للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَدَلَ الْخُلْعِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِقَدْرِ الْمَهْرِ ثُمَّ يُحِيلَ بِهِ الزَّوْجُ عَلَيْهِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ ذَلِكَ مِنْهُ بَزَّازِيَّةٌ.

(وَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ الزَّوْجُ الضَّمَانَ (عَلَيْهَا) أَيْ الصَّغِيرَةِ (فَإِنْ قَبِلَتْ وَهِيَ مِنْ أَهْلِهِ) بِأَنْ تَعْقِلَ أَنَّ النِّكَاحَ جَالِبٌ وَالْخُلْعَ سَالِبٌ (طَلُقَتْ بِلَا شَيْءٍ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْغَرَامَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ، أَوْ لَمْ تَعْقِلْ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ قَبِلَ الْأَبُ فِي الْأَصَحِّ زَيْلَعِيٌّ. وَلَوْ بَلَغَتْ وَأَجَازَتْ جَازَ فَتْحٌ.

(قَالَ) الزَّوْجُ (خَالِعَتك فَقَبِلَتْ) الْمَرْأَةُ وَلَمْ يَذْكُرَا مَالًا (طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (وَبَرِئَ عَنْ) الْمَهْرِ (الْمُؤَجَّلِ لَوْ) كَانَ (عَلَيْهِ وَإِلَّا) يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ شَيْءٌ (رَدَّتْ) عَلَيْهِ (مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَتُعْتَبَرُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.

ــ

[رد المحتار]

الْقَاضِي وَصِيًّا. وَصُورَتُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَهْرُ أَلْفًا مَثَلًا يُخَالِعُ الزَّوْجُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ يُحِيلُ الزَّوْجُ الْأَبَ، أَوْ الْوَصِيَّ بِالْمَهْرِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِشَرْطِ الْقَبُولِ، وَأَنْ يَكُونَ الْأَجْنَبِيُّ أَمْلَأَ مِنْ الزَّوْجِ، فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ وَيَصِيرُ فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ، لَكِنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْأَجْنَبِيِّ فَلِذَا قِيلَ ثُمَّ يُبْرِئُهُ الْأَبُ، أَوْ يُقِرُّ بِقَبْضِهِ مِنْهُ، لَكِنْ يَكْفِي فِي الظَّاهِرِ إقْرَارُ الْأَبِ ابْتِدَاءً بِدُونِ هَذَا التَّكَلُّفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: ثُمَّ يُحِيلُ بِهِ الزَّوْجَ عَلَى مَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَعَلَيْهَا فَفَاعِلُ " يُحِيلُ " ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَ " الزَّوْجَ " مَفْعُولُهُ، وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ يَعُودُ عَلَى بَدَلِ الْخُلْعِ أَيْ يُحِيلُ الْأَجْنَبِيُّ الزَّوْجَ بِالْأَلْفِ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبْضِ: أَيْ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ فَيَبْرَأُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْبَدَلِ وَيَصِيرُ فِي ذِمَّةِ الْأَبِ وَقَوْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ تَأَمَّلْ، وَلَكِنْ يُغْنِي عَنْ هَذِهِ الْحِيلَةِ الثَّانِيَةِ الْتِزَامُ الْأَبِ الْبَدَلَ ابْتِدَاءً بِدُونِ هَذَا التَّكَلُّفِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْ الزَّوْجُ الضَّمَانَ) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ وَالْبَارِزِ، وَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ الْمَضْمُونُ لِيُوَافِقَ قَوْلَ الْفَتْحِ: أَيْ لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ الْأَلْفَ عَلَيْهَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا إلَخْ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْخُلْعُ إذَا جَرَى بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ فَإِلَيْهَا كَانَ الْبَدَلُ مُرْسَلًا، أَوْ مُطْلَقًا، أَوْ مُضَافًا إلَى الْمَرْأَةِ، أَوْ الْأَجْنَبِيِّ إضَافَةَ مِلْكٍ، أَوْ ضَمَانٍ. اهـ. أَمْثِلَةُ ذَلِكَ: اخْلَعْنِي عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، أَوْ عَلَى عَبْدِي هَذَا، أَوْ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ (قَوْلُهُ طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ قَبُولُهَا، وَالْبَيْنُونَةُ بِالْخُلْعِ تَعْتَمِدُ الْقَبُولَ دُونَ لُزُومِ الْمَالِ كَمَا إذَا سَمَّتْ خَمْرًا، وَنَحْوَهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَبِلَ الْأَبُ) لِأَنَّ قَبُولَهَا شَرْطٌ وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي رِوَايَةٍ يَصِحُّ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ إذْ تَتَخَلَّصُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِلَا مَالٍ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَأَجَازَتْ) أَيْ أَجَازَتْ قَبُولَ الْأَبِ ح وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْفَتْحِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ قَالَ الزَّوْجُ خَالَعْتكِ) قَيَّدَ بِصِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: خَلَعْتُكِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَا يَبْرَأُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الزَّوْجَةِ الْبَالِغَةِ (قَوْلُهُ وَبَرِئَ عَنْ الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ يَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرٌ فَعَلَيْهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا بِذِكْرِ الْخُلْعِ اهـ وَهَكَذَا فِي الْفَتْحِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ أَوَّلِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَهْرَ إذَا كَانَ مَقْبُوضًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَصَرِيحُ آخِرِهَا الرُّجُوعُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ، فَحِينَئِذٍ لَمْ يَبْرَأْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ. قَالَ: وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ مَحَلَّ الْبَرَاءَةِ مَا إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ دَفْعِ الْمُعَجَّلِ فَإِنَّهَا تَبْرَأُ عَنْ الْمُعَجَّلِ وَيَبْرَأُ هُوَ عَنْ الْمُؤَجَّلِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْمَهْرُ، مَا قَبَضَتْ الْمَرْأَةُ فَهُوَ لَهَا، وَمَا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ يَسْقُطُ اهـ

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي الْخَانِيَّةِ لَمْ يَقُلْ يَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ قَالَ وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ لَزِمَهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا كَذَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ وَابْنُ الْفَضْلِ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ يَبْرَأُ مِمَّا لَهَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَهْرِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، وَأَمَّا هِيَ فَلَا تَبْرَأُ مِنْ الْبَعْضِ، وَلَوْ قَبَضَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>