للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوَ ذَلِكَ كَأَنْتِ مَعِي فِي الْحَرَامِ (إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ، وَهَدَرٌ إنْ نَوَى الْكَذِبَ) وَذَا دِيَانَةً، وَأَمَّا قَضَاءً فَإِيلَاءٌ قُهُسْتَانِيٌّ (وَتَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ) إنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهَا وَيُفْتَى بِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ

ــ

[رد المحتار]

ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: ثُمَّ ذَكَرَ اخْتِيَارَ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ تَبِينُ امْرَأَتُهُ بِلَا نِيَّةٍ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ انْصِرَافُهُ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عُرْفًا، وَإِذَا نَوَى تَحْرِيمَ الْمَرْأَةِ لَا يَخْتَصُّ بِهَا بَلْ يَصِيرُ شَامِلًا لَهَا وَلِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا هُنَا مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ نِيَّةِ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ أَوْ الظِّهَارِ، أَوْ الْكَذِبِ، أَوْ الطَّلَاقِ خَاصٌّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ عَامًّا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَامًّا مِثْلُ كُلِّ حِلٍّ، أَوْ حَلَالِ اللَّهِ أَوْ حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ بِلَا نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ، وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا إنْ نَوَاهَا، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِانْصِرَافِهِ إلَى الطَّلَاقِ الْبَائِنِ عَامًّا كَانَ، أَوْ خَاصًّا فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْخَاصَّةِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: إيلَاءٌ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقٌ فِي مَعْنَى الْمُؤَبَّدِ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ. قَالَ فِي الدُّرِّ: فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُجْمَلٌ فَكَانَ بَيَانُهُ إلَى الْمُجْمِلِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا كَانَ يَمِينًا وَيَصِيرُ بِهِ مُولِيًا، لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ (قَوْلُهُ: وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ) لِأَنَّ فِي الظِّهَارِ حُرْمَةً، فَإِذَا نَوَاهُ صَحَّ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ دُرَرٌ (قَوْلُهُ: وَهَدَرٌ) بِالتَّحْرِيكِ أَيْ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى الْكَذِبَ) لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ إذْ حَقِيقَتُهُ وَصْفُهَا بِالْحُرْمَةِ وَهِيَ مَوْصُوفَةٌ بِالْحِلِّ فَكَانَ كَذِبًا.

وَأُورِدَ: لَوْ كَانَ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ لَانْصَرَفَ إلَيْهِ بِلَا نِيَّةٍ مَعَ أَنَّهُ بِلَا نِيَّةٍ يَنْصَرِفُ إلَى الْيَمِينِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ حَقِيقَةٌ أُولَى فَلَا تُنَالُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَالْيَمِينَ الْحَقِيقَةُ الثَّانِيَةُ بِوَاسِطَةِ الِاشْتِهَارِ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأُولَى حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ وَالثَّانِيَةَ عُرْفِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَضَاءً فَإِيلَاءٌ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَذِبَ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ بِالنَّصِّ وَهَذَا قَوْلُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، لَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْعُرْفِ الْحَادِثِ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِيهِ عُرْفَيْنِ: عُرْفٌ أَصْلِيٌّ - وَهُوَ كَوْنُهُ يَمِينًا بِمَعْنَى الْإِيلَاءِ -، وَعُرْفٌ حَادِثٌ - وَهُوَ إرَادَةُ الطَّلَاقِ -، وَمَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - مِنْ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ، بَلْ يَكُونُ إيلَاءً - مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ الْأَصْلِيِّ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْعُرْفِ الْحَادِثِ لِأَنَّ كَلَامَ كُلِّ عَاقِدٍ وَحَالِفٍ وَنَحْوِهِ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ وَإِنْ خَالَفَ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ، كَمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ أَوْ الْمُفْتِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ، أَوْ يُفْتِيَ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَتْرُكَ الْعُرْفَ، فَكَانَ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَلَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْإِيلَاءِ لَيْسَ هُوَ الصَّوَابَ فِي زَمَانِنَا، بَلْ الصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْحَادِثُ الْمُفْتَى بِهِ فَقَوْلُهُ: فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى احْتِرَازٌ عَنْ إرَادَةِ الْيَمِينِ أَيْ الْإِيلَاءِ الَّذِي هُوَ الْعُرْفُ الْأَصْلِيُّ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مِنْ أَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِأَنَّ الْعَمَلَ وَالْفَتْوَى إنَّمَا هُوَ انْصِرَافُهُ إلَى الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَا فِي كَوْنِهِ يَمِينًا. اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى الطَّلَاقَ) أَيْ: أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَالُ نَهْرٌ: أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ، أَمَّا فِي حَالَةِ الرِّضَا أَوْ الْغَضَبِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَصْلُحُ سَبًّا كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْكِنَايَاتِ فَافْهَمْ، وَشَمِلَ نِيَّةُ الطَّلَاقِ مَا إذَا نَوَى وَاحِدَةً، أَوْ ثِنْتَيْنِ فِي الْحُرَّةِ وَمَا إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ نَاوِيًا ثِنْتَيْنِ فَإِنَّهُ وَإِنْ تَمَّ بِهِ الثَّلَاثُ لَمْ يَقَعْ بِالْحَرَامِ إلَّا وَاحِدَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي فِي الْفُرُوعِ آخِرَ الْبَابِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهَا) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ الْكِنَايَاتِ عَلَى مَا مَرَّ وَفِيهَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ نَهْرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>