(كَمَنْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِأَمْرِهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهَا أَوْ أَقَرَّ) فَإِنَّ لَهَا الْأَقَلَّ.
(قَالَ صَحِيحٌ لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ بَيَّنَ) الطَّلَاقَ (فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ (فِي إحْدَاهُمَا صَارَ فَارًّا بِالْبَيَانِ فَتَرِثُ مِنْهُ) كَافِيٌّ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ صَحِيحًا وَحَنِثَ مَرِيضًا فَبَيَّنَهُ فِي إحْدَاهُمَا صَارَ فَارًّا وَلَمْ أَرَهُ نَهْرٌ
(وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (بِأَهْلِيَّتِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ لِلْمِيرَاثِ
(فَلَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي مَرَضِهِ وَقَدْ كَانَ سَيِّدُهَا أَعْتَقَهَا قَبْلَهُ) أَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً فَأَسْلَمَتْ (وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَانَ فَارًّا) فَتَرِثُهُ ظَهِيرِيَّةٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا وَقَالَ الزَّوْجُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ (وَإِنْ عَلِمَ بِكَلَامِ الْمَوْلَى كَانَ فَارًّا وَإِلَّا) يَعْلَمُ (لَا) تَرِثُ خَانِيَّةٌ.
ــ
[رد المحتار]
عَلَيْهِ طَلَاقًا تَرِثُ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّهَا لَمَّا زَعَمَتْ أَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهَا مُفَارَقَتُهُ، فَإِذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوَاجِبَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ رَاضِيَةً بِطَلَاقِهَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَيَجِبُ أَنْ تَرِثَ سَوَاءٌ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا أَوْ صَدَّقَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهَا بِمَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْهُ لِظُهُورِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَنْ طَلُقَتْ إلَخْ) جَعَلَ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مُشَبَّهًا بِهَذِهِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهَا، بِخِلَافِ الْأُولَى كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ بِأَمْرِهَا) الْأَوْلَى بِرِضَاهَا لِيَشْمَلَ اخْتِيَارَهَا نَفْسَهَا فِي التَّفْوِيضِ أَفَادَهُ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ ط (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهَا الْأَقَلَّ) أَيْ مِمَّا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِهِ وَمِنْ الْإِرْثِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِوَجْهِ الشَّبَهِ الْمُفَادِ بِالْكَافِ
(قَوْلُهُ قَالَ صَحِيحٌ) قَيَّدَ بِهِ لِيَكُونَ فِرَارُهُ بِالْبَيَانِ أَمَّا لَوْ كَانَ مَرِيضًا يَكُونُ فَارًّا بِذَلِكَ الْقَوْلِ لَا بِنَفْسِ الْبَيَانِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) أَيْ ثَلَاثًا كَمَا فِي عِبَارَةِ الْفَتْحِ عَنْ الْكَافِي وَهُوَ الْمُرَادُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَكُونُ بِهِ فَارًّا وَلَا فِرَارَ فِي الرَّجْعِيِّ (قَوْلُهُ فَتَرِثُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ بَيَّنَ الطَّلَاقَ بَعْدَ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ، كَمَا لَوْ أَنْشَأَ فَجُعِلَ إنْشَاءً فِي حَقِّ الْإِرْثِ لِلتُّهْمَةِ، وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى وَلَمْ تَرِثْ لِأَنَّهُ بَيَانٌ حُكْمِيٌّ فَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ عَنْهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
قُلْت: وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ فَارًّا بِهَذَا الْبَيَانِ مُؤَيِّدٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَيَانَ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ إيقَاعٌ لِلطَّلَاقِ مُعَلَّقًا بِشَرْطِ الْبَيَانِ مَعْنًى: أَيْ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْبَيَانِ فَيَقَعُ عِنْدَ الْبَيَانِ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إيقَاعٌ لِلْحَالِ فِي وَاحِدَةٍ غَيْرِ عَيْنٍ وَالْبَيَانُ تَعْيِينٌ لِمَنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ فَارًّا لِأَنَّ الْوُقُوعَ يَكُونُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِيهِ (قَوْلُهُ لَوْ حَلَفَ صَحِيحًا) أَيْ بِأَنْ عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ كَأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلَ زَيْدٌ دَارِهِ فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا. أَمَّا لَوْ عَلَّقَ عَلَى فِعْلِهِ صَارَ فَارًّا بِالْفِعْلِ فِي مَرَضِهِ لَا بِنَفْسِ الْبَيَانِ، فَافْهَمْ (قَوْلُهُ صَارَ فَارًّا) يَظْهَرُ لَك وَجْهُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْبَدَائِعِ
(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الزَّوْجِيَّةِ لِلْمِيرَاثِ شَرْطٌ فِي كَوْنِهِ فَارًّا فَإِذَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً فَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرِثْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِذَلِكَ لَكِنْ لَوْ كَانَتْ أُعْتِقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ فَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ صَارَ فَارًّا وَتَرِثُهُ لِتَحْقِيقِ الشَّرْطِ وَقْتَ الْإِبَانَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَ غَدٍ) أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا أَيْضًا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَدًا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مَعًا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا، وَلَوْ قَالَ إذَا أُعْتِقْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ فَارًّا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَيْ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَعْقُبُ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْفِرَارِ قَبْلَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ الْمُضَافَيْنِ إلَى الْغَدِ وَقَعَا مَعًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَعْلَمُ لَا تَرِثُ) لِأَنَّهُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَقْصِدْ إبْطَالَ حَقِّهَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْ صَارَتْ أَهْلًا قَبْلَ نُزُولِ الطَّلَاقِ وَلَمْ تَكُنْ حَرَّةً وَقْتَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ عِتْقَهَا مُضَافٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً وَقْتَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّهُ أَمْرٌ ثَابِتٌ تَأَمَّلْ.
[تَنْبِيهٌ] مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَانَ فَارًّا أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ وَإِلَّا كَانَ رَجْعِيًّا لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً وَلَا فِرَارَ فِي الرَّجْعِيِّ فَافْهَمْ.