للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ بِمِلْكِ يَمِينٍ، أَوْ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لِبَقَاءِ حُكْمِ الظِّهَارِ وَكَذَا اللِّعَانُ.

(فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ) تَابَ وَ (اسْتَغْفَرَ وَكَفَّرَ لِلظِّهَارِ فَقَطْ) وَقِيلَ عَلَيْهِ أُخْرَى لِلْوَطْءِ (وَلَا يَعُودُ) لِوَطْئِهَا ثَانِيًا (قَبْلَهَا) قَبْلَ الْكَفَّارَةِ (وَعَوْدُهُ) الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ (عَزْمُهُ) عَزْمًا مُؤَكَّدًا؛ فَلَوْ عَزَمَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَطَأَهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (عَلَى) اسْتِبَاحَةِ (وَطْئِهَا) أَيْ يَرْجِعُونَ عَمَّا قَالُوا فَيُرِيدُونَ الْوَطْءَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَوْدُ الرُّجُوعُ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ. .

(وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْوَطْءِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِهِ (وَعَلَيْهَا أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ حَتَّى يُكَفِّرَ وَعَلَى الْقَاضِي إلْزَامُهُ بِهِ) بِالتَّكْفِيرِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا بِحَبْسٍ، أَوْ ضَرْبٍ إلَى أَنْ يُكَفِّرَ، أَوْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ قَالَ: كَفَّرْتُ صُدِّقَ مَا لَمْ يُعْرَفْ بِالْكَذِبِ،.

ــ

[رد المحتار]

الْوَقْتِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: أَفَادَ بِالْغَايَةِ أَيْ بِقَوْلِهِ حَتَّى يُكَفِّرَ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ تَعُودُ بِالظِّهَارِ؛ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَاشْتَرَاهَا وَانْفَسَخَ الْعَقْدُ، أَوْ كَانَتْ حُرَّةً فَلَحِقَتْ مُرْتَدَّةً بِدَارِ الْحَرْبِ وَسُبِيَتْ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَا تَحِلُّ لَهُ مَا لَمْ يُكَفِّرْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا اللِّعَانُ) أَيْ تَبْقَى حُرْمَتُهُ مُؤَبَّدَةً، وَلَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ حَتَّى تُصَدِّقَهُ، أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، أَوْ يَخْرُجَا، أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهَا أَمَةً، أَوْ مُرْتَدَّةً مُخْرِجٌ لَهَا عَنْ أَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ فَلَا يَصِحُّ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِهِمَا أَيْضًا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: تَابَ وَاسْتَغْفَرَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ الِاسْتِغْفَارُ مَنْقُولٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ؛ وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّوْبَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ، وَهِيَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ اهـ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ حَدِيثٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ، لَكِنْ نَقَلَ نُوحٌ أَفَنَدِيٌّ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّهُ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ فَقَالَ بَابُ الظِّهَارِ. بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا يَعُودَ حَتَّى يُكَفِّرَ» . مَطْلَبٌ: بَلَاغَاتُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُسْنَدَةٌ

وَبَلَاغَاتُ مُحَمَّدٍ مُسْنَدَةٌ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَلَيْهِ أُخْرَى لِلْوَطْءِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِمَا فِي الْفَتْحِ: فَلَا تَجِبُ كَفَّارَتَانِ كَمَا نُقِلَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَبِيصَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ، وَلَا ثَلَاثَ كَفَّارَاتٍ كَمَا هُوَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالنَّخَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعُودُ إلَخْ) فَإِنْ عَادَ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ أَيْضًا لِقِيَامِ الْحُرْمَةِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ (قَوْلُهُ: عَزْمًا مُؤَكَّدًا) أَيْ مُسْتَمِرًّا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ ط (قَوْلُهُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ الْعَزْمِ الْمُؤَكَّدِ لَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْعَزْمِ ثُمَّ سَقَطَتْ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهَا بَعْدَ سُقُوطِهَا لَا تَعُودُ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ، لَكِنْ فِيهِ فِي الْبَابِ الْآتِي: وَلَوْ عَزَمَ ثُمَّ أَبَانَهَا سَقَطَتْ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِهِ عَنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ مُسَامَحَةً (قَوْلُهُ: عَلَى اسْتِبَاحَةِ وَطْئِهَا) قَدَّرَ " اسْتِبَاحَةِ " لِقَوْلِهِ فِي الْبَحْرِ: وَمُرَادُ الْمَشَايِخِ مِنْ قَوْلِهِمْ الْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا الْعَزْمُ عَلَى اسْتِبَاحَةِ وَطْئِهَا لَا الْعَزْمُ عَلَى نَفْسِ الْوَطْءِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ - {ثُمَّ يَعُودُونَ} [المجادلة: ٣]- لِنَقْضِ مَا قَالُوا وَرَفْعِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِاسْتِبَاحَتِهَا بَعْدَ تَحْرِيمِهَا لِكَوْنِهِ ضِدًّا لِلْحُرْمَةِ لَا نَفْسَ وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ يَرْجِعُونَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يَعُودُونَ، وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِأَوْ الْعَاطِفَةِ بَدَلَ " أَيْ " التَّفْسِيرِيَّةِ لِأَنَّ تَفْسِيرَ الْعَوْدِ بِالْعَزْمِ عَلَى اسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ يَعُودُونَ لِضِدِّ، أَوْ لِنَقْضِ مَا قَالُوا كَمَا مَرَّ، وَهَذَا تَفْسِيرٌ آخَرُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْفَرَّاءِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَاضِي إلْزَامُهُ بِهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْإِجْبَارِ عَلَى التَّكْفِيرِ إلَّا الْوَطْءُ، وَالْوَطْءُ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمُرِ كَمَا مَرَّ فِي الْقَسَمِ، وَهَذَا لَوْ صَارَ عِنِّينًا بَعْدَمَا وَطِئَهَا مَرَّةً لَا يُؤَجَّلُ قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ الظِّهَارِ أَبَدًا بَعِيدٌ. وَقَدْ يُقَالُ فَائِدَةُ الْإِجْبَارِ عَلَى التَّكْفِيرِ رَفْعُ الْمَعْصِيَةِ اهـ أَيْ إنَّ الظِّهَارَ مَعْصِيَةٌ حَامِلَةٌ لَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ حَقِّهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهِ دِيَانَةً فَيَأْمُرُهُ بِرَفْعِهَا لِتَحِلَّ لَهُ كَمَا يَأْمُرُ الْمُولِيَ مِنْ امْرَأَتِهِ بِقُرْبَانِهَا فِي الْمُدَّةِ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا بَانَتْ مِنْهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: بِحَبْسٍ، أَوْ ضَرْبٍ) أَيْ بِحَبْسِهِ أَوَّلًا، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>