للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَصْرِفًا (أَوْ قِيمَةِ ذَلِكَ) مِنْ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ، إذْ الْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ (وَإِنْ) أَرَادَ الْإِبَاحَةَ (فَغَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ) ، أَوْ غَدَّاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ الْعَشَاءِ، أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ أَطْعَمَهُمْ غَدَاءَيْنِ، أَوْ عَشَاءَيْنِ، أَوْ عَشَاءً وَسَحُورًا وَأَشْبَعَهُمْ (جَازَ) بِشَرْطِ إدَامٍ فِي خُبْزِ شَعِيرٍ وَذُرَةٍ لَا بُرٍّ (كَمَا) جَازَ (لَوْ أَطْعَمَ وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا)

ــ

[رد المحتار]

وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُعْتَبَرُ الْكَيْلُ، أَوْ الْقِيمَةُ فِيهِمَا كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ بَحْرٌ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ أَدَّى الدَّقِيقَ، أَوْ السَّوِيقَ أَجْزَأَهُ، لَكِنْ قِيلَ يُعْتَبَرُ فِيهِ تَمَامُ الْكَيْلِ، وَذَلِكَ نِصْفُ صَاعٍ فِي دَقِيقِ الْحِنْطَةِ وَصَاعٌ فِي دَقِيقِ الشَّعِيرِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ، وَقِيلَ بِالْقِيمَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَمَامُ الْكَيْلِ. اهـ. فَقَوْلُ الْبَحْرِ " وَدَقِيقٍ كُلٌّ كَأَصْلِهِ " مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ دَفَعَ الْبَعْضَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالْبَعْضَ مِنْ الشَّعِيرِ جَازَ إذَا كَانَ قَدْرَ الْوَاجِبِ كَرُبُعِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَنِصْفٍ مِنْ شَعِيرٍ لِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْإِطْعَامُ؛ وَلَا يَجُوزُ التَّكْمِيلُ بِالْقِيمَةِ كَنِصْفِ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ جَيِّدٍ يُسَاوِي صَاعًا مِنْ الْوَسَطِ (قَوْلُهُ: وَمَصْرِفًا) فَلَا يَجُوزُ إطْعَامُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَمَمْلُوكِهِ وَالْهَاشِمِيِّ. وَيَجُوزُ إطْعَامُ الذِّمِّيِّ لَا الْحَرْبِيِّ وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا بَحْرٌ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَفِي الْحَاوِي وَإِنْ أَطْعَمَ فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ جَازَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَجُوزُ، وَبِهِ نَأْخُذُ. اهـ.

قُلْت: بَلْ صَرَّحَ فِي كَافِي الْحَاكِمِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: إذْ الْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ) فَإِنَّ عَطْفَ الْقِيمَةِ عَلَى الْمَنْصُوصِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ كَالْفِطْرَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْقِيمَةَ مِنْ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ. اهـ. ح. وَمَا فِي النَّهْرِ - مِنْ قَوْلِهِ: وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْقِيمَةُ أَعَمُّ مِنْ قِيمَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ اهـ - فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ فَافْهَمْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ إنَّمَا يَجُوزُ لَوْ دَفَعَ مِنْ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ، أَمَّا لَوْ دَفَعَ مَنْصُوصًا بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ عَنْ مَنْصُوصٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ الْمَدْفُوعُ الْكَمِّيَّةَ الْمُقَدَّرَةَ شَرْعًا، فَلَوْ دَفَعَ صَاعَ تَمْرٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ لَا يَجُوزُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ لِمَنْ أَعْطَاهُمْ الْقَدْرَ الْمُقَدَّرَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ اسْتَأْنَفَ فِي غَيْرِهِمْ. وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: فَغَدَّاهُمْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ غَدَّاهُمْ بِدُونِ فَاءٍ كَمَا هُوَ أَصْلُ الْمَتْنِ وَالْأُولَى أَوْلَى، فَزَادَ الشَّارِحُ الْفَاءَ لِأَنَّهُ قَدَّرَ فِعْلًا لِلشَّرْطِ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ هُوَ قَوْلُهُ: جَازَ (قَوْلُهُ: أَوْ غَدَّاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ الْعَشَاءِ) أَيْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالتَّمْلِيكِ لِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ جَائِزَيْنِ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَكَذَا يَجُوزُ إذَا مَلَّكَ ثَلَاثِينَ وَأَطْعَمَ ثَلَاثِينَ وَكَذَا يَجُوزُ تَكْمِيلُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بَحْرٌ فَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِنْ أَعْطَى كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَمُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْعَمَهُمْ غَدَاءَيْنِ) أَيْ أَشْبَعَهُمْ بِطَعَامٍ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ مَرَّتَيْنِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَشَاءَيْنِ: أَيْ أَشْبَعَهُمْ بِطَعَامٍ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ مَرَّتَيْنِ، كَذَا فِي الدُّرَرِ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَلَا تَكْفِي فِي يَوْمٍ أَكْلَةٌ وَفِي آخَرَ أُخْرَى لَكِنَّ صَرِيحَ مَا يَأْتِي فِي الْفُرُوعِ آخِرَ الْبَابِ يُخَالِفُهُمْ (قَوْلُهُ: وَأَشْبَعَهُمْ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ مَا أَكَلُوا كَمَا فِي الْوِقَايَةِ فَالشَّرْطُ فِي طَعَامِ الْإِبَاحَةِ أَكْلَتَانِ مُشْبِعَتَانِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ شَبْعَانُ قَبْلَ الْأَكْلِ، أَوْ صَبِيٌّ غَيْرُ مُرَاهِقٍ لَمْ يَجْزِ بَحْرٌ وَسَيَأْتِي أَيْضًا، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الصَّوَابَ ذِكْرُ الصَّبِيِّ هُنَا لَا فِي التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إدَامٍ إلَخْ) أَيْ لِيُمْكِنَهُمْ الِاسْتِيفَاءُ إلَى الشِّبَعِ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ، وَالْآخَرُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِخُبْزِ الْبُرِّ لِأَنَّ مُحَمَّدًا نَصَّ عَلَى الْبُرِّ فِي الزِّيَادَاتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ وَيُعَشِّيَهُمْ بِخُبْزٍ مَعَهُ إدَامٌ (قَوْلُهُ: كَمَا جَازَ لَوْ أَطْعَمَ) يَشْمَلُ التَّمْلِيكَ وَالْإِبَاحَةَ، وَعَبَّرَ فِي الْكَنْزِ بِأَعْطَى الْمُخْتَصِّ بِالتَّمْلِيكِ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. وَفِيهِ: وَالْكِسْوَةُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَالْإِطْعَامِ، حَتَّى لَوْ أَعْطَى وَاحِدًا عَشَرَةَ أَثْوَابٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>