقَّقَ شَرْطُ الْحِنْثِ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّ، وَإِنْ عَجَزَ حَقِيقَةً لِإِمْكَانِ الْبِرِّ عَقْلًا، بِأَنْ يُطْلِقَهُ الْحَابِسُ لَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمُضِيِّهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ اسْتَحَالَ عَادَةً، لَكِنَّهُ فِي نَفْسِهِ مُمْكِنٌ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صُبَّ الْمَاءُ لِأَنَّ عَوْدَ الْمَاءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>