للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[رد المحتار]

وَقَوْلُ مَنْ رَدَّهُ بِأَنَّ الْحَمْلَ يَثْبُتُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِهِ قَبْلَهُ مَرْدُودٌ. أَمَّا مَا اُسْتُدِلَّ بِهِ فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ فَرِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُرَدُّ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ بِالْعَيْبِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا لِلْخُصُومَةِ لَا لِلرَّدِّ، وَأَمَّا مَا فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ قَوْلِهِمْ الْحَبَلُ الظَّاهِرُ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِالْفِرَاشِ وَالْوِلَادَةِ بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ، وَالْخِلَافُ هُنَاكَ مَعْرُوفٌ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إذَا جَحَدَ الزَّوْجُ وِلَادَةَ الْمُعْتَدَّةِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَبَلُ ظَاهِرًا فَيَثْبُتَ مَعَهُ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ الْقَابِلَةُ، فَلَيْسَ فِي هَذَا أَنَّ الْحَبَلَ يَثْبُتُ وَإِنَّمَا ظُهُورُهُ يُؤَيِّدُ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ. وَأَمَّا ثُبُوتُهُ فَمُتَوَقِّفٌ عَلَى الْوِلَادَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ حَبِلْتِ فَطَالِقٌ، فَقَالَ: لَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا، ثُمَّ قَالَ: إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوَلَدِ، فَلَمْ يُثْبِتْهُ إلَّا بِالْوِلَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ، وَظُهُورُهُ لَا يُسَمَّى ثُبُوتًا وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الثُّبُوتِ. اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِي حَرَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ هُنَاكَ أَنَّ الْوِلَادَةَ تَثْبُتُ بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ وَلَدْتُ إذَا كَانَ هُنَاكَ حَبَلٌ ظَاهِرٌ، أَوْ فِرَاشٌ قَائِمٌ أَوْ اعْتِرَافٌ مِنْ الزَّوْجِ بِظُهُورِ الْحَبَلِ، حَتَّى لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِوِلَادَتِهَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا وَلَدْتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَشَهَادَةُ الْقَابِلَةِ شَرْطٌ عِنْدَهُ لِتَعْيِينِ الْوَلَدِ، وَعِنْدَهُمَا لَا تَثْبُتُ الْوِلَادَةُ إلَّا بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ، فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْوِلَادَةَ تَثْبُتُ بِظُهُورِ الْحَبَلِ عِنْدَهُ، وَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ هُنَاكَ: إنَّ الْمُرَادَ بِظُهُورِهِ أَنْ تَظْهَرَ أَمَارَاتُهُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ ظَنُّ كُلِّ مَنْ شَاهَدَهَا بِكَوْنِهَا حَامِلًا، نَعَمْ يُعْتَبَرُ ظُهُورُهُ حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُ غَيْرُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ يُنَافِي صِحَّةَ رَجْعَتِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ بِأَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ أَخْبَرَتْ الْمُعْتَدَّةُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ ادَّعَتْ الْحَبَلَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى ظُهُورِ الْحَبَلِ وَإِنَّمَا نَظَرُوا إلَى وِلَادَتِهَا، فَإِذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِخْبَارِ ثَبَتَ النَّسَبُ لِلتَّيَقُّنِ بِكَذِبِهَا، وَلَوْ لِأَكْثَرَ فَلَا لِلتَّنَاقُضِ، فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى ظُهُورِ الْحَبَلِ عِنْدَ التَّنَاقُضِ، وَإِنَّمَا نَظَرُوا إلَى مَا يَظْهَرُ بِهِ كَذِبُ الْإِخْبَارِ الْأَوَّلِ يَقِينًا، فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قَالَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْوَجْهِ الثَّانِي فَهُوَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ مَفْرُوضٌ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالْخَلْوَةِ بِهَا، وَالطَّلَاقَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ، وَمُعْتَدَّةُ الرَّجْعِيِّ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ، لَكِنْ إنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ كَانَتْ الْوِلَادَةُ رَجْعَةً وَإِلَّا لَا لِجَوَازِ عُلُوقِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعِدَّةِ، فَإِذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَكَانَ قَدْ رَاجَعَهَا بِالْقَوْلِ مَثَلًا تَبَيَّنَ صِحَّةُ تِلْكَ الرَّجْعَةِ بِالْوِلَادَةِ لِأَقَلَّ مِنْ عَامَيْنِ، أَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ بِالْخَلْوَةِ لِتَلْزَمَهَا الْعِدَّةُ فَإِذَا طَلَّقَهَا يَكُونُ طَلَاقًا قَبْلَ الدُّخُولِ ظَاهِرًا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، فَإِذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ، فَإِذَا كَانَ قَدْ رَاجَعَهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ تَبَيَّنَ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ لِأَنَّهَا فِي الْعِدَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّ الرَّجْعَةَ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ، لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، فَإِنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا لَا يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ مِنْهُ بِأَنْ تَجِيءَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي تَوَقُّفِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ، وَأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَّا بِالْوِلَادَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لِأَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>