للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَصَحِّ، وَفِي الْكِتَابِيَّةِ بِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ مُلْتَقًى لِعَدَمِ خِطَابِهَا. قُلْت: وَمُفَادُهُ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ وَالْمَعْتُوهَةَ كَذَلِكَ. (وَلَوْ اغْتَسَلَتْ وَنَسِيَتْ أَقَلَّ مِنْ عُضْوٍ تَنْقَطِعُ) لِتَسَارُعِ الْجَفَافِ، فَلَوْ تَيَقَّنَتْ عَدَمَ الْوُصُولِ، أَوْ تَرَكَتْهُ عَمْدًا لَا تَنْقَطِعُ. (وَلَوْ) نَسِيَتْ (عُضْوًا لَا) تَنْقَطِعُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ كَالْأَقَلِّ

ــ

[رد المحتار]

وَمُضِيِّ الْوَقْتِ تَبَيَّنَ صِحَّةُ النِّكَاحِ، هَكَذَا أَفَادَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا، وَهُوَ وَإِنْ خَالَفَ ظَاهِرَ الْمُتُونِ لَكِنَّ الْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ وَالْقَوَاعِدَ لَا تَأْبَاهُ اهـ أَيْ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُتُونِ تُفِيدُ أَنَّ الْقَاطِعَ لِلرَّجْعَةِ هُوَ الِاغْتِسَالُ، أَوْ مُضِيُّ الْوَقْتِ لَا نَفْسُ الِانْقِطَاعِ: أَيْ انْقِطَاعِ الدَّمِ، فَلَوْ انْقَطَعَ ثُمَّ اغْتَسَلَتْ، أَوْ مَضَى الْوَقْتُ ثُمَّ رَاجَعَهَا، أَوْ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ عَادَ الدَّمُ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ فَظَاهِرُ الْمُتُونِ صِحَّةُ التَّزَوُّجِ دُونَ الْمُرَاجَعَةِ، وَلَوْ انْقَطَعَ وَلَمْ يُعَاوِدْهَا فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ وَمُضِيِّ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ التَّزَوُّجُ وَبَقِيَتْ الرَّجْعَةُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا خِلَافُ مَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ فِي النَّهْرِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مُرَادَهُمْ بِالِانْقِطَاعِ لِمَا دُونَ الْعَشَرَةِ الِانْقِطَاعُ حَقِيقَةً بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ مُعَاوَدَةٌ لِأَنَّهُ إذَا عَاوَدَهَا وَلَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ تَبَيَّنَ أَنَّ غُسْلَهَا لَمْ يَصِحَّ وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ تَصِرْ دَيْنًا بِذِمَّتِهَا فَبَقِيَتْ الرَّجْعَةُ وَلَمْ يَصِحَّ تَزَوُّجُهَا، لَكِنْ تَبْقَى الْمُخَالَفَةُ فِيمَا لَوْ رَاجَعَهَا، أَوْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الْغُسْلِ وَمُضِيِّ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُعَاوِدْهَا الدَّمُ أَصْلًا، فَإِنَّ مُقْتَضَى الْمُتُونِ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ دُونَ التَّزَوُّجِ، وَهَذَا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَمُخَالَفَتُهُ بِمُجَرَّدِ الْبَحْثِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ.

وَإِذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ هُوَ نَفْسُهُ لِلرَّجْعَةِ فَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يَكُونَ مَشْرُوطًا بِشَرْطٍ يُقَوِّيهِ، وَهُوَ حُكْمُ الشَّرْعِ عَلَيْهَا بِأَخْذِ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ لِأَنَّهَا إذَا اغْتَسَلَتْ يُجَوِّزُ لَهَا الشَّرْعُ الْقِرَاءَةَ وَالطَّوَافَ وَنَحْوَهُمَا، وَكَذَا إذَا حُكِمَ عَلَيْهَا بِصَيْرُورَةِ الصَّلَاةِ دَيْنًا بِذِمَّتِهَا، فَإِنَّ الْقِيَاسَ بَقَاءُ حَيْضِهَا مَا دَامَتْ مُدَّةً يَعُودُ فِيهَا الدَّمُ، فَإِذَا حَكَمَ الشَّرْعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ يَكُونُ حُكْمًا مِنْهُ بِارْتِفَاعِ الْحَيْضِ مَا لَمْ يُتَيَقَّنْ عَدَمُهُ بِالْعَوْدِ فِي الْمُدَّةِ، فَإِذَا عَادَ زَالَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَإِلَّا بَقِيَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعْمَلُ الِانْقِطَاعُ عَمَلَهُ مِنْ انْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ وَصِحَّةِ التَّزَوُّجِ إلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ الْمُسْتَمِرُّ، فَإِذَا زَالَ بِعَوْدِ الدَّمِ بَطَلَ عَمَلُهُ، وَإِنْ بَقِيَ الْحُكْمُ بَقِيَ الْعَمَلُ، وَعَنْ هَذَا - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى بَعْضِ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ الَّذِي يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ وَتَرَكَ مِنْهُ مَا لَا يُمْكِنُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) نَقَلَ تَصْحِيحَهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ، وَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ، لَكِنْ نَقَلَ فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الْفَتَاوَى تَصْحِيحَ انْقِطَاعِهَا بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ، وَلَوْ مَسَّتْ الْمُصْحَفَ، أَوْ قَرَأَتْ الْقُرْآنَ، أَوْ دَخَلَتْ الْمَسْجِدَ، قَالَ الْكَرْخِيُّ تَنْقَطِعُ، وَقَالَ الرَّازِيّ لَا، كَذَا فِي الْفَتْحِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. قَالَ فِي النَّهْرِ وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالصَّلَاةِ يُومِئُ إلَى مُدَّةِ اخْتِيَارِ قَوْلِ الرَّازِيّ وَهَذِهِ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: تَنْقَطِعُ بِمُجَرَّدِ التَّيَمُّمِ. وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ مُطْلَقَةٌ وَرَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ) أَيْ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى غُسْلٍ، أَوْ مُضِيِّ وَقْتٍ، أَوْ تَيَمُّمٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ لِعَدَمِ خِطَابِهَا بِالْأَدَاءِ حَالَةَ الْكُفْرِ (قَوْلُهُ: قُلْت: وَمُفَادُهُ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَنَسِيَتْ أَقَلَّ مِنْ عُضْوٍ) كَالْأُصْبُعِ وَالْأُصْبُعَيْنِ وَبَعْضِ الْعَضُدِ وَالسَّاعِدِ بَحْرٌ، وَالْمُرَادُ بِالنِّسْيَانِ الشَّكُّ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا وَجَدَتْ بَعْضَ الْعُضْوِ جَافًّا وَلَمْ تَدْرِ هَلْ أَصَابَهُ مَاءٌ، أَوْ لَا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ وَطَّ (قَوْلُهُ: تَنْقَطِعُ) أَيْ الرَّجْعَةُ، وَقَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا قُرْبَانُهَا وَلَا يَحِلُّ تَزَوُّجُهَا بِآخَرَ مَا لَمْ تَغْسِلْ تِلْكَ اللُّمْعَةَ، أَوْ يَمْضِي عَلَيْهَا أَدْنَى وَقْتِ صَلَاةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاغْتِسَالِ بَحْرٌ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ: أَيْ احْتِيَاطًا فِي أَمْرِ الْفُرُوجِ نَهْرٌ فَلِذَا لَمْ يَعْتَبِرُوا هُنَا مَا اعْتَبَرُوهُ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَكَّ قَبْلَ الْفَرَاغِ غَسَلَ مَا شَكَّ فِيهِ، وَلَوْ بَعْدَهُ لَا يُعْتَبَرُ، فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: لِتَسَارُعِ الْجَفَافِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِيمَا إذَا حَصَلَ الشَّكُّ قَبْلَ ذَهَابِ الْبَلَّةِ، فَلَوْ شَكَّتْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ ذَهَبَتْ فِيهَا الْبَلَّةُ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ سَوَاءٌ حَصَلَ الشَّكُّ فِي عُضْوٍ تَامٍّ، أَوْ أَقَلَّ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْعِلَّةِ هُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَسِيَتْ عُضْوًا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>