لِأَنَّهُ خَلَفُهُ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ حَسْمًا لِهَذَا الْبَابِ، هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ. (وَيُعْتَبَرُ الْإِحْصَانُ عِنْدَ الْقَذْفِ، فَلَوْ قَذَفَهَا وَهِيَ أَمَةٌ، أَوْ كَافِرَةٌ ثُمَّ أَسْلَمَتْ، أَوْ أُعْتِقَتْ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ) زَيْلَعِيٌّ.
(وَيَسْقُطُ) اللِّعَانُ بَعْدَ وُجُوبِهِ (بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ ثُمَّ لَا يَعُودُ بِتَزْوِيجِهَا بَعْدَهُ) لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ (وَكَذَا) يَسْقُطُ (بِزِنَاهَا وَوَطْئِهَا بِشُبْهَةٍ وَبِرِدَّتِهَا) وَلَا يَعُودُ لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ (وَيَسْقُطُ بِمَوْتِ شَاهِدِ الْقَذْفِ وَغَيْبَتِهِ لَا) يَسْقُطُ (لَوْ عَمِيَ) الشَّاهِدُ (أَوْ فَسَقَ أَوْ ارْتَدَّ) .
(وَلَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَبِيَّةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ وَهُوَ) أَيْ الْجُنُونُ.
ــ
[رد المحتار]
فَيُحَدُّ الْأَجْنَبِيُّ بِقَذْفِهَا كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ لِأَنَّ سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْ الزَّوْجِ لِعِلَّةٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ فِي الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ خَلَفُهُ) كَذَا فِي الدُّرَرِ. وَالصَّحِيحُ فِي التَّعْلِيلِ مَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الْعَفِيفَةِ الْمَحْدُودَةِ لِأَنَّ اللِّعَانَ فِيهَا لَمْ يَسْقُطْ تَبَعًا لِلْحَدِّ بَلْ بِالْعَكْسِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الضَّمِيرُ فِي " لِأَنَّهُ " لِلْحَدِّ وَفِي " خَلَفُهُ " لِلِّعَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ هُوَ اللِّعَانُ وَالْحَدُّ خَلَفٌ عَنْهُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا سَقَطَ اللِّعَانُ وَجَبَ الْحَدُّ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْهُ. وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْكَمَالِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّهُ آذَاهَا وَأَلْحَقَ الشَّيْنَ بِهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ التَّعْزِيرِ فِي غَيْرِ الْعَفِيفَةِ قَالَهُ أَبُو السُّعُودِ: وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا هِيَ الَّتِي أَلْحَقَتْ الشَّيْنَ بِنَفْسِهَا ط.
قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ مُجَاهِرَةً وَإِلَّا فَيُعَزَّرُ بِطَلَبِهَا لِإِظْهَارِهِ الْفَاحِشَةَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَصْلُحْ شَاهِدًا إلَخْ (قَوْلُهُ: تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: وَصَلَحَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ غَيْرِ الْعَفِيفَةِ وَعَمَّا إذَا لَمْ يَصْلُحْ وَصَلَحَتْ، أَوْ عَكْسِهِ فَافْهَمْ. [تَتِمَّةٌ] :
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ صَرِيحًا لِمَا إذَا لَمْ يَصْلُحَا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَدْ فُهِمَ مِنْ اشْتِرَاطِهِ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا لِعَانَ وَأَمَّا الْحَدُّ فَلَا يَجِبُ لَوْ صَغِيرَيْنِ، أَوْ مَجْنُونَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنِ، وَيَجِبُ لَوْ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ لِامْتِنَاعِ اللِّعَانِ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ، وَكَذَا يَجِبُ لَوْ كَانَ هُوَ عَبْدًا وَهِيَ مَحْدُودَةً لِأَنَّ قَذْفَ الْعَفِيفَةِ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَلَوْ كَانَتْ مَحْدُودَةً (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ الْإِحْصَانُ) يُعْلَمُ مِنْهُ وَمِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا يَسْقُطُ بِزِنَاهَا اشْتِرَاطُ دَوَامِهِ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ إلَى التَّلَاعُنِ ط.
(قَوْلُهُ: بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ) لَوْ قَالَ بِالْبَيْنُونَةِ لَشَمِلَ الْبَيْنُونَةَ بِالطَّلَاقِ، أَوْ الْفَسْخِ، أَوْ الْمَوْتِ. وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّ حَدَّهُ كَانَ اللِّعَانَ فَلَمَّا لَمْ يَسْتَقِرَّ اللِّعَانُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَمْ يُحَوَّلْ إلَى الْحَدِّ، وَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ يُحَدَّ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَوْ قَالَ يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَدُّ وَلَا اللِّعَانُ اهـ أَيْ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بَعْدَ وُجُوبِ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ بِمَوْتِ إلَخْ) أَيْ إذَا شَهِدَ وَعَدَّلَهُ الْقَاضِي ثُمَّ مَاتَ، أَوْ غَابَ لَا يُقْضَى بِهِ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الْجَامِعِ: لَوْ مَاتَ الشَّاهِدَانِ، أَوْ غَابَا بَعْدَمَا عُدِّلَا لَا يُقْضَى بِاللِّعَانِ وَفِي الْمَالِ يُقْضَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَمِيَا أَوْ فَسَقَا، أَوْ ارْتَدَّا حَيْثُ يُلَاعَنُ بَيْنَهُمَا. اهـ. قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَاحْتِمَالُ رُجُوعِ الشَّاهِدِ عَنْ شَهَادَتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ شُبْهَةٌ فَمَا دَامَ حَيًّا حَاضِرًا فَالِاحْتِمَالُ قَائِمٌ، فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ زَالَ الِاحْتِمَالُ، وَبَعْدَ الْقَضَاءِ يَلْغُو ذَلِكَ الِاحْتِمَالُ لِتَأَكُّدِ الْحَقِّ بِالْقَضَاءِ، أَمَّا إذَا مَاتَ، أَوْ غَابَ فَلَا يُقْضَى بِشَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا احْتَمَلَ رُجُوعَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَتَأَمَّلْ هَذَا. وَفِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ الشَّاهِدَيْنِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ كَلَامٌ مَذْكُورٌ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ فِي بَابِ حَدِّ السَّرِقَةِ فَرَاجِعْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute