للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتَسَامَحُونَ فِي ذَلِكَ نَهْرٌ (أُجِّلَ سَنَةً) لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِتَأْجِيلِ غَيْرِ قَاضِي الْبَلْدَةِ (قَمَرِيَّةً) بِالْأَهِلَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَبَعْضُ يَوْمٍ، وَقِيلَ: شَمْسِيَّةً بِالْأَيَّامِ وَهِيَ أَزْيَدُ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، قِيلَ وَبِهِ يُفْتَى، وَلَوْ أُجِّلَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فَبِالْأَيَّامِ إجْمَاعًا (وَرَمَضَانُ وَأَيَّامُ حَيْضِهَا مِنْهَا) .

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ

فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، لَكِنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ كَمَا فِي عَطْفِ جِبْرِيلَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ لِزِيَادَةِ شَرَفِهِ، وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ لِخَفَائِهِ: أَيْ خَفَاءِ دُخُولِهِ فِيهِ بِسَبَبِ تَسْمِيَتِهِ بِاسْمٍ خَاصٍّ. وَلَمَّا كَانَ الْمَشْهُورُ فِي عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اخْتِصَاصَهُ بِالْوَاوِ وَبِحَتَّى كَمَا فِي: مَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ دُونَ " أَوْ "، أَجَابَ بِأَنَّهُ تَسَامُحُ الْفُقَهَاءِ، وَالتَّسَامُحُ اسْتِعْمَالُ كَلِمَةٍ مَكَانَ أُخْرَى لَا لِعَلَاقَةٍ وَقَرِينَةٍ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ وَقَعَ بِأَوْ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا» وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بِثُمَّ أَيْضًا كَمَا فِي حَدِيثِ «وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ ثُمَّ لْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ، وَلْيُحِدَّ شَفْرَتَهُ» .

(قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ) لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لِعِلَّةٍ مُعْتَرِضَةٍ، أَوْ آفَةٍ أَصْلِيَّةٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ عِلَّةٍ مُعْتَرِضَةٍ، فَإِمَّا عَنْ غَلَبَةِ حَرَارَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ، أَوْ رُطُوبَةٍ، أَوْ يُبُوسَةٍ، وَالسَّنَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ.

مَطْلَبٌ فِي طَبَائِعِ فُصُولِ السَّنَةِ الْأَرْبَعَةِ

فَالصَّيْفُ حَارٌّ يَابِسٌ. وَالْخَرِيفُ بَارِدٌ يَابِسٌ، وَهُوَ أَرْدَأُ الْفُصُولِ. وَالشِّتَاءُ بَارِدٌ رَطْبٌ. وَالرَّبِيعُ حَارٌّ رَطْبٌ فَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ عَنْ أَحَدِ هَذِهِ تَمَّ عِلَاجُهُ فِي الْفَصْلِ الْمُضَادِّ فِيهِ، أَوْ مِنْ كَيْفِيَّتَيْنِ فَيَتِمُّ فِي مَجْمُوعِ فَصْلَيْنِ مُضَادَّيْنِ، فَكَانَتْ السَّنَةُ تَمَامَ مَا يُتَعَرَّفُ بِهِ الْحَالُ، فَإِذَا مَضَتْ وَلَمْ يَصِلْ عُرِفَ أَنَّهُ بِآفَةٍ أَصْلِيَّةٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ قَدْ يَمْتَدُّ سِنِينَ بِآفَةٍ مُعْتَرِضَةٍ كَالْمَسْحُورِ.

فَالْحَقُّ أَنَّ التَّفْرِيقَ إمَّا بِغَلَبَةِ ظَنِّ عَدَمِ زَوَالِهِ لِزَمَانَتِهِ أَوْ لِلْآفَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَمُضِيُّ السَّنَةِ مُوجِبٌ لِذَلِكَ، أَوْ هُوَ عَدَمُ إيفَاءِ حَقِّهَا، وَالسَّنَةُ جُعِلَتْ غَايَةً فِي الصَّبْرِ وَإِبْلَاءِ الْعُذْرِ شَرْعًا، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِتَأْجِيلِ غَيْرِ قَاضِي الْبَلْدَةِ) لِأَنَّ هَذَا مُقَدِّمَةُ أَمْرٍ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي وَهُوَ الْفُرْقَةُ فَكَذَا مُقَدِّمَتُهُ وَلْوَالِجِيَّةٌ، فَلَا يُعْتَبَرُ تَأْجِيلُ الْمَرْأَةِ وَلَا تَأْجِيلُ غَيْرِهَا بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَأْجِيلُ غَيْرِ الْحَاكِمِ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَتْحٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُحَكَّمًا تَأَمَّلْ. وَفِي الْبَحْرِ: وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي بَعْدَمَا أَجَّلَهُ بَنَى الْمَوْلَى عَلَى التَّأْجِيلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِالْأَهِلَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَجْهُهُ أَنَّ الثَّابِتَ عَنْ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ وَغَيْرِهِ اسْمُ السَّنَةِ، وَأَهْلُ الشَّرْعِ إنَّمَا يَتَعَارَفُونَ الْأَشْهُرَ وَالسِّنِينَ بِالْأَهِلَّةِ، فَإِذَا أَطْلَقُوا السَّنَةَ انْصَرَفُوا إلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِخِلَافِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُ يَوْمٍ) هُوَ ثَمَانِي سَاعَاتٍ وَأَرْبَعُونَ دَقِيقَةً قُهُسْتَانِيٌّ وَذَلِكَ ثُلُثُ يَوْمٍ وَثُلُثُ عُشْرِ يَوْمٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ شَمْسِيَّةٌ) اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَظَهِيرُ الدِّينِ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَتْحٌ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْعَدَدِيَّةِ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَزْيَدُ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا) أَيْ وَخَمْسِ سَاعَاتٍ وَخَمْسٍ وَخَمْسِينَ دَقِيقَةً، أَوْ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ دَقِيقَةً، وَتَمَامُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ: فَبِالْأَيَّامِ إجْمَاعًا) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ اعْتِبَارُ السَّنَةِ الْعَدَدِيَّةِ كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَأَنَّهُ لَا يَكْمُلُ الْأَوَّلُ ثَلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ الْأَخِيرِ، وَبَاقِي الْأَشْهُرِ بِالْأَهِلَّةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الصَّاحِبَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ، وَقَدْ أَجْرَوْا هَذَا الْخِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي الْعِدَّةِ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الْأَيَّامُ إجْمَاعًا وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِجَارَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَأَيَّامُ حَيْضِهَا) وَكَذَا نِفَاسِهَا ط عَنْ الْبَحْرِ، لَكِنِّي لَمْ أَرَهُ فِي الْبَحْرِ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: مِنْهَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>