للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمُؤَقَّتٍ (فِي الْمَوْتِ وَالْفُرْقَةِ) يَتَعَلَّقُ بِالصُّورَتَيْنِ مَعًا.

(وَ) الْعِدَّةُ (فِي) حَقِّ (مَنْ لَمْ تَحِضْ) حُرَّةً أَمْ أُمَّ وَلَدٍ (لِصِغَرٍ) بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا (أَوْ كِبَرٍ) .

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ: حِكَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ [لَطِيفَةٌ]

حَكَى فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَيْهِ بِنْتَيْنِ فَأَدْخَلَ النِّسَاءُ زَوْجَةَ كُلِّ أَخٍ عَلَى أَخِيهِ، فَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجْتَنِبُ الَّتِي أَصَابَهَا وَتَعْتَدُّ لِتَعُودَ إلَى زَوْجِهَا. وَأَجَابَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إذَا رَضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَوْطُوءَتِهِ يُطَلِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ زَوْجَتَهُ وَيَعْقِدُ عَلَى مَوْطُوءَتِهِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهَا لِلْحَالِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْعِدَّةِ فَفَعَلَا كَذَلِكَ وَرَجَعَ الْعُلَمَاءُ إلَى جَوَابِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَوْتِ) إنَّمَا تَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِإِظْهَارِ الْحُزْنِ عَلَى زَوْجٍ عَاشَرَهَا إلَى الْمَوْتِ وَلَا زَوْجِيَّةَ هُنَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: يَتَعَلَّقُ بِالصُّورَتَيْنِ مَعًا) أَيْ إنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَوْتِ وَالْفُرْقَةِ مُرْتَبِطٌ بِصُورَتَيْ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْعِدَّةُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ تَحِضْ) شُرُوعٌ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْعِدَّةِ وَهُوَ الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهِيَ فِي حَقِّ حُرَّةٍ تَحِيضُ (قَوْلُهُ: حُرَّةً أَمْ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ عِدَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَهَذَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ مَوْلَاهَا، أَوْ أَعْتَقَهَا، أَمَّا إذَا كَانَتْ مَنْكُوحَةً فَعِدَّتُهَا نِصْفُ مَا لِلْحُرَّةِ فِي الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ، أَوْ لَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي. ثُمَّ إنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَكُونُ إلَّا كَبِيرَةً، فَقَوْلُهُ " لِصِغَرٍ " خَاصٌّ بِالْحُرَّةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ كِبَرٍ شَامِلٌ لَهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا) وَقِيلَ سَبْعًا بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ.

مَطْلَبٌ فِي عِدَّةِ الصَّغِيرَةِ الْمُرَاهِقَةِ

وَفِي الْفَتْحِ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهَذَا بَيَانُ أَقَلِّ سِنٍّ يُمْكِنُ فِيهِ بُلُوغُ الْأُنْثَى، وَتَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ تَبَعًا لِلْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَنْ زَادَ سِنُّهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ تَبْلُغْ بِالسِّنِّ وَتُسَمَّى الْمُرَاهِقَةَ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ عِدَّتَهَا أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، فَلَوْ أَطْلَقَ الصَّغِيرَةَ وَفَسَّرَهَا بِمَنْ لَمْ تَبْلُغْ بِالسِّنِّ لَشَمِلَ الْمُرَاهِقَةَ وَمَنْ دُونَهَا، وَهِيَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا.

وَقَدْ يُقَالُ: مُرَادُهُ إخْرَاجُ الْمُرَاهِقَةِ اخْتِيَارًا لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ وَعَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ بَلْ يُوقَفُ حَالُهَا حَتَّى يَظْهَرَ هَلْ حَبِلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ أَمْ لَا، فَإِنْ ظَهَرَ حَبَلُهَا اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ وَإِلَّا فَبِالْأَشْهُرِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيَعْتَدُّ بِزَمَنِ التَّوَقُّفِ مِنْ عِدَّتِهَا لِأَنَّهُ كَانَ لِيَظْهَرَ حَالُهَا فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ كَانَ مِنْ عِدَّتِهَا. اهـ.

قُلْت: يَعْنِي إذَا ظَهَرَ عَدَمُ حَبَلِهَا يُحْكَمُ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَضَتْ وَيَكُونُ زَمَنُ التَّوَقُّفِ بَعْدَهَا لَغْوًا حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَتْ فِيهِ صَحَّ عَقْدُهَا.

وَفِي نَفَقَاتِ الْفَتْحِ فَرْعٌ: فِي الْخُلَاصَةِ عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إلَّا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ فَرَاغُ رَحِمِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ كَلَامُ الْفَتْحِ؛ لَكِنْ يَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِهِ احْتِيَاطًا قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَنْ لَا يَعْقِدَ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ التَّوَقُّفِ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرُوا مُدَّةَ التَّوَقُّفِ الَّتِي يَظْهَرُ بِهَا الْحَمْلُ. وَذَكَرَ فِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْحَبَلِ فِي رِوَايَةٍ إذَا كَانَ مِنْ حِينِ شِرَائِهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ لَا أَقَلُّ، وَفِي رِوَايَةٍ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ اهـ وَمَشَى فِي الْحَامِدِيَّةِ عَلَى الْأَخِيرَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي مَسْأَلَتِنَا التَّوَقُّفُ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى، فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَبَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>