(وَحُكْمُهُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ إنْ بَرَّ) وَلَمْ يَطَأْ (وَ) لَزِمَ (الْكَفَّارَةُ، أَوْ الْجَزَاءُ) الْمُعَلَّقُ (إنْ حَنِثَ) بِالْقُرْبَانِ.
(وَ) الْمُدَّةُ (أَقَلُّهَا لِلْحُرَّةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَلِلْأَمَةِ شَهْرَانِ) وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا، فَلَا إيلَاءَ بِحَلِفِهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْأَقَلَّيْنِ.
وَسَبَبُهُ كَالسَّبَبِ فِي الرَّجْعِيِّ.
وَأَلْفَاظُهُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ
ــ
[رد المحتار]
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يُقَيِّدَ بِزَمَانٍ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالزَّمَانِ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ، وَإِنْ أُرِيدَ نَفْيُ مَا دُونَهَا فَهُوَ مَا زَادَهُ الشَّارِحُ فَافْهَمْ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَسْتَثْنِيَ بَعْضَ الْمُدَّةِ، مِثْلُ لَا أَقْرَبُكِ سَنَةً إلَّا يَوْمًا عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ سَيَأْتِي، وَأَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ عَنْ الْقُرْبَانِ فَقَطْ، لِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ قَالَ: إنْ قَرِبْتُكِ، أَوْ دَعَوْتُكِ إلَى الْفِرَاشِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَصِيرُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْقُرْبَانُ بِلَا شَيْءٍ يَلْزَمُهُ بِأَنْ يَدْعُوَهَا إلَى الْفِرَاشِ فَيَحْنَثَ ثُمَّ يَقْرَبَهَا فِي الْمُدَّةِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ) أَيْ الدُّنْيَوِيُّ، أَمَّا الْأُخْرَوِيُّ فَالْإِثْمُ إنْ لَمْ يَفِئْ إلَيْهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦] وَصَرَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ النُّتَفِ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ مَكْرُوهٌ، وَصَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ جَزَاءٌ لِظُلْمِهِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَلْزَمُهُ الْمَعْصِيَةُ، إذْ قَدْ يَكُونُ بِرِضَاهَا لِخَوْفِ غَيْلٍ عَلَى الْوَلَدِ وَعَدَمِ مُوَافَقَةِ مِزَاجِهَا وَنَحْوِهِ فَيَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ لِقَطْعِ لِجَاجِ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطَأْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَالْمُرَادُ بِالْوَطْءِ حَقِيقَتُهُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْقَوْلِ عِنْدَ الْعَجْزِ، فَالْمُرَادُ وَلَمْ يَفِئْ: أَيْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْكَفَّارَةُ، أَوْ الْجَزَاءُ) بِالْعَطْفِ بِأَوْ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ مُوَافِقًا لِمَا فِي الدُّرَرِ وَشَرْحِ الْمُصَنِّفِ، وَهِيَ بِمَعْنَى " أَوْ " لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ نَوْعَيْهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي: فَفِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ وَفِي غَيْرِهِ وَجَبَ الْجَزَاءُ أَيْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَالْحَجِّ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْوَاوِ عَلَى مَعْنَاهَا، إذْ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُ الْكَفَّارَةِ وَالْجَزَاءِ فِي نَحْوِ " وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ وَإِنْ قَرِبْتُكِ فَعَلَيَّ حَجُّ كَذَا " قِيلَ: وَفِيهِ أَنَّهُمَا إيلَاءٌ أَنْ يَجِبَ بِالْحِنْثِ فِي أَحَدِهِمَا الْكَفَّارَةُ وَفِي الْآخَرِ الْجَزَاءُ وَإِنْ وَقَعَ عِنْدَ الْبِرِّ طَلَاقٌ وَاحِدٌ بِدَلِيلِ مَا قَالُوا فِي: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إذَا كَرَّرَهُ ثَلَاثًا وَلَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ أَنَّهُ أَيْمَانٌ ثَلَاثَةٌ يَجِبُ لِكُلٍّ كَفَّارَةٌ وَيَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: إنْ حَنِثَ بِالْقُرْبَانِ) أَيْ الْوَطْءِ حَقِيقَةً، فَلَا يَحْنَثُ بِالْفَيْءِ بِاللِّسَانِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَلَوْ وَطِئَ بَعْدَهُ فِي الْمُدَّةِ حَنِثَ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ) لَا خِلَافَ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ اُعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ بِالْأَهِلَّةِ، وَلَوْ وَقَعَ فِي بَعْضِهِ فَلَا رِوَايَةَ عَنْ الْإِمَامِ. وَقَالَ الثَّانِي: تُعْتَبَرُ بِالْأَيَّامِ. وَعَنْ زُفَرَ اعْتِبَارُ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ بِالْأَيَّامِ وَالشَّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِالْأَهِلَّةِ، وَيُكْمَلُ أَيَّامُ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ بِالْأَيَّامِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الرَّابِعِ نَهْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَلِلْأَمَةِ شَهْرَانِ) يَعُمُّ مَا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، وَلَوْ أُعْتِقَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ بَعْدَ مَا طَلُقَتْ انْتَقَلَتْ إلَى مُدَّةِ الْحَرَائِرِ نَهْرٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: فَلَا إيلَاءَ) أَيْ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ بَدَائِعُ: أَيْ لَا فِي حَقِّ الْحِنْثِ، فَلَوْ قَالَ لِحُرَّةٍ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ شَهْرَيْنِ، وَلَمْ يَقْرَبْهَا فِيهِمَا لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قَرِبَهَا فِيهِمَا حَنِثَ.
(قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ كَالسَّبَبِ فِي الرَّجْعِيِّ) وَهُوَ الدَّاعِي مِنْ قِيَامِ الْمُشَاجَرَةِ وَعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ نَهْرٌ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ وَكَأَنَّهُ خَصَّ الرَّجْعِيَّ لِكَوْنِهِ أَشْبَهَ فِي الْبَيْنُونَةِ مَآلًا عَلَى مَا مَرَّ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ) وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ: صَرِيحٌ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ وَكِنَايَةٌ، فَالصَّرِيحُ لَفْظَانِ الْجِمَاعُ وَالنَّيْكُ، أَمَّا الْقُرْبَانُ وَالْمُبَاضَعَةُ وَالْوَطْءُ فَهِيَ كِنَايَاتٌ تَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْأَوْلَى جَعْلُ الْكُلِّ مِنْ الصَّرِيحِ لِأَنَّ الصَّرَاحَةَ مَنُوطَةٌ بِتَبَادُرِ الْمَعْنَى لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ حَقِيقَةً، أَوْ مَجَازًا لَا بِالْحَقِيقَةِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ كَوْنُ الصَّرِيحِ لَفْظَ النَّيْكِ فَقَطْ. وَفِي الْبَدَائِعِ: الِافْتِضَاضُ فِي الْبِكْرِ يَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ اهـ وَسَتَأْتِي أَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute