للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا) يُجْزِئُ (مُدَبَّرٌ وَأُمُّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٌ أَدَّى بَعْضَ بَدَلِهِ) وَلَمْ يُعَجِّزْ نَفْسَهُ، فَإِنْ عَجَزَ فَحَرَّرَهُ جَازَ، وَهِيَ حِيلَةُ الْجَوَازِ بَعْدَ أَدَائِهِ شَيْئًا (وَإِعْتَاقُ نِصْفِ عَبْدٍ) مُشْتَرَكٍ (ثُمَّ بَاقِيهِ بَعْدَ ضَمَانِهِ) لِتَمَكُّنِ النُّقْصَانِ (وَنِصْفِ عَبْدِهِ عَنْ تَكْفِيرِهِ ثُمَّ بَاقِيهِ بَعْدَ وَطْءِ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا) لِلْأَمْرِ بِهِ قَبْلَ التَّمَاسِّ.

(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمُظَاهِرُ (مَا يُعْتِقُ) وَإِنْ احْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ، أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ حَقِيقَةً بَدَائِعُ، فَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ: لَهُ عَبْدٌ لِلْخِدْمَةِ لَمْ يَجُزْ الصَّوْمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَمِنًا انْتَهَى يَعْنِي الْعَبْدَ لِيَتَوَافَقَ كَلَامُهُمْ، وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمَوْلَى، لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَسْكَنُهُ. وَلَوْ لَهُ مَالٌ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ مُدَبَّرٌ وَأُمُّ وَلَدٍ) لِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْحُرِّيَّةَ بِجِهَةٍ، فَكَانَ الرِّقُّ فِيهِمَا نَاقِصًا، وَالْإِعْتَاقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ يَعْتَمِدُ كَمَالَ الرِّقِّ كَالْبَيْعِ، فَلِذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبٌ أَدَّى بَعْضَ بَدَلِهِ) لِأَنَّهُ تَحْرِيرٌ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ: جَازَ) لِأَنَّهُ بِالتَّعْجِيزِ بَطَلَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ مَسْأَلَةُ تَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: لِتَمَكُّنِ النُّقْصَانِ) لِأَنَّ نَصِيبَ صَاحِبِهِ قَدْ انْتَقَضَ عَلَى مِلْكِهِ لِتَعَذُّرِ اسْتِدَامَةِ الرِّقِّ فِيهِ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إلَيْهِ بِالضَّمَانِ لَوْ مُوسِرًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَمَّا لَوْ مُعْسِرًا وَسَعَى الْعَبْدُ فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ حَتَّى عَتَقَ كُلُّهُ فَلَا يُجْزِئُهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ عَتَقَ بِعِوَضٍ وَعِنْدَهُمَا يُجْزِئُهُ لَوْ مُوسِرًا لِأَنَّهُ عَتَقَ كُلُّهُ بِإِعْتَاقِ الْبَعْضِ بِنَاءً عَلَى تَجَزُّؤِ الْإِعْتَاقِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ: لِلْأَمْرِ بِهِ قَبْلَ التَّمَاسِّ) فَالشَّرْطُ لِلْحِلِّ مُطْلَقًا إعْتَاقُ كُلِّ الرَّقَبَةِ قَبْلَ التَّمَاسِّ وَلَمْ يُوجَدْ فَتَقَرَّرَ الْإِثْمُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ، ثُمَّ لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُ ذَلِكَ النِّصْفِ مِنْ الشَّرْطِ حَتَّى يَكْفِيَ مَعَهُ عِتْقُ النِّصْفِ الْبَاقِي لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ حِينَئِذٍ لَيْسَ قَبْلَ التَّمَاسِّ بَلْ بَعْضُهُ قَبْلَهُ وَبَعْضُهُ بَعْدَهُ، فَلَيْسَ هُوَ الشَّرْطَ، فَتَبْقَى الْحُرْمَةُ بَعْدَ الْمَجْمُوعِ كَمَا كَانَتْ إلَى أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطُ وَهُوَ عِتْقُ كُلِّ الرَّقَبَةِ: أَيْ قَبْلَ التَّمَاسِّ الثَّانِي لِيَحِلَّ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ، ثُمَّ هَذَا عِنْدَهُ، أَمَّا عِنْدَهُمَا فَإِعْتَاقُ النِّصْفِ قَبْلَ الْوَطْءِ إعْتَاقٌ لِلْكُلِّ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا وَقْتَ الْوُجُوبِ بَحْرٌ وَسَيَأْتِي فِي الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ) مُبَالَغَةٌ عَلَى الْمَفْهُومِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَمَّا إنْ وَجَدَ تَعَيَّنَ عِتْقُهُ وَإِنْ احْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْبَدَائِعِ: لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ رَقَبَةٌ صَالِحَةٌ لِلتَّكْفِيرِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيرُهَا سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ حَقِيقَةً. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ تَحْرِيرَ الرَّقَبَةِ الْمَوْجُودَةِ وَيَمْنَعُ وُجُوبَ شِرَائِهَا بِمَالٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي الْعَبْدَ) أَيْ إنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ " يَكُونُ زَمِنًا " رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ وَالْمِنَحِ والشُّرُنبُلالِيَّة (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، فَإِنَّ كَوْنَهُ لِلْخِدْمَةِ يُنَافِي كَوْنَهُ زَمِنًا (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ) أَيْ لِأَنَّ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ مُحْتَمَلٌ، وَعَارَضَهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ مَلَكَ رَقَبَةً لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا. اهـ. وَكَذَا قَوْلُ الْبَدَائِعِ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ حَقِيقَةً أَيْ فَإِنَّ النَّصَّ دَلَّ عَلَى إجْزَاءِ الصَّوْمِ عِنْدَ عَدَمِ الْوِجْدَانِ، وَهَذَا وَاجِدٌ.

فَإِنْ قُلْت: الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ كَالْعَدَمِ وَلِذَا جَازَ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِلْعَطَشِ مَعَ أَنَّ إجْزَاءَ التَّيَمُّمِ مُرَتَّبٌ فِي النَّصِّ عَلَى عَدَمِ وِجْدَانِ الْمَاءِ.

قُلْت: ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْفَرْقَ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَاءَ مَأْمُورٌ بِإِمْسَاكِهِ لِعَطَشِهِ وَاسْتِعْمَالُهُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْخَادِمِ. وَنَقَلَ ط عَنْ السَّيِّدِ الْحَمَوِيِّ وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ الصَّوْمِ إذَا كَانَ الْمَوْلَى زَمِنًا لَا يَجِدُ مَنْ يَخْدُمُهُ إذَا أَعْتَقَهُ كَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ. فَإِيجَابُ إعْتَاقِهِ مَعَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ الشَّرِيعَةِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ بِخُصُوصِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ مَسْكَنُهُ) أَيْ لَا يَكُونُ بِهِ قَادِرًا عَلَى الْعِتْقِ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ رَقَبَةٍ بَلْ يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ كَلِبَاسِهِ وَلِبَاسِ أَهْلِهِ خِزَانَةٌ، وَتَقْيِيدُهُمْ بِالْمَسْكَنِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ بَيْتٌ غَيْرُ مَسْكَنِهِ لَزِمَهُ بَيْعُهُ. وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَلَا تُعْتَبَرُ ثِيَابُهُ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا. اهـ.

وَمُفَادُهُ لُزُومُ بَيْعِ مَا لَا يَحْتَاجُهُ مِنْهَا ط (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَهُ مَالٌ إلَخْ) أَيْ ثَمَنُ عَبْدٍ فَاضِلًا عَنْ قَدْرِ كِفَايَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>