أَوْ مُسْتَسْعًى وَكَذَا الْحُرُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (لَا يُجْزِئُهُ إلَّا الصَّوْمُ) الْمَذْكُورُ وَلَمْ يَتَنَصَّفْ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ (وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (أَعْتَقَ سَيِّدُهُ عَنْهُ، أَوْ أَطْعَمَ) وَلَوْ بِأَمْرِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ التَّمَلُّكِ إلَّا فِي الْإِحْصَارِ فَيُطْعِمُ عَنْهُ الْمَوْلَى، قِيلَ نَدْبًا، وَقِيلَ وُجُوبًا.
(فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ) لِمَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ كِبَرٍ (أَطْعَمَ) أَيْ مَلَّكَ (سِتِّينَ مِسْكِينًا) وَلَوْ حُكْمًا، وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ بَدَائِعُ (كَالْفِطْرَةِ) قَدْرًا
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ بَلْ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَسْعًى) هُوَ الَّذِي عَتَقَ بَعْضُهُ وَسَعَى فِي بَاقِيهِ وَهَذَا عِنْدَهُ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَعْتِقُ كُلُّهُ وَيَكُونُ حُرًّا مَدْيُونًا فَيَصِحُّ تَكْفِيرُهُ بِالْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ مِنْ جَرَيَانِ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ السَّفِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْهَا يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ وَلَمْ يَجْزِ عَنْ تَكْفِيرِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَغَيْرِهَا نَهْرٌ.
لُغْزٌ أَيُّ حُرٍّ لَيْسَ لَهُ كَفَّارَةٌ إلَّا بِالصَّوْمِ؟
وَأَفَادَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يُلْغَزُ فِيهِ فَيُقَالُ: لَنَا حُرٌّ لَيْسَ لَهُ كَفَّارَةٌ إلَّا بِالصَّوْمِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَنَصَّفْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالِ كَيْفَ لَزِمَهُ الصَّوْمُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ صَوْمُ شَهْرَيْنِ لَا نِصْفُهُمَا مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَتَنَصَّفْ لِمَا فِي الْكَفَّارَةِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَالْعِبَادَةُ لَا تَتَنَصَّفُ فِي حَقِّهِ، وَإِنَّمَا تَتَنَصَّفُ الْعُقُوبَةُ كَالْحَدِّ وَالنِّعْمَةِ كَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ صَوْمِ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ صَوْمِهَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّ عَبْدٍ بِهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَمْرِهِ) أَيْ أَمْرِ السَّيِّدِ لَهُ بِأَنْ مَلَّكَهُ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِيَارِ فِي أَدَاءِ مَا كُلِّفَ بِهِ أَوْ بِأَمْرِ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَهُ؛ ثُمَّ التَّكْفِيرَ بِهِ عَنْهُ كَمَا لَوْ أَمَرَ الْحُرُّ غَيْرَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُطْعِمُ عَنْهُ الْمَوْلَى) فِيهِ مُسَامَحَةٌ. وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ إلَّا فِي الْإِحْصَارِ، فَإِنَّ الْمَوْلَى يَبْعَثُ عَنْهُ لِيَحِلَّ هُوَ فَإِذَا عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ (قَوْلُهُ: قِيلَ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا) الْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ. فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ: لَوْ أُحْصِرَ بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى قِيلَ لَا يَلْزَمُ الْمَوْلَى إنْفَاذُ هَدْيٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْعَبْدِ عَلَى مَوْلَاهُ حَقٌّ فَإِذَا عَتَقَ وَجَبَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ يَلْزَمُهُ لِأَنَّ هَذَا دَمٌ وَجَبَ لِبَلِيَّةٍ اُبْتُلِيَ بِهَا الْعَبْدُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَالنَّفَقَةِ اهـ مُلَخَّصًا. قَالَ ط: وَقَدْ يُقَالُ: مَنْ نَفَى الْوُجُوبَ لَا يَنْفِي النَّدْبَ، بَلْ يَقُولُ بِهِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخَرِ.
(قَوْلُهُ: لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ) فَلَوْ بَرِئَ وَجَبَ الصَّوْمُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ مَلَّكَ) الْإِطْعَامُ لَا يَخْتَصُّ بِالتَّمْلِيكِ كَمَا سَيَأْتِي، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا التَّمْلِيكُ وَبِمَا بَعْدَهُ الْإِبَاحَةُ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: إذَا أَرَادَ التَّمْلِيكَ أَطْعَمَ كَالْفِطْرَةِ، وَإِذَا أَرَادَ الْإِبَاحَةَ أَطْعَمَهُمْ غَدَاءً وَعَشَاءً (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُكْمًا) أَيْ فَإِنَّ الْفَقِيرَ مِثْلُهُ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَقَيْدُ الْمِسْكِينِ اتِّفَاقِيٌّ لِجَوَازِ الصَّرْفِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ اهـ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ " سِتِّينَ "، لِيَشْمَلَ مَا لَوْ أَطْعَمَ وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا، لَكِنْ يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي مِنْ تَصْرِيحِ الْمُصَنِّفِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ) أَيْ لَوْ كَانَ فِيهِمْ صَبِيٌّ لَمْ يُرَاهِقْ لَا يُجْزِئُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَمَالَ الْحَلْوَانِيُّ إلَى عَدَمِ الْجَوَازِ بَحْرٌ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالشَّرْطُ غَدَاءَانِ، أَوْ عَشَاءَانِ مُشْبِعَانِ وَذَكَرَ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ - وَهُوَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ عَنْ الْبَدَائِعِ -: وَأَمَّا إطْعَامُ الصَّغِيرِ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَجَائِزٌ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ لَا الْإِبَاحَةِ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ هُنَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ وَقَعَ فِي النَّهْرِ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي التَّمْلِيكِ وَهُوَ صَحِيحٌ لِلصَّغِيرِ، فَالصَّوَابُ ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ إلَخْ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا فِي الْمِنَحِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: وَلَوْ كَانَ فِيمَنْ أَطْعَمَهُمْ صَبِيٌّ فَطِيمٌ لَمْ يَجْزِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي كَامِلًا. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا دَعَا مَسَاكِينَ وَأَحَدُهُمْ صَبِيٌّ فَطِيمٌ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ لَا يَجْزِيهِ كَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ. وَفِي الْمُجَرَّدِ: إذَا كَانُوا غِلْمَانًا يُعْتَمَدُ مِثْلُهُمْ يَجُوزُ. اهـ. وَبِهِ ظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَطِيمِ وَبِغَيْرِ الْمُرَاهِقِ مَنْ لَا يَسْتَوْفِي الطَّعَامَ الْمُعْتَادَ (قَوْلُهُ: كَالْفِطْرَةِ قَدْرًا) أَيْ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ وَدَقِيقٍ كُلٌّ كَأَصْلِهِ، وَكَذَا السَّوِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute