وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، إنْ أَدَّى الدَّيْنَ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. وَلَوْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ انْتَظَرَهُ. وَلَوْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَفِي مِلْكِهِ رَقَبَةٌ فَصَامَ عَنْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَ عَنْ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ، وَبِعَكْسِهِ جَازَ (صَامَ شَهْرَيْنِ وَلَوْ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ) بِالْهِلَالِ وَإِلَّا فَسِتِّينَ يَوْمًا، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّحْرِيرِ فِي آخِرِ الْأَخِيرِ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَأَتَمَّ يَوْمَهُ نَدْبًا، وَلَا قَضَاءَ لَوْ أَفْطَرَ وَإِنْ صَارَ نَفْلًا (مُتَتَابِعَيْنِ قَبْلَ الْمَسِيسِ لَيْسَ فِيهِمَا رَمَضَانُ وَأَيَّامٌ نُهِيَ عَنْ صَوْمِهَا) وَكَذَا كُلُّ صَوْمٍ شُرِطَ فِيهِ التَّتَابُعُ.
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّ قَدْرَهَا مُسْتَحِقٌّ الصَّرْفَ فَصَارَ كَالْعَدَمِ وَمِنْهَا قَدْرُ كِفَايَتِهِ لِقُوتِ يَوْمِهِ لَوْ مُحْتَرِفًا وَإِلَّا فَقُوتُ شَهْرٍ بَحْرٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ مَلَكَ الرَّقَبَةَ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَيْهَا عَلَى مَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا مِمَّا هُوَ مَشْغُولٌ بِحَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَالْمَسْكَنِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنَ الْوَاجِبِ وَلَا مُعَدًّا لِتَحْصِيلِهِ؛ وَإِنْ وَجَدَ مَا أُعِدَّ لِتَحْصِيلِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِحَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، فَإِنْ صَرَفَهَا إلَيْهِ يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ لِتَحَقُّقِ عَجْزِهِ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَصِحُّ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْدُومِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا أُعِدَّ لِتَحْصِيلِهِ، فَهُوَ وَاجِدٌ لِلرَّقَبَةِ حُكْمًا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ، وَالْقَوْلَانِ الْمَذْكُورَانِ يُشِيرُ إلَيْهِمَا كَلَامُ مُحَمَّدٍ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ انْتَظَرَهُ) أَيْ لِيُعْتِقَ بِهِ، وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا يُرْجَى بُرْؤُهُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ الصِّحَّةَ لِيَصُومَ بَحْرٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ فَإِنَّهُ يُطْعِمُ كَمَا سَيَأْتِي، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ لَهُ دَيْنٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ مَدْيُونِهِ يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ، وَإِنْ قَدَرَ فَلَا، وَكَذَا لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا زَوْجُهَا عَلَى عَبْدٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَدَائِهِ إذَا طَالَبَتْهُ اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) أَيْ الصَّوْمُ عَنْ الْأُولَى، أَمَّا الْإِعْتَاقُ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا، ثُمَّ هَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ أَخْذًا مِمَّا فِي الْمُحِيطِ: عَلَيْهِ كَفَّارَتَا يَمِينٍ وَعِنْدَهُ طَعَامٌ يَكْفِي لِإِحْدَاهُمَا فَصَامَ عَنْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَطْعَمَ عَنْ الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ أَطْعَمَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ (قَوْلُهُ: بِالْهِلَالِ) حَالٌ مِنْ لَفْظِ الشَّهْرَيْنِ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ " لَوْ "، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَوْ بِالْهِلَالِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ الصَّوْمَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ كَفَاهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ تَامَّيْنِ، أَوْ نَاقِصَيْنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَامًّا وَالْآخَرُ نَاقِصًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَوْمُهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِأَنْ غُمَّ، أَوْ صَامَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَصُومُ سِتِّينَ يَوْمًا. وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ وَإِنْ صَامَ شَهْرًا بِالْهِلَالِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَقَدْ صَامَ قَبْلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَبَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدَرَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْوُجُودِ - فِي قَوْلِهِ " فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ " - عَدَمٌ مُسْتَمِرٌّ إلَى فَرَاغِ صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْعِتْقُ) وَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي آخِرِ الْإِطْعَامِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَانْقَلَبَ الْإِطْعَامُ نَفْلًا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَارَ نَفْلًا) لِأَنَّهُ شُرِعَ مُسْقِطًا لَا مُلْتَزَمًا مِنَحٌ، أَيْ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الظَّانَّ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ إنْ قَطَعَ عَلَى الْفَوْرِ؛ أَمَّا لَوْ مَضَى عَلَيْهِ وَلَوْ قَلِيلًا صَارَ بِمَنْزِلَةِ الشُّرُوعِ فِي النَّفْلِ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ رَحْمَتِيٌّ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُضِيِّ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ إذْ لَوْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يُمْكِنُهُ الشُّرُوعُ وَلَا يَكُونُ الْعَزْمُ عَلَى الْمُضِيِّ بِمَنْزِلَةِ الشُّرُوعِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهِمَا رَمَضَانُ إلَخْ) لِأَنَّهُ فِي حَقِّ الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ لَا يَسَعُ غَيْرَ فَرْضِ الْوَقْتِ، أَمَّا الْمُسَافِرُ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ. وَفِي الْمَرِيضِ رِوَايَتَانِ كَمَا عُلِمَ فِي الْأُصُولِ فِي بَحْثِ الْأَمْرِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ يَوْمَا الْعِيدِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ لِأَنَّ الصَّوْمَ بِسَبَبِ النَّهْيِ فِيهَا نَاقِصٌ فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ الْكَامِلُ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا وَقْتٌ نَذَرَ صَوْمَهُ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ الْمُعَيَّنَ إذَا نَوَى فِيهِ وَاجِبًا آخَرَ وَقَعَ عَمَّا نَوَى، بِخِلَافِ رَمَضَانَ بَحْرٌ وَصُورَةُ عُرُوضِ يَوْمِ الْفِطْرِ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ كَانَ مُسَافِرًا وَصَامَ رَمَضَانَ عَنْ كَفَّارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا كُلُّ صَوْمٍ إلَخْ) كَكَفَّارَةِ قَتْلٍ وَإِفْطَارٍ وَيَمِينٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute