للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ) فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَلَا يَلْزَمُ، حَتَّى لَوْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَقَعُ رَجْعِيًّا فِيهِمَا شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (فَإِنْ خَالَعَهَا) الْأَبُ عَلَى مَالٍ (ضَامِنًا لَهُ) أَيْ مُلْتَزِمًا لَا كَفِيلًا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهَا (صَحَّ وَالْمَالُ عَلَيْهِ) كَالْخُلْعِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فَالْأَبُ أَوْلَى (بِلَا سُقُوطِ مَهْرٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ.

وَمِنْ حِيَلِ سُقُوطِهِ أَنْ يَجْعَلَ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ) الرُّشْدُ: كَوْنُ الشَّخْصِ مُصْلِحًا فِي مَالِهِ وَلَوْ فَاسِقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَجْرِ. وَذَكَرُوا هُنَاكَ أَنَّ الْحَجْرَ بِالسَّفَهِ يَفْتَقِرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إلَى قَضَاءٍ كَالْحَجْرِ بِالدَّيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ وَهُوَ تَبْذِيرُ الْمَالِ وَتَضْيِيعُهُ عَلَى خِلَافِ الشَّرْعِ. وَظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ اعْتِمَادُ الثَّانِي، فَإِنَّهُ قَالَ عَنْ الْمَبْسُوطِ: وَإِذَا بَلَغَتْ الْمَرْأَةَ مَفْسَدَةٌ فَاخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالٍ جَازَ الْخُلْعُ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ يَعْتَمِدُ الْقَبُولَ وَقَدْ تَحَقَّقَ مِنْهَا، وَلَمْ يَلْزَمْهَا الْمَالُ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْهُ لَا لِعِوَضٍ هُوَ مَالٌ وَلَا لِمَنْفَعَةٍ ظَاهِرَةٍ فَتُجْعَلُ كَالصَّغِيرَةِ، فَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا لِأَنَّ وُقُوعَهُ بِالصَّرِيحِ لَا يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ إلَّا بِوُجُوبِ الْبَدَلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَطْلُقُ إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِوَجْهِ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الصَّغِيرَةِ وَغَيْرِ الرَّشِيدَةِ، وَقَوْلُهُ: فِيهِمَا: أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَعَهَا) أَيْ الصَّغِيرَةَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ) شَمِلَ الْمَهْرَ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهَا) فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْكَفَالَةُ لِأَنَّهَا ضَمُّ ذِمَّةِ الْكَفِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْأَصِيلِ فِي الْمُطَالَبَةِ، وَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْأَصِيلِ ط (قَوْلُهُ: كَالْخُلْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ الْفُضُولِيِّ. وَحَاصِلُ الْأَمْرِ فِيهِ أَنَّهُ إذَا خَاطَبَ الزَّوْجَ، فَإِنْ أَضَافَ الْبَدَلَ إلَى نَفْسِهِ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ ضَمَانَهُ لَهُ، أَوْ مِلْكَهُ إيَّاهُ كَاخْلَعْهَا بِأَلْفٍ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، أَوْ عَلَى أَلْفِي هَذِهِ، أَوْ عَبْدِي هَذَا فَفَعَلَ صَحَّ وَالْبَدَلُ عَلَيْهِ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ بِأَنْ قَالَ: عَلَى أَلْفٍ، أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، فَإِنْ قَبِلَتْ لَزِمَهَا تَسْلِيمُهُ، أَوْ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى غَيْرِهِ كَعَبْدِ فُلَانٍ اُعْتُبِرَ قَبُولُ فُلَانٍ؛ وَلَوْ خَاطَبَهَا الزَّوْجُ، أَوْ خَاطَبَتْهُ بِذَلِكَ اُعْتُبِرَ قَبُولُهَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَدَلُ مُرْسَلًا، أَوْ مُضَافًا إلَيْهَا، أَوْ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَلَا يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بِالْخُلْعِ بِالْبَدَلِ إلَّا إذَا ضَمِنَهُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: فَالْأَبُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ: بِلَا سُقُوطِ مَهْرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْخُلْعُ عَلَى الْمَهْرِ أَوْ عَلَى أَلْفٍ مَثَلًا، وَلَكِنْ إذَا كَانَ عَلَى الْمَهْرِ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَالزَّوْجُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ لِضَمَانِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى أَلْفٍ فَإِنَّهَا إذَا رَجَعَتْ بِالْمَهْرِ عَلَى الزَّوْجِ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ الْمَهْرَ بَلْ ضَمِنَ لَهُ الْأَلْفَ وَكَلَامُ الْفَتْحِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ كَمَا فِي النَّهْرِ وَشَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ، خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ فِي الْبَحْرِ فَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالْخَطَأِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى فِي حَلِّ هَذَا الْمَحَلِّ فِيهِ إيجَازٌ مُخِلٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ حِيَلِ سُقُوطِهِ) أَيْ سُقُوطِ الْمَهْرِ عَنْ الزَّوْجِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ لَهُ حِيَلًا أُخَرَ: مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حُكْمِ مَالِكِيٍّ بِصِحَّتِهِ. وَمِنْهَا أَنْ يُقِرَّ الْأَبُ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا لِصِحَّةِ إقْرَارِ الْأَبِ بِقَبْضِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ ثُمَّ يُطَلِّقَهَا الزَّوْجُ بَائِنًا لَكِنَّهُ يَبْرَأُ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَاعْتِرَاضُهُمْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيمَ الْكَذِبِ وَشَغْلَ ذِمَّةِ الزَّوْجِ. وَأَجَابَ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّهُ عِنْدَ إضْرَارِ الزَّوْجِ بِهَا وَعَدَمِ إمْكَانِ الْخَلَاصِ إلَّا بِذَلِكَ لَا يَضُرُّ.

مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الْفُضُولِيِّ

(قَوْلُهُ أَنْ يَجْعَلَ) أَيْ الزَّوْجُ. وَفِي نُسْخَةٍ أَنْ يَجْعَلَا أَيْ هُوَ وَالْأَبُ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُحِيلَ بِهِ: أَيْ بِالْمَهْرِ وَ " الزَّوْجُ " فَاعِلُ " يُحِيلَ "، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَقَوْلُهُ " مَنْ لَهُ وِلَايَةُ " مَفْعُولُ " يُحِيلَ "، وَقَوْلُهُ " قَبْضِ ذَلِكَ مِنْهُ ": أَيْ قَبْضِ الْمَهْرِ مِنْ الزَّوْجِ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ الْمَهْرِ مِنْهُ هُوَ الْأَبُ إنْ كَانَ وَإِلَّا نَصَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>