مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، أَوْ آيِسَةً، أَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، وَلَوْ مَاتَ مَوْلَاهَا وَزَوْجُهَا وَلَمْ يُدْرَ الْأَوَّلُ تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، أَوْ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ بَحْرٌ. وَلَا تَرِثُ مِنْ زَوْجِهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ حُرِّيَّتِهَا يَوْمَ مَوْتِهِ. وَلَا عِدَّةَ عَلَى أَمَةٍ وَمُدَبَّرَةٍ كَانَ يَطَؤُهَا لِعَدَمِ الْفِرَاشِ جَوْهَرَةٌ (وَ) كَذَا (مَوْطُوءَةٌ بِشُبْهَةٍ) كَمَزْفُوفَةٍ لِغَيْرِ بَعْلِهَا (أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) .
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ: حِكَايَةُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ
حُكِيَ أَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ لَمَّا أُخْرِجَ مِنْ السِّجْنِ زَوَّجَ السُّلْطَانُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ مِنْ خُدَّامِهِ الْأَحْرَارِ، فَاسْتَحْسَنَهُ الْعُلَمَاءُ، وَخَطَّأَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّ تَحْتَ كُلِّ خَادِمٍ حُرَّةً، وَهَذَا تَزَوُّجُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ فَقَالَ السُّلْطَانُ: أُعْتِقُهُنَّ وَأُجَدِّدُ الْعَقْدَ فَاسْتَحْسَنَهُ الْعُلَمَاءُ، وَخَطَّأَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّ عَلَيْهِنَّ الْعِدَّةَ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ. وَقِيلَ: إنَّ هَذَا كَانَ سَبَبَ حَبْسِهِ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ أَغْرَاهُ عَلَيْهِ وَأَنَّ الطَّلَبَةَ لَمَّا لَمْ تَمْتَنِعْ عَنْهُ مَنَعُوا عَنْهُ كُتُبَهُ فَأَمْلَى الْمَبْسُوطَ مِنْ حِفْظِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا) فَإِنْ كَانَتْ فَعِدَّتُهَا الْوَضْعُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ آيِسَةً) فَإِنْ كَانَتْ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ) فَلَا عِدَّةَ لِزَوَالِ فِرَاشِهِ قُهُسْتَانِيٌّ. وَأَسْبَابُ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ: نِكَاحُ الْغَيْرِ وَعِدَّتُهُ وَتَقْبِيلُ ابْنِ الْمَوْلَى، فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِمَوْتِ الْمَوْلَى أَوْ إعْتَاقِهِ بَعْدَ تَقْبِيلِ ابْنِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ مَوْلَاهَا وَزَوْجُهَا إلَخْ) أَيْ بَعْدَمَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ لِأَنَّ الْمَوْلَى إنْ كَانَ قَدْ مَاتَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَهِيَ حُرَّةٌ فَلَا يَجِبُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى شَيْءٌ وَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ عِدَّةَ الْحُرَّةِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَاتَ أَوَّلًا وَهِيَ أَمَةٌ لَزِمَهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ، وَلَا يَلْزَمُهَا بِمَوْتِ الْمَوْلَى شَيْءٌ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةُ الزَّوْجِ، فَفِي حَالٍ يَلْزَمُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ؛ وَفِي حَالٍ نِصْفُهَا فَلَزِمَهَا الْأَكْثَرُ احْتِيَاطًا، وَلَا تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا عَلَى احْتِمَالِ الثَّانِي لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ فِي الْمَوْتِ.
الثَّانِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَكْثَرَ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ احْتِيَاطًا لِأَنَّ الْمَوْلَى إنْ كَانَ مَاتَ أَوَّلًا لَمْ تَلْزَمْهَا عِدَّتُهُ لِأَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ، وَبَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ يَلْزَمُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوَّلًا لَزِمَهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ، وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا مُصَوَّرَةٌ أَنَّ بَيْنَهُمَا هَذِهِ الْمُدَّةَ، أَوْ أَكْثَرَ، فَمَوْتُ الْمَوْلَى بَعْدَهُ يُوجِبُ عَلَيْهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا.
الثَّالِثُ أَنْ لَا يُعْلَمَ كَمْ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا وَلَا الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَكَالْأَوَّلِ عِنْدَهُ وَكَالثَّانِي عِنْدَهُمَا، كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ بَحْرٌ. وَتَوْجِيهُ الثَّالِثِ مَذْكُورٌ فِي ح عَنْ الْبَحْرِ فَرَاجِعْهُ. وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ بِقَوْلِهِ تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَإِلَى الثَّالِثِ عِنْدَهُمَا بِقَوْلِهِ، أَوْ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا عِدَّةَ عَلَى أَمَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ) أَيْ إذَا مَاتَ مَوْلَاهُمَا، أَوْ أَعْتَقَهُمَا إجْمَاعًا بَحْرٌ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَذَا أُمُّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَوْطُوءَةٌ بِشُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) أَيْ عِدَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَرَّةً ثَانِيَةً وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute