(كَمَا) صَحَّتْ (لَوْ طَلَّقَ مَنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ) فَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ فَلَا رَجْعَةَ لِمُضِيِّ الْمُدَّةِ (مُنْكِرًا وَطْأَهَا) لِأَنَّ الشَّرْعَ كَذَّبَهُ بِجَعْلِ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ، فَبَطَلَ زَعْمُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِإِقْرَارِهِ حَقُّ الْغَيْرِ (وَلَوْ خَلَا بِهَا ثُمَّ أَنْكَرَهُ) أَيْ الْوَطْءَ (ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا) يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُكَذِّبْهُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ وَأَنْكَرَتْهُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ وَلَوْ لَمْ يَخْلُ بِهَا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهَا وَلْوَالِجِيَّةٌ. (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَرَاجَعَهَا) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ حَوْلَيْنِ) مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ (صَحَّتْ) رَجْعَتُهُ السَّابِقَةُ لِصَيْرُورَتِهِ مُكَذَّبًا كَمَا مَرَّ.
(وَلَوْ قَالَ: إنْ وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ) فَطَلُقَتْ فَاعْتَدَّتْ (ثُمَّ) وَلَدَتْ (آخَرَ بِبَطْنَيْنِ) يَعْنِي بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّ امْتِدَادَ الطُّهْرِ لَا غَايَةَ لَهُ إلَّا الْيَأْسُ (فَهُوَ) أَيْ الْوَلَدُ الثَّانِي (رَجْعَةٌ) إذْ يُجْعَلُ الْعُلُوقُ بِوَطْءٍ حَادِثٍ فِي الْعِدَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا بِبَطْنٍ وَاحِدٍ.
(وَفِي كُلَّمَا وَلَدْتِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ -
ــ
[رد المحتار]
مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُخْتَلَى بِهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَتَصِحُّ رَجْعَتُهَا وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ الَّذِي زَلَّتْ فِيهِ الْأَفْهَامُ وَالسَّلَامُ، فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: مَنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ) أَيْ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِإِقْرَارِهِ حَقُّ الْغَيْرِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يَرِدُ مَا أَوْرَدَهُ فِي الْكَافِي بِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِعَبْدٍ لِآخَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ ثُمَّ وَصَلَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا لِكَوْنِهِ تَعَلَّقَ بِإِقْرَارِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الرَّجْعَةِ اهـ ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُكَذِّبْهُ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ إلَّا فِي عِدَّةِ الدُّخُولِ: أَيْ الْوَطْءِ لَا فِي عِدَّةِ الْخَلْوَةِ وَهُوَ قَدْ أَنْكَرَ الْوَطْءَ فَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالرَّجْعَةُ حَقُّهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الشَّرْعُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا. وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ بِالْخَلْوَةِ يَتَأَكَّدُ الْمَهْرُ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ لِأَنَّ تَأَكُّدَ الْمَهْرِ يُبْتَنَى عَلَى تَسْلِيمِ الْمُبْدَلِ وَالْعِدَّةُ تَجِبُ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الْوَطْءِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إثْبَاتُ الْوَطْءِ فَلَمْ يَكُنْ مُكَذَّبًا شَرْعًا بِإِنْكَارِهِ، كَذَا يُفَادُ مِنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّجْعَةُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ فَإِنَّ الْخَلْوَةَ دَلَالَةُ الدُّخُولِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) يَعْنِي اخْتَلَى بِهَا وَأَنْكَرَ وَطْأَهَا (قَوْلُهُ: صَحَّتْ رَجْعَتُهُ) أَيْ ظَهَرَ صِحَّتُهَا (قَوْلُهُ: لِصَيْرُورَتِهِ مُكَذَّبًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَمْ أُجَامِعْهَا لِأَنَّهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ نَزَلَ وَاطِئًا قَبْلَ الطَّلَاقِ لَا بَعْدَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الزِّنَا نَهْرٌ، وَقَدَّمْنَا تَحْقِيقَ الْمَسْأَلَةِ.
(قَوْلُهُ: فَاعْتَدَّتْ) أَيْ دَخَلَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْبَحْرِ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ مَضَتْ عِدَّتُهَا حَتَّى يُقَالَ: إنَّ الصَّوَابَ حَذْفُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: بِبَطْنَيْنِ) حَالٌ مِنْ مَفْعُولِ " وَلَدَتْ " الْأَوَّلِ وَ " وَلَدَتْ " الثَّانِي لَا مُتَعَلِّقٌ بِوَلَدَتْ (قَوْلُهُ: يَعْنِي بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بِبَطْنَيْنِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ تَعَيَّنَ كَوْنُ الثَّانِي مَوْجُودًا قَبْلَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ قَدْ اجْتَمَعَا فِي بَطْنٍ، فَلَا تَكُونُ وِلَادَةُ الثَّانِي رَجْعَةً لِأَنَّهُ عَلِقَ قَبْلَ الطَّلَاقِ يَقِينًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ رَجْعَةٌ) أَيْ الْوَطْءُ - الَّذِي كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ - رَجْعَةٌ وَأَسْنَدَهَا إلَيْهِ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: بِوَطْءٍ حَادِثٍ) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ فِي الْعِدَّةِ فَيَصِيرُ بِهِ مُرَاجِعًا حَمْلًا لِحَالِهِمَا عَلَى الصَّلَاحِ حَيْثُ لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، كَمَا إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِوَطْءٍ حَادِثٍ أَلْبَتَّةَ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رَجْعَةً لِاحْتِمَالِ عُلُوقِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ سَاقِطٌ هُنَا لِأَنَّهُمَا مَتَى كَانَا مِنْ بَطْنَيْنِ كَانَ الثَّانِي مِنْ وَطْءٍ حَادِثٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَلْبَتَّةَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي شَرْحِ مِسْكِينٍ مِنْ دَعْوَى الْمُخَالَفَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) قَدْ عَلِمْتَ وَجْهَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute