وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّهَا فَلَهَا جَمِيعُ مَا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى عِمَادِيَّةٌ؛ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَوَصِيَّتُهُ، وَلَوْ كَذَّبَتْهُ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ شَرْحُ الْمَجْمَعِ
وَفِي الْفُصُولِ: ادَّعَتْ عَلَيْهِ مَرِيضًا أَنَّهُ أَبَانَهَا فَجَحَدَ وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ ثُمَّ صَدَّقَتْهُ وَمَاتَ تَرِثُهُ لَوْ صَدَّقَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا لَوْ بَعْدَهُ.
ــ
[رد المحتار]
بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى عَمَلًا بِتَصْدِيقِهَا لَهُ، وَالشَّهَادَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا مَرَّ لَا تُهْمَةَ فِيهَا إذْ لَا مُوَاضَعَةَ عَادَةً فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ فَلَمْ يُصَدَّقَا فِي حَقِّهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدَّرَ أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ لِإِبْطَالِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ تُهْمَةٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ بَلْ فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فَقَطْ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَالْقَوْلِ بِاعْتِبَارِهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ: إنَّ فَتْوَى الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْ بِوُجُوبِهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ مُخَالِفَةٌ لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَحَيْثُ كَانَتْ مُخَالَفَتُهُمْ لِلتُّهْمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى بِهِ مَحَالَّهَا وَالنَّاسَ الَّذِينَ هُمْ مَظَانُّهَا، وَلِهَذَا فَصَّلَ الْإِمَامُ السَّعْدِيُّ بِحَمْلِ كَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُتَفَرِّقَيْنِ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَسْنَدَ الطَّلَاقَ إلَيْهِ، أَمَّا إذَا كَانَا مُجْتَمَعَيْنِ فَالْكَذِبُ فِي كَلَامِهِمَا ظَاهِرٌ فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي الْإِسْنَادِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ: وَهَذَا هُوَ التَّوْفِيقُ اهـ أَيْ بَيْنَ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، وَبِهِ ظَهَرَ صِحَّةُ مَا قَالَهُ السُّرُوجِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَحْكِيمُ الْحَالِ، لَكِنْ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْخُصُوصَةَ وَتَرْكَ الْخِدْمَةِ دَلِيلُ عَدَمِ الْمُوَاضَعَةِ رَدَّهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْمِيرَاثِ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ تِلْكَ الْخُصُوصَةَ حِيلَةٌ لَيْسَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا اهـ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّعْدِيُّ مِنْ التَّفَرُّقِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الْمُوَاضَعَةِ لِتَصِحَّ وَصِيَّتُهُ لَهَا وَتَزَوُّجُهُ أُخْتَهَا وَأَرْبَعًا سِوَاهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[تَنْبِيهٌ] اعْلَمْ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ لَهُ شَبَهٌ بِالْمِيرَاثِ، فَلَوْ تَوَى شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَانَ عَلَى الْكُلِّ، وَلَوْ طَلَبَتْ أَخْذَ الدِّرْهَمِ وَالتَّرِكَةُ عُرُوضٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ وَشُبِّهَ بِالدَّيْنِ، حَتَّى كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهَا مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ مُؤَاخَذَةً لَهَا بِزَعْمِهَا أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ دَيْنٌ كَذَا أَفَادَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ بَعْدَ مُضِيِّهَا) أَيْ مُضِيِّ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ فَلَهَا جَمِيعُ مَا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى) لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً فَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَبَهٌ بِالْمِيرَاثِ أَصْلًا فَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا لِأَنَّهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ لَمْ تُعْطِ الزَّائِدَ عَلَى الْمِيرَاثِ لِلتُّهْمَةِ فَكَانَ مَا تَأْخُذُهُ إرْثًا نَظَرًا لِلْوَرَثَةِ وَوَصِيَّةً نَظَرًا لِزَعْمِهَا فَاعْتُبِرَ فِيهِ الشَّبَهَانِ، وَبَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ لَمْ تَبْقَ التُّهْمَةُ فَلِذَا اسْتَحَقَّتْ جَمِيعَ مَا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِهِ وَتَمَحَّضَ كَوْنُهُ دَيْنًا أَوْ وَصِيَّةً وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ الشَّبَهَيْنِ هُنَا تَبَعًا لِظَاهِرِ عِبَارَةِ النَّهْرِ لَمْ يُصِبْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَرَضِ مَوْتِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي: أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّصَادُقُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنْ صَحَّ مِنْهُ أَوْ كَانَ غَيْرَ مَرِيضٍ أَصْلًا ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا صَحَّ إقْرَارُهُ وَوَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ تَصَادَقَا ط (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ) أَيْ وَلَا وَصِيَّتُهُ مُعَامَلَةً لَهَا بِزَعْمِهَا أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَهِيَ وَارِثَةٌ، وَلَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ وَلَا إقْرَارَ لَهُ ط وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا مَاتَ فِي مَرَضِهِ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بَانَتْ مِنْهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ وَصَارَ فَارًّا فَإِذَا صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ يَصِحَّ وَمَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمْ تَرِثْ مِنْهُ فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَإِقْرَارُهُ لَهَا بِالْمَالِ، وَلَيْسَ تَكْذِيبُهَا لَهُ فِي الطَّلَاقِ السَّابِقِ رِضًا بِالطَّلَاقِ الْوَاقِعِ الْآنَ كَمَا لَا يَخْفَى هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ لَا لَوْ بَعْدَهُ) أَقُولُ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ الْإِبَانَةَ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ دَعْوَاهَا تَتَضَمَّنُ اعْتِرَافَهَا بِأَنَّهَا لَا تَرِثُ مَعَهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ فَارٍّ، أَمَّا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ الْإِبَانَةَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَلَا، لِأَنَّهَا ادَّعَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute