للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُمَا عُضْوٌ وَاحِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ بَهْنَسِيٌّ.

(طَلَّقَ حَامِلًا مُنْكِرًا وَطْأَهَا فَرَاجَعَهَا) قَبْلَ الْوَضْعِ (فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَصَاعِدًا) مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ (صَحَّتْ) رَجْعَتُهُ السَّابِقَةُ، وَتَوَقُّفُ ظُهُورِ صِحَّتِهَا عَلَى الْوَضْعِ لَا يُنَافِي صِحَّتَهَا قَبْلَهُ، فَلَا مُسَامَحَةَ فِي كَلَامِ الْوِقَايَةِ.

ــ

[رد المحتار]

كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا عُضْوٌ وَاحِدٌ) أَيْ بِمَنْزِلَتِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا دُونَ الْعُضْوِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ تَرْكُ كُلٍّ بِانْفِرَادِهِ كَتَرْكِ عُضْوٍ، وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ الْأَوَّلِ فِي الْمُلْتَقَى حَيْثُ قَدَّمَهُ، وَفِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ أَخَّرَهُ مَعَ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّ فِي فَرْضِيَّتِهِ اخْتِلَافًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ.

(قَوْلُهُ: طَلَّقَ حَامِلًا) أَيْ مَنْ ظَهَرَ كَوْنُهَا حَامِلًا وَقْتَ الطَّلَاقِ بِوِلَادَتِهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَرَاجَعَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ) هَذَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ بَعْدَ الْوَضْعِ لَا مُرَاجَعَةَ (قَوْلُهُ: فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ) كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ، وَهَذِهِ هِيَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْوَلَدَ عَلِقَ بَعْدَ النِّكَاحِ قَبْلَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: صَحَّتْ رَجْعَتُهُ السَّابِقَةُ) أَيْ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ فَرَاجَعَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ، أَيْ ظَهَرَ بِهَذِهِ الْوِلَادَةِ أَنَّ تِلْكَ الرَّجْعَةَ كَانَتْ صَحِيحَةً وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى إنْكَارِهِ الْوَطْءَ أَنَّهَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا عَلَى زَعْمِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَهُ لَا رَجْعَةَ لَهَا، لَكِنْ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا فَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ.

مَطْلَبٌ فِيمَا قِيلَ إنَّ الْحَبَلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ: وَتَوَقُّفُ ظُهُورِ صِحَّتِهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْوِقَايَةِ طَلَّقَ ذَاتَ حَمْلٍ، أَوْ وَلَدٍ وَقَالَ: " لَمْ أَطَأْ ": رَاجَعَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمَا.

وَاعْتَرَضَهُمْ الْمُحَقِّقُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ بِأَنَّ ذَاتَ الْحَمْلِ فِيهَا إشْكَالٌ وَذَلِكَ أَنَّ وُجُودَ الْحَمْلِ وَقْتَ الطَّلَاقِ إنَّمَا يُعْرَفُ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِهِ، وَإِذَا وَلَدَتْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَكَيْفَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ أَيْ بِأَنْ يُحْكَمَ بِصِحَّتِهَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ الْوَطْءَ لَمْ يَكُنْ مُكَذَّبًا شَرْعًا إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا قَبْلَهَا، فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَمَنْ طَلَّقَ حَامِلًا مُنْكِرًا وَطْأَهَا فَرَاجَعَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ اهـ مُلَخَّصًا، وَقَدْ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَتْنِهِ كَمَا رَأَيْت، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ الْوِقَايَةِ بِأَنَّ قَوْلَهُ رَاجَعَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ رَاجَعَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ مُتَوَقِّفَةً عَلَى الْوِلَادَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَتَوَقُّفُ ظُهُورِ صِحَّتِهَا عَلَى الْوِلَادَةِ لَا يُنَافِي صِحَّتَهَا لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْبُعْدِ، لَكِنْ انْتَصَرَ فِي الْبَحْرِ لِلْمَشَايِخِ، وَرَدَّ قَوْلَ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ وُجُودَ الْحَمْلِ إلَخْ بِأَنَّ الْحَمْلَ يَثْبُتُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ، لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ أَنَّ حَمْلَ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ يَثْبُتُ بِظُهُورِهِ قَبْلَ الْوَضْعِ، وَفِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالْحَبَلِ الظَّاهِرِ اهـ أَيْ وَإِذَا كَانَ الْحَمْلُ يَثْبُتُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ قَبْلَهَا. وَرَدَّهُ أَيْضًا يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَوَاشِيهِ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ سَيَجِيءُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَنَّهُ لَوْ رَاجَعَهَا ثُمَّ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ عَامَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُ. قَالَ: فَعُلِمَ أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ بِالْوِلَادَةِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ.

أَقُولُ: وَقَدْ أَجَابَ عَنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ كَلَامَ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ تَحْقِيقٌ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>