للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَ) مِنْ الصَّرِيحِ (لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ) وَكُلِّ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ (لَا أَقْرَبُكِ) لِغَيْرِ حَائِضٍ ذَكَرَهُ سَعْدِيٌّ لِعَدَمِ إضَافَةِ الْمَنْعِ حِينَئِذٍ إلَى الْيَمِينِ (أَوْ) وَاَللَّهِ (لَا أَقْرَبُكِ) لَا أُجَامِعُكِ لَا أَطَؤُكِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْكِ مِنْ جَنَابَةٍ (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) وَلَوْ

ــ

[رد المحتار]

وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ ادَّعَى فِي الصَّرِيحِ أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ الْجِمَاعَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً. الْكِنَايَةُ: كُلُّ لَفْظٍ لَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مَعْنَى الْوِقَاعِ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، وَلَا يَكُونُ إيلَاءً بِلَا نِيَّةٍ وَيُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: فَمِنْ الصَّرِيحِ إلَخْ) ذَكَرَ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَلْفَاظٍ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ بَقِيَ غَيْرُهَا، فَإِنَّ مِنْهُ قَوْلَهُ لِلْبِكْرِ لَا أَفْتَضُّكِ كَمَا مَرَّ. وَفِي الْمُنْتَفَى: " لَا أَنَامُ مَعَكِ " إيلَاءٌ بِلَا نِيَّةٍ، وَكَذَا لَا يَمَسُّ فَرْجِي فَرْجَكِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنْ لَا أَبِيتَ مَعَكِ فِي فِرَاشٍ كِنَايَةٌ، وَمَا فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَكِ لَا يَصِيرُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَلُفَّ ذَكَرَهُ بِشَيْءٍ، أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ. وَظَاهِرُ مَا فِي الْجَوَامِعِ أَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً.

قُلْت: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مَا فِي الْمُنْتَقَى مِنْ أَنَّ اللَّفْظَيْنِ مِنْ الصَّرِيحِ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الصَّرَاحَةَ مَنُوطَةٌ بِتَبَادُرِ الْمَعْنَى وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِكَ: فُلَانٌ نَامَ مَعَ زَوْجَتِهِ هُوَ الْوَطْءُ، نَعَمْ لَا يَتَبَادَرُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِكَ: بَاتَ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَتَبْقَى الْمُخَالَفَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَسِّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِمْكَانِ لَا يُنَافِي التَّبَادُرَ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْمُبَاضَعَةُ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى وَضْعِ الْبُضْعِ عَلَى الْبُضْعِ أَيْ الْفَرْجِ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْجِمَاعُ، وَكَذَا الِافْتِضَاضُ: أَيْ إزَالَةُ الْبَكَارَةِ يُمْكِنُ بِأُصْبُعٍ وَنَحْوِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ إلَخْ) قَيَّدَ بِالْقَسَمِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا أَقْرَبُكِ وَلَمْ يَقُلْ وَاَللَّهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بَحْرٌ: أَيْ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لُزُومِ مَا يَشُقُّ.

(قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ) " كُلُّ " مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ تَقْدِيرُهُ كَذَلِكَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ وَاَللَّهِ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ كَقَوْلِهِ تَاللَّهِ، وَعَظَمَةِ اللَّهِ، وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، فَخَرَجَ مَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ كَقَوْلِهِ وَعِلْمِ اللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ، وَعَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَخَطُهُ إنْ قَرِبْتُكِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا أَقْرَبُكِ) أَيْ بِلَا بَيَانِ مُدَّةٍ، أَشَارَ إلَى أَنَّهُ كَالْمُؤَقَّتِ بِمُدَّةِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ كَالتَّأْبِيدِ، وَمِثْلُهُ لَوْ جَعَلَ لَهُ غَايَةً لَا يُرْجَى وُجُودُهَا فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، كَقَوْلِهِ فِي رَجَبٍ لَا أَقْرَبُكِ حَتَّى أَصُومَ الْمُحَرَّمَ، وَكَقَوْلِهِ إلَّا فِي مَكَانِ كَذَا، أَوْ حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدَكِ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ، وَلَوْ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا.

وَكَذَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوْ حَتَّى تَخْرُجَ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّجَّالُ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ لِلتَّأْبِيدِ، وَكَذَا إنْ كَانَ يُرْجَى وُجُودُهَا فِي مُدَّتِهِ، لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ النِّكَاحِ مَعَهُ كَحَتَّى تَمُوتِي، أَوْ أَمُوتَ، أَوْ أُطَلِّقَكِ ثَلَاثًا، أَوْ حَتَّى أَمْلِكَكِ أَوْ أَمْلِكَ شِقْصًا مِنْكِ وَهِيَ أَمَةٌ، وَإِنْ تُصُوِّرَ بَقَاؤُهُ كَحَتَّى أَشْتَرِيَكِ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّ مُطْلَقَ الشِّرَاءِ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهَا لِغَيْرِهِ. وَلَوْ زَادَ لِنَفْسِي فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الشِّرَاءُ فَاسِدًا لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ. حَتَّى لَوْ قَالَ لِنَفْسِي وَأَقْبِضُكِ كَانَ مُولِيًا فَيَصِيرُ تَقْدِيرُهُ لَا أَقْرَبُكِ مَا دُمْتِ فِي نِكَاحِي، وَلَوْ قَالَ حَتَّى أُعْتِقَ عَبْدِي، أَوْ أُطَلِّقَ زَوْجَتِي فَهُوَ إيلَاءٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِهِ فِي حَتَّى أَدْخُلَ الدَّارَ، أَوْ أُكَلِّمَ زَيْدًا كَمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَائِضٍ إلَخْ) فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا لِلشَّامِلِ: حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّ الزَّوْجَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْوَطْءِ بِالْحَيْضِ فَلَا يَصِيرُ الْمَنْعُ مُضَافًا لِلْيَمِينِ اهـ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الصَّرِيحَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لَا يَقَعُ بِهِ لِوُجُودِ صَارِفٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَقَيَّدَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بَحْثًا بِمَا ذَكَرَهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِحَيْضِهَا. وَفَصَّلَ سَعْدِيٌّ فِي حَوَاشِي الْعِنَايَةِ بِحَمْلِ مَا فِي الشَّامِلِ عَلَى مَا إذَا قَالَ: لَا أَقْرَبُكِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ أَمَّا لَوْ قَالَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا لِغَيْرِ حَائِضٍ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَهُ فِي الْمُقَيَّدِ وَلَوْ لِحَائِضٍ. وَأَوْضَحَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يَكُونُ قَرِينَةً عَلَى إضَافَةِ الْمَنْعِ إلَى الْيَمِينِ. اهـ. أَقُولُ: هَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّامِلِ وَهِيَ حَائِضٌ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الزَّوْجِ، لَكِنْ ذَكَرَ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ مَفْعُولِ يَقْرَبُهَا لَا مِنْ فَاعِلِ حَلَفَ أَيْ فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الزَّوْجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>