للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَنَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي الطَّوْعِ وَالْكُرْهِ فَالْقَوْلُ لَهُ. وَلَوْ قَالَتْ: كَانَ بِغَيْرِ بَدَلٍ فَالْقَوْلُ لَهَا.

ادَّعَتْ الْمَهْرَ وَنَفَقَةَ الْعِدَّةِ وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَادَّعَى الْخُلْعَ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ لَهَا فِي الْمَهْرِ وَلَهُ فِي النَّفَقَةِ.

خَلَعَ امْرَأَتَيْهِ عَلَى عَبْدٍ قُسِمَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مُسَمَّيْهِمَا. " خَلَعْتُكِ عَلَى عَبْدِي " وُقِفَ عَلَى قَبُولِهَا وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ بَحْرٌ.

ــ

[رد المحتار]

لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ صِحَّةَ الْخُلَعِ فَقَدْ أَنْكَرَ وُجُوبَ الْبَدَلِ عَلَيْهَا وَأَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا مَالًا وَاحِدًا لَا مَالَيْنِ وَالْمَرْأَةُ مُقِرَّةٌ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا مَالًا آخَرَ فَصُدِّقَ الزَّوْجُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِثْنَاءَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهَا بَدَلَ الْخُلْعِ، وَالْمُمَلِّكُ هُوَ الْمَرْأَةُ فَقُبِلَ قَوْلُهَا وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ دَعْوَاهُ الِاسْتِثْنَاءَ مَقْبُولَةٌ إلَّا إذَا قَالَ لِي الْخُلْعُ بِبَدَلٍ فَإِنَّ الْبَدَلَ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الْخُلْعِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى إبْطَالِهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ إلَّا إذَا ادَّعَى أَنَّ مَا قَبَضَهُ لَيْسَ بَدَلَ الْخُلْعِ بَلْ عَنْ حَقٍّ آخَرَ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ لِإِنْكَارِهِ صِحَّةَ الْخُلْعِ وَوُجُوبِ الْبَدَلِ بِدَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ.

قُلْت: لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ ذِكْرُ الْبَدَلِ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ لَا قَبْضُهُ بَعْدَهُ، فَحَيْثُ ذَكَرَ الْبَدَلَ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ الِاسْتِثْنَاءَ فَلَمْ يُقْبَلْ إنْكَارُهُ صِحَّةَ الْخُلْعِ وَوُجُوبَ الْبَدَلِ، بَلْ بَقِيَ الْخُلْعُ بِبَدَلٍ وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ مَا قَبَضَهُ هُوَ حَقٌّ آخَرُ وَهِيَ تَقُولُ بَلْ بَدَلُ الْخُلْعِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا لِأَنَّهَا الْمُمَلِّكَةُ بِالدَّفْعِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُمَلِّكُ فَلَمْ يَبْقَ فَرْقٌ بَيْنَ مَا إذَا ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ، أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ النَّظَرِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. هَذَا، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنِهِ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ: دَفَعَتْ بَدَلَ الْخُلْعِ وَزَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ قَبَضَهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى أَفْتَى الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ وَقِيلَ لَهَا لِأَنَّهَا الْمُمَلِّكَةُ. اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ الثَّانِي وَلِذَا جَزَمَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا عَلِمْت، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مَبْنَاهَا عَلَى مَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْخُلْعِ بِبَدَلٍ وَاخْتَلَفَا فِي جِهَةِ الْقَبْضِ وَلِذَا عَطَفَهَا بِأَوْ وَيَصِحُّ عَطْفُهَا بِالْوَاوِ فَتَكُونُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا، وَلَكِنْ يَرِدُ مَا عَلِمْته مِنْ النَّظَرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَا فِي الطَّوْعِ وَالْكُرْهِ) أَيْ فِي الْقَبُولِ، وَأَمَّا إيقَاعُ الْخُلْعِ بِإِكْرَاهٍ فَصَحِيحٌ كَمَا يَأْتِي ط (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهَا) لِأَنَّ صِحَّةَ الْخُلْعِ لَا تَسْتَدْعِي الْبَدَلَ فَتَكُونُ مُنْكِرَةً وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْخُلْعَ) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُدَّعِيًا أَنَّ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ مِنْ جُمْلَةِ بَدَلِ الْخُلْعِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهَا فِي الْمَهْرِ وَلَهُ فِي النَّفَقَةِ) لِأَنَّ الْمَهْرَ كَانَ ثَابِتًا عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَدَعْوَى سُقُوطِهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَلَيْسَتْ وَاجِبَةً قَبْلَهُ وَهِيَ تَدَّعِي اسْتِحْقَاقَهَا بِالطَّلَاقِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهَا لِأَنَّ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ يُوجِبَانِ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ فَكَيْفَ تَسْقُطُ بَحْرٌ. قُلْت: وَأَصْلُ الِاسْتِشْكَالِ لِصَاحِبِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَاعْتَرَضَهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ عَلَى أَنَّهُ سَاقِطٌ بِلَا مَيْنٍ.

(قَوْلُهُ: قُسِمَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مُسَمَّيْهِمَا) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ، وَمَهْرُ إحْدَاهُمَا مِائَتَانِ وَمَهْرُ الْأُخْرَى مِائَةٌ لَزِمَ الْأُولَى عِشْرُونَ وَالْأُخْرَى عَشَرَةٌ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لَهُمَا وَالْمَهْرَانِ مُتَفَاوِتَانِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَالْمَهْرَانِ مُتَسَاوِيَانِ يَكُونُ الْعَبْدُ بَدَلَ الْخُلْعِ ط وَفَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي كَافِي الْحَاكِمِ بِمَا إذَا خَلَعَ امْرَأَتَيْهِ عَلَى أَلْفٍ (قَوْلُهُ: وُقِفَ عَلَى قَبُولِهَا) قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَنَى بِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَمَعْرِفَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْتَادُونَ إضَافَةَ الْخُلْعِ إلَى مَالِ الزَّوْجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>