للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ صَدَّقَتْهُ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ قَصْدًا، وَلَا يَنْتَفِي النَّسَبُ لِأَنَّهُ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي إبْطَالِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَا حُبِسَا، وَحَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَعْفُ الْمَرْأَةُ. وَاسْتَشْكَلَ فِي النَّهْرِ حَبْسَهَا بَعْدَ امْتِنَاعِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ. .

(وَإِذَا لَمْ يَصْلُحْ) الزَّوْجُ (شَاهِدًا) لِرِقِّهِ أَوْ كُفْرِهِ (وَكَانَ أَهْلًا لِلْقَذْفِ) أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا نَاطِقًا (حُدَّ) الْأَصْلُ أَنَّ اللِّعَانَ إذَا سَقَطَ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ فَلَوْ الْقَذْفُ صَحِيحًا حُدَّ وَإِلَّا فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ (فَإِنْ صَلَحَ) شَاهِدًا (وَ) الْحَالُ أَنَّهَا (هِيَ) لَمْ تَصْلُحْ، أَوْ (مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ (وَلَا لِعَانَ) .

ــ

[رد المحتار]

فَتُحَدُّ " غَلَطٌ، لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً فَكَيْفَ يَجِبُ بِالتَّصْدِيقِ مَرَّةً بَحْرٌ وَزَيْلَعِيٌّ.

قُلْت: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْقُدُورِيِّ بِالتَّصْدِيقِ الْإِقْرَارُ بِالزِّنَا لَا مُجَرَّدُ قَوْلِهَا صَدَقْتَ، وَاكْتَفَى عَنْ ذِكْرِ التَّكْرَارِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِهِ، وَيُشِيرُ إلَى هَذَا قَوْلُ الْحَاكِمِ فِي الْكَافِي، وَإِذَا صَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عِنْدَ الْإِمَامِ فَقَالَتْ: صَدَقَ وَلَمْ تَقُلْ: زَنَيْتُ وَأَعَادَتْ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ لَمْ يَلْزَمْهَا حَدُّ الزِّنَا، وَيَبْطُلُ اللِّعَانُ وَلَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَهَا بَعْدَ هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَفِي النَّسَبُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي شَرْحَيْ الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ - مِنْ أَنَّهَا إذَا صَدَّقَتْهُ يَنْتَفِي - غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ بَحْرٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ شُرُوطَ النَّفْيِ سِتَّةٌ مِنْهَا تَفْرِيقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بَعْدَ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ لِعَانِهِ، فَقَبْلَهُ لَيْسَ امْتِنَاعًا لِحَقٍّ وَجَبَ نَهْرٌ. وَأَجَابَ ط بِأَنَّهُ بَعْدَ التَّرَافُعِ مِنْهُمَا صَارَ إمْضَاءُ اللِّعَانِ حَقَّ الشَّرْعِ فَإِذَا لَمْ تَعْفُ وَأَظْهَرَتْ الِامْتِنَاعَ تُحْبَسُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَى هُوَ فَقَطْ فَلَا تُحْبَسُ اهـ فَتَأَمَّلْ. وَأَجَابَ الرَّحْمَتِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا امْتَنَعَا فِي آنٍ وَاحِدٍ بَلْ الْمُرَادُ امْتِنَاعُهُ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ وَامْتِنَاعُهَا بَعْدَ لِعَانِهِ فَأَرْجَعَ الْمَسْأَلَةَ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(قَوْلُهُ: لِرِقِّهِ) أَوْ لِكَوْنِهِ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ كُفْرِهِ) بِأَنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا نَاطِقًا) أَمَّا لَوْ كَانَ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ أَخْرَسَ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ مِنَحٌ لِأَنَّ قَذْفَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: إذَا سَقَطَ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ) بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ شَاهِدًا لِرِقِّهِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا لَوْ سَقَطَ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ سَقَطَ مِنْ جِهَتِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَا مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ سَقَطَ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِهِ فَلَا تُعْتَبَرُ جِهَتُهَا مَعَهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ الْقَذْفُ صَحِيحًا) بِأَنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا نَاطِقًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَذْفُ صَحِيحًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ) نَفْيُ اللِّعَانِ تَأْكِيدٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا سَقَطَ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصْلُحْ) أَيْ الشَّهَادَةُ، وَإِنَّمَا زَادَهُ لِيَشْمَلَ الْمَحْدُودَةَ فِي قَذْفٍ، فَإِنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهَا مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا كَذَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، وَلَوْلَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَكَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُحَدُّ لَهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ شَرْطَ الْحَدِّ الْإِحْصَانُ، وَهُوَ كَوْنُهَا مُسْلِمَةً حُرَّةً بَالِغَةً عَاقِلَةً عَفِيفَةً كَمَا مَرَّ. وَشَرْطُ اللِّعَانِ: الْإِحْصَانُ وَأَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ، فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ لِفَقْدِ الْإِحْصَانِ، وَإِذَا كَانَتْ مُحْصَنَةً لَكِنَّهَا مَحْدُودَةٌ فِي قَذْفٍ فَلَا لِعَانَ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، وَلَا حَدَّ أَيْضًا لِأَنَّهُ سَقَطَ اللِّعَانُ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا لَا مِنْ جِهَتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ كَافِرَةً أَوْ رَقِيقَةً، أَوْ صَغِيرَةً، أَوْ مَجْنُونَةً فَلَا حَدَّ لِعَدَمِ الْإِحْصَانِ وَلَا لِعَانَ لِذَلِكَ وَلِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلشَّهَادَةِ، وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ عَفِيفَةٍ سَقَطَا أَيْضًا لِعَدَمِ الْإِحْصَانِ وَلِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا كَانَتْ عَفِيفَةً مَحْدُودَةً فَلِمَا عَلِمْت هَكَذَا يَنْبَغِي تَحْرِيرُ هَذَا الْمَقَامِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ) هَذَا فِي غَيْرِ الْعَفِيفَةِ الْمَحْدُودَةِ، أَمَّا فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>