للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الْكَلَامُ ثُمَّ الْفِقْهُ ثُمَّ الْأَخْبَارُ وَالْمَوَاعِظُ ثُمَّ التَّفْسِيرُ. تُكْرَهُ إذَابَةُ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ آيَةٌ إلَّا إذَا كَسَرَهُ رُقْيَةً فِي غِلَافٍ مُتَجَافٍ لَمْ يُكْرَهْ دُخُولُ الْخَلَاءِ بِهِ، وَالِاحْتِرَازُ أَفْضَلُ. يَجُوزُ رَمْيُ بُرَايَةِ الْقَلَمِ الْجَدِيدِ، وَلَا تُرْمَى بُرَايَةُ الْقَلَمِ الْمُسْتَعْمَلِ لِاحْتِرَامِهِ كَحَشِيشِ الْمَسْجِدِ وَكُنَاسَتِهِ لَا يُلْقَى فِي مَوْضِعٍ يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ. وَلَا يَجُوزُ لَفُّ شَيْءٍ فِي كَاغَدٍ فِيهِ فِقْهٌ، وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ يَجُوزُ، وَلَوْ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ أَوْ الرَّسُولِ فَيَجُوزُ مَحْوُهُ لِيُلَفَّ فِيهِ شَيْءٌ، وَمَحْوُ بَعْضِ الْكِتَابَةِ بِالرِّيقِ يَجُوزُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ فِي مَحْوِ اسْمِ اللَّهِ بِالْبُزَاقِ، وَعَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْقُرْآنُ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ» . يَجُوزُ قُرْبَانُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتٍ فِيهِ مُصْحَفٌ مَسْتُورٌ. بِسَاطٌ أَوْ غَيْرُهُ كُتِبَ عَلَيْهِ الْمُلْكُ لِلَّهِ يُكْرَهُ بَسْطُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ لَا تَعْلِيقُهُ لِلزِّينَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ كَلَامُ النَّاسِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ مُجَرَّدُ الْحُرُوفِ وَالْأَوَّلُ أَوْسَعُ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، وَكَرَاهِيَةُ الْقُنْيَةِ.

ــ

[رد المحتار]

وَابْنِ شَاهِينَ لِأَفْضَلِيَّتِهِ لِكَوْنِهِ تَفْسِيرًا لِمَا هُوَ جَزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ وَهُوَ الرُّؤْيَا ط.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْفِقْهُ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مُعْظَمَ أَدِلَّتِهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَيَكْثُرُ فِيهِ ذِكْرُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ، بِخِلَافِ عِلْمِ الْكَلَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالسَّمْعِيَّاتِ مِنْهُ فَقَطْ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَخْبَارُ وَالْمَوَاعِظُ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: الْأَخْبَارُ وَالْمَوَاعِظُ وَالدَّعَوَاتُ الْمَرْوِيَّةُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْوِيَّةَ صِفَةٌ لِلْكُلِّ أَيْ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ التَّفْسِيرُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالتَّفْسِيرُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالتَّفْسِيرُ الَّذِي فِيهِ آيَاتٌ مَكْتُوبَةٌ فَوْقَ كُتُبِ الْقِرَاءَةِ. زَادَ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْحَاوِي وَالْمُصْحَفُ فَوْقَ الْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَسَرَهُ) فَحِينَئِذٍ لَا يُكْرَهُ، كَمَا لَا يُكْرَهُ مَسُّهُ لِتَفَرُّقِ الْحُرُوفِ أَوْ لِأَنَّ الْبَاقِيَ دُونَ آيَةٍ.

(قَوْلُهُ: رُقْيَةٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يُسَمُّونَهُ الْآنَ بِالْهَيْكَلِ وَالْحَمَائِلِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ غِلَافُهُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ كَالْمُشَمَّعِ وَنَحْوِهِ جَازَ دُخُولُ الْخَلَاءِ بِهِ وَمَسُّهُ وَحَمْلُهُ لِلْجُنُبِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مَا كُتِبَ مِنْ الْآيَاتِ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا، بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ فَالنِّيَّةُ تَعْمَلُ فِي تَغْيِيرِ الْمَنْطُوقِ لَا الْمَكْتُوبِ اهـ مِنْ شَرْحِ سَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ.

(قَوْلُهُ: لِاحْتِرَامِهِ) أَيْ بِسَبَبِ مَا كُتِبَ بِهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِهَا، عَلَى أَنَّ الْحُرُوفَ فِي ذَاتِهَا لَهَا احْتِرَامٌ.

(قَوْلُهُ: لَا يُلْقَى) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَشِيشِ وَالْكُنَاسَةِ.

(قَوْلُهُ: فِي كَاغَدٍ) هُوَ الْقِرْطَاسِ مُعَرَّبًا قَامُوسٌ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمِصْبَاحِ.

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ مَحْوُهُ) الْمَحْوُ: إذْهَابُ الْأَثَرِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. قَالَ ط: وَهَلْ إذَا طَمَسَ الْحُرُوفَ بِنَحْوِ حِبْرٍ يُعَدُّ مَحْوًا يُحَرَّرُ.

(قَوْلُهُ: وَمَحْوُ بَعْضِ الْكِتَابَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قُرْآنًا، وَقَيَّدَ بِالْبَعْضِ لِإِخْرَاجِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ط.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ إلَخْ) فَهُوَ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا؛ وَأَمَّا لَعْقُهُ بِلِسَانِهِ وَابْتِلَاعُهُ فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ ط.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ فِيهِنَّ) ظَاهِرُهُ يَعُمُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ وَالْأَحْوَطُ الْوَقْفُ، وَعَبَّرَ بِمَنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلْعَاقِلِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ تَبَعٌ لَهُ، وَلَعَلَّ ذِكْرَ هَذَا الْحَدِيثِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْقُرْآنَ يُلْحَقُ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي النَّهْيِ عَنْ مَحْوِهِ بِالْبُزَاقِ، فَيُخَصُّ قَوْلُهُ وَمَحْوُ بَعْضِ الْكِتَابَةِ إلَخْ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ أَيْضًا، فَلْيُتَأَمَّلْ ط.

(قَوْلُهُ: مَسْتُورٌ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ جَوَازِهِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطُ. أَقُولُ: وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ: وَلَا بَأْسَ بِالْخَلْوَةِ وَالْمُجَامَعَةِ فِي بَيْتٍ فِيهِ مُصْحَفٌ؛ لِأَنَّ بُيُوتَ الْمُسْلِمِينَ لَا تَخْلُو مِنْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَ أَوْ عُلِّقَ.

(قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ وَقِيلَ يُكْرَهُ حَتَّى الْحُرُوفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>