للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ سَقَطَ بِمُضِيِّهِ، وَتَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تُبْطِلُهُ، بِخِلَافِ مَشِيئَةِ فُلَانٍ.

(وَإِنْ نَوَى بِأَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي) ، أَوْ كَأُمِّي، وَكَذَا لَوْ حَذَفَ عَلَيَّ خَانِيَّةٌ (بِرًّا، أَوْ ظِهَارًا، أَوْ طَلَاقًا صَحَّتْ نِيَّتُهُ) وَوَقَعَ مَا نَوَاهُ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ (وَإِلَّا) يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ حَذَفَ الْكَافَ (لَغَا) وَتَعَيَّنَ الْأَدْنَى أَيْ الْبِرُّ، يَعْنِي الْكَرَامَةَ. وَيُكْرَهُ قَوْلُهُ أَنْتِ أُمِّي وَيَا ابْنَتِي وَيَا أُخْتِي وَنَحْوَهُ (وَبِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي صَحَّ مَا نَوَاهُ مِنْ ظِهَارٍ، أَوْ طَلَاقٍ) وَتُمْنَعُ إرَادَةُ الْكَرَامَةِ لِزِيَادَةِ لَفْظِ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ

ــ

[رد المحتار]

أَبَى ضَرَبَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ إلَخْ) فَلَوْ أَرَادَ قُرْبَانَهَا دَاخِلَ الْوَقْتِ لَا يَجُوزُ بِلَا كَفَّارَةٍ بَحْرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَقْتَ إذَا كَانَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إيلَاءً لِعَدَمِ رُكْنِهِ وَهُوَ الْحَلِفُ، أَوْ التَّعْلِيقُ بِمُشِقٍّ ط وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي الزَّيْلَعِيِّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ " إنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ " فَاسِدٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ مَحْضٌ وَالْيَمِينُ تَصَرُّفٌ مَشْرُوعٌ مُبَاحٌ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى الْمُظَاهِرِ إيلَاءٌ وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَشِيئَةِ فُلَانٍ) فَإِنَّهَا لَا تُبْطِلُهُ بَلْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فِي الْمَجْلِسِ كَانَ ظِهَارًا كَمَا فِي النَّهْرِ ح.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى إلَخْ) بَيَانٌ لِكِنَايَاتِ الظِّهَارِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ تَصْرِيحَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْعُضْوِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ) أَيْ مِنْ كِنَايَاتِ الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ بَائِنًا كَلَفْظِ الْحَرَامِ، وَإِنْ نَوَى الْإِيلَاءَ فَهُوَ إيلَاءٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَظِهَارٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ظِهَارٌ عِنْدَ الْكُلِّ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مُؤَكَّدٌ بِالتَّشْبِيهِ. اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَّجِهُ فِي " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي "، وَالْكَلَامُ فِي مُجَرَّدِ أَنْتِ كَأُمِّي اهـ أَيْ بِدُونِ لَفْظِ " حَرَامٌ ". قُلْت: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ مُرَادَةٌ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ صَرِيحًا. هَذَا، وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَكَذَا لَوْ نَوَى الْحُرْمَةَ الْمُجَرَّدَةَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ظِهَارًا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ قَضَاءً فِي إرَادَةِ الْبِرِّ إذَا كَانَ فِي حَالِ الْمُشَاجَرَةِ وَذِكْرِ الطَّلَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَذَفَ الْكَافَ) بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ أُمِّي، وَمِنْ بَعْضِ الظَّنِّ جَعْلُهُ مِنْ بَابِ زَيْدٌ أَسَدٌ دُرٌّ مُنْتَقًى عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ.

قُلْت: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَذْكُرُهُ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْأَدَاةِ (قَوْلُهُ: لَغَا) لِأَنَّهُ مُجْمَلٌ فِي حَقِّ التَّشْبِيهِ فَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ مُرَادٌ مَخْصُوصٌ لَا يُحْكَمُ بِشَيْءٍ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) جَزَمَ بِالْكَرَاهَةِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ: وَفِي أَنْتِ أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ يَا أُخَيَّةُ مَكْرُوهٌ. وَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخَيَّةُ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ» وَمَعْنَى النَّهْيِ قُرْبُهُ مِنْ لَفْظِ التَّشْبِيهِ، وَلَوْلَا هَذَا الْحَدِيثُ لَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ هُوَ ظِهَارٌ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي أَنْتِ أُمِّي أَقْوَى مِنْهُ مَعَ ذِكْرِ الْأَدَاةِ، وَلَفْظُ " يَا أُخَيَّةُ " اسْتِعَارَةٌ بِلَا شَكٍّ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّشْبِيهِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ أَفَادَ كَوْنَهُ لَيْسَ ظِهَارًا حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ حُكْمًا سِوَى الْكَرَاهَةِ وَالنَّهْيِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كَوْنِهِ ظِهَارًا مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَدَاةِ التَّشْبِيهِ شَرْعًا، وَمِثْلُهُ أَنْ يَقُولَ لَهَا يَا بِنْتِي، أَوْ يَا أُخْتِي وَنَحْوَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ ظِهَارٍ) لِأَنَّهُ شَبَّهَهَا فِي الْحُرْمَةِ بِأُمِّهِ وَهُوَ إذَا شَبَّهَهَا بِظَهْرِهَا يَكُونُ مُظَاهِرًا فَبِكُلِّهَا أَوْلَى نَهْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقٍ) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَبِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالنِّيَّةِ، أَوْ دَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ: كَأُمِّي تَأْكِيدٌ لِلْحُرْمَةِ؛ وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ قَامَتْ دَلَالَةٌ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ، بِأَنْ سَأَلَتْهُ إيَّاهُ وَقَالَ نَوَيْت الظِّهَارَ نَهْرٌ.

قُلْت: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ، لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ تُقَدَّمُ عَلَى النِّيَّةِ فِي بَابِ الْكِنَايَاتِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ الْأَدْنَى لِأَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ تَأَمَّلْ هَذَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا نَوَى الْإِيلَاءَ، أَوْ مُجَرَّدَ التَّحْرِيمِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ: وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ لَا غَيْرُ صَحَّتْ نِيَّتُهُ. وَفِيهَا عَنْ الْخَانِيَّةِ: إنْ نَوَى الطَّلَاقَ، أَوْ الظِّهَارَ أَوْ الْإِيلَاءَ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ نِيَّةِ التَّحْرِيمِ يَكُونُ إيلَاءً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَظِهَارًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَعَلَى مَا صُحِّحَ فِيمَا تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>