للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ) كَسَفَرٍ وَنِفَاسٍ بِخِلَافِ الْحَيْضِ إلَّا إذَا أَيِسَتْ (أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ وَطِئَهَا) أَيْ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ غَيْرَهَا وَطْئًا غَيْرَ مُفْطِرٍ لَمْ يَضُرَّ اتِّفَاقًا كَالْوَطْءِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ (فِيهِمَا) أَيْ الشَّهْرَيْنِ (مُطْلَقًا) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِ. وَتَقْيِيدُ ابْنِ مَلِكٍ اللَّيْلَ بِالْعَمْدِ غَلَطٌ بَحْرٌ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ قُنْيَةٌ (اُسْتُؤْنِفَ الصَّوْمُ لَا الْإِطْعَامُ، إنْ وَطِئَهَا فِي خِلَالِهِ) لِإِطْلَاقِ النَّصِّ فِي الْإِطْعَامِ، وَتَقْيِيدِهِ فِي تَحْرِيرٍ وَصِيَامٍ.

(وَالْعَبْدُ) وَلَوْ مُكَاتَبًا.

ــ

[رد المحتار]

وَفِي الْبَحْرِ عَنْ أَيْمَانِ الْفَتْحِ: وَكَالْمَنْذُورِ الْمَشْرُوطُ فِيهِ التَّتَابُعُ مُعَيَّنًا، أَوْ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ الْخَالِي عَنْ اشْتِرَاطِهِ فَإِنَّ التَّتَابُعَ فِيهِ وَإِنْ لَزِمَ لَكِنْ لَا يَسْتَقْبِلُ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ يَوْمًا كَرَجَبٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى رَمَضَانَ، وَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَفْطَرَ) أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي الْكَافِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَيْضِ) فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ كَفَّارَةَ قَتْلِهَا وَإِفْطَارِهَا لِأَنَّهَا لَا تَجِدُ شَهْرَيْنِ خَالِيَيْنِ عَنْهُ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَصِلَ مَا بَعْدَ الْحَيْضِ بِمَا قَبْلَهُ، فَلَوْ أَفْطَرَتْ بَعْدَهُ يَوْمًا اسْتَقْبَلَتْ لِتَرْكِهَا التَّتَابُعَ بِلَا ضَرُورَةٍ أَمَّا النِّفَاسُ فَيَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ كُلِّ كَفَّارَةٍ؛ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَيِسَتْ) بِأَنْ صَامَتْ شَهْرًا مَثَلًا فَحَاضَتْ ثُمَّ أَيِسَتْ اسْتَقْبَلَتْ لِأَنَّهَا قَدَرَتْ عَلَى مُرَاعَاةِ التَّتَابُعِ فَلَزِمَهَا، بَحْرٌ عَنْ الْمُنْتَقَى: أَيْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ إكْمَالِ الصَّوْمِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُحِيطِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إذَا حَبِلَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي بَنَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا هُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَطْئًا غَيْرَ مُفْطِرٍ) كَأَنْ وَطِئَهَا لَيْلًا مُطْلَقًا، أَوْ نَهَارًا نَاسِيًا كَذَا فِي الْهِنْدِيَّةِ، أَمَّا إنْ وَطِئَهَا نَهَارًا عَامِدًا بَطَلَ صَوْمُهُ ط وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ أَفْطَرَ (قَوْلُهُ: كَالْوَطْءِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ) فَإِنَّهُ لَوْ وَطِئَ فِيهَا نَاسِيًا لَا يَسْتَأْنِفُ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْوَطْءِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِالصَّوْمِ نَهْرٌ عَنْ الْجَوْهَرَةِ، وَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ النَّصَّ اشْتَرَطَ الصَّوْمَ قَبْلَ تَمَامِهَا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) كَالْبَدَائِعِ وَالتُّحْفَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَالْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ ابْنِ مَلِكٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْعَمْدِ وَقَعَ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ، وَالْغَلَطُ مِنْ ابْنِ مَلِكٍ هُوَ جَعْلُهُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ النِّسْيَانِ، بَلْ هُوَ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ) حَيْثُ قَالَ: وَكَذَا اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ إنْ وَطِئَهَا: أَيْ الْمُظَاهِرُ مِنْهَا عَمْدًا كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالنَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْقُدُورِيِّ وَالْمُضْمَرَاتِ وَالزَّاهِدِيِّ وَالنُّتَفِ وَغَيْرِهَا، وَبِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْإِسْبِيجَابِيِّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بِاللَّيْلِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا لَا يَلِيقُ أَنْ يُحْمَلَ الْعَمْدُ عَلَى أَنَّهُ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ كَمَا فَعَلَهُ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ وَمَنْ تَابَعَهُ، وَمِنْ تَأْيِيدِهِ عَدَمُ الْتِفَاتِ صَاحِبِ النِّهَايَةِ إلَيْهِ. اهـ.

قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا فِي الْإِسْبِيجَابِيِّ صَرِيحٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمَفْهُومِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِ كَمَا عَلِمْت، وَمَشَى عَلَيْهِ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا فِي مَتْنِهِ. وَقَالَ فِي هَامِشِ الشَّرْحِ: مِنْ هُنَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ قَالَ لَيْلًا عَمْدًا لَمْ يُحْسِنْ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالسَّهْوَ فِي الْوَطْءِ بِاللَّيْلِ سَوَاءٌ اهـ. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْعِنَايَةِ: إنَّ جِمَاعَهُمَا لَيْلًا عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا سَوَاءٌ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي وَطْءٍ لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ اهـ أَيْ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَالطَّرَفَيْنِ؛ فَعِنْدَهُ جِمَاعُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا إنَّمَا: يَقْطَعُ التَّتَابُعَ إنْ أَفْسَدَ الصَّوْمَ وَعِنْدَهُمَا مُطْلَقًا لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْكَفَّارَةِ عَلَى التَّمَاسِّ شَرْطٌ بِالنَّصِّ، وَتَمَامُ تَقْرِيرِهِ فِي الْفَتْحِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ: إنَّ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالْعَمْدِ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى دَلِيلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِ النَّصِّ إلَخْ) وَمِنْ قَوَاعِدِنَا أَنَّا لَا نَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَإِنْ كَانَا فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَا فِي حُكْمَيْنِ وَإِنَّمَا مُنِعَ عَنْ الْوَطْءِ قَبْلَ الْإِطْعَامِ مَنْعَ تَحْرِيمٍ لِجَوَازِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ فَيَقَعَانِ بَعْدَهُ كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْقُدْرَةَ حَالَ قِيَامِ الْعَجْزِ بِالْفَقْرِ وَالْكِبَرِ وَالْمَرَضِ الَّذِي لَا يُرْجَى زَوَالُهُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ وَبِاعْتِبَارِ الْأُمُورِ الْمَوْهُومَةِ لَا تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ ابْتِدَاءً بَلْ يَثْبُتُ الِاسْتِحْبَابُ نَهْرٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: لَا يُجْزِئُهُ إلَّا الصَّوْمُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ مَلَكَ وَالْعِتْقُ وَالْإِطْعَامُ لَا يَصِحُّ إلَّا مِمَّنْ يَمْلِكُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكَاتَبًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>