للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَصِحُّ تَزَوُّجُهَا لَا لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ، بَلْ لِأَنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا ثَابِتَ النَّسَبِ (كَحَرْبِيَّةٍ خَرَجَتْ إلَيْنَا مُسْلِمَةً، أَوْ ذِمِّيَّةً، أَوْ مُسْتَأْمَنَةً ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَصَارَتْ ذِمِّيَّةً) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْجَمَادِ (إلَّا الْحَامِلَ) لِمَا مَرَّ.

(وَكَذَا لَا عِدَّةَ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ الْغَيْرِ) وَوَطِئَهَا (عَالِمًا بِذَلِكَ) وَفِي نُسَخِ الْمَتْنِ (وَدَخَلَ بِهَا) وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَبِهِ يُفْتَى، وَلِهَذَا يُحَدُّ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ زِنًا، وَالْمَزْنِيُّ بِهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا.

وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: لَوْ زَنَتْ الْمَرْأَةُ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَحِيضَ لِاحْتِمَالِ عُلُوقِهَا مِنْ الزِّنَا فَلَا يَسْقِي مَاؤُهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، فَلْيُحْفَظْ لِغَرَابَتِهِ (بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ) حَيْثُ تَحْرُمُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، وَلَا نَفَقَةَ لِعِدَّتِهَا عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا صَارَتْ نَاشِزَةً خَانِيَّةٌ.

قُلْت: يَعْنِي لَوْ عَالِمَةً رَاضِيَةً كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ.

ــ

[رد المحتار]

أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ بِلَا خِلَافٍ، فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا مَا لَمْ تَضَعْ لِأَنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا ثَابِتَ النَّسَبِ فَيَمْنَعُ التَّزَوُّجَ كَحَمْلِ أُمِّ الْوَلَدِ يَمْنَعُ الْمَوْلَى مِنْ تَزْوِيجِهَا لِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ ثَابِتَ النَّسَبِ كَانَ الْفِرَاشُ قَائِمًا فَنِكَاحُهَا يَسْتَلْزِمُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْفِرَاشَيْنِ اهـ مُلَخَّصًا فَافْهَمْ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا فِي حُكْمِ الْحُبْلَى أَيْ مِنْ الزِّنَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: كَحَرْبِيَّةٍ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا هَاجَرَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْتَأْمَنًا ثُمَّ صَارَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَتَرَكَهَا فَإِنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا هُنَاكَ إجْمَاعًا، حَتَّى جَازَ لَهُ تَزَوُّجُ أُخْتِهَا، أَوْ أَرْبَعٍ سِوَاهَا كَمَا دَخَلَ دَارَنَا لِعَدَمِ تَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ لَهَا ثَمَّةَ لَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِالْعِدَّةِ لِأَنَّهَا حَقُّ الْآدَمِيِّ فَتُخَاطَبُ بِهَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ: خَرَجَتْ إلَيْنَا) فِي نِكَاحِ الْهِدَايَةِ وَالْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْخُرُوجَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَمَضَى ثَلَاثُ حِيَضٍ بَانَتْ مِنْهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا الْحَامِلَ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا ثَابِتَ النَّسَبِ.

(قَوْلُهُ: وَوَطِئَهَا) أَيْ الْمُتَزَوِّجُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَدَخَلَ بِهَا لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْجُودًا فِي نُسَخِ الْمَتْنِ الْمُجَرَّدَةِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ النُّسْخَةِ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا عُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَوَّلَ عَلَى عَدَمِ ذِكْرِهِ فَذَكَرَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ وَوَطِئَهَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ " لِأَنَّهُ زِنًا " عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ فَتَكُونُ عِلَّةً لِلْمَعْلُولِ أَيْضًا بِوَاسِطَةٍ، وَلَوْ قَدَّمَ الْعِلَّةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأُولَى لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَالْمَزْنِيُّ بِهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا) فَلَهُ وَطْؤُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا مَا لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الْمُحَرَّمَاتِ (قَوْلُهُ: لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَهَذَا يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالِاسْتِحْبَابِ، كَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ فِي فَصْلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَقَدَّمْنَا عَنْهُ أَنَّ مَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي النُّتَفِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: فَلْيُحْفَظْ لِغَرَابَتِهِ) أَمَرَ بِحِفْظِهِ لَا لِيُعْتَمَدَ بَلْ لِيُجْتَنَبَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لِغَرَابَتِهِ، فَإِنْ الْمَشْهُورَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَاءَ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي شَكَا إلَيْهِ امْرَأَتَهُ إنَّهَا لَا تَدْفَعُ يَدَ لَامِسٍ: طَلِّقْهَا، فَقَالَ إنِّي أُحِبُّهَا وَهِيَ جَمِيلَةٌ، فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَمْتِعْ بِهَا» وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فَلَا يَسْقِي مَاؤُهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» فَهُوَ وَإِنْ كَانَ وَارِدًا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَطْءُ الْحُبْلَى لِأَنَّهُ قَبْلَ الْحَبَلِ لَا يَكُونُ زَرْعًا بَلْ مَاءً مَسْفُوحًا، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ تَزَوَّجَ حُبْلَى مِنْ زِنًا لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى تَضَعَ لِئَلَّا يَسْقِيَ زَرْعَ غَيْرِهِ لِأَنَّ بِهِ يَزْدَادُ سَمْعُ الْوَلَدِ وَبَصَرُهُ حِدَةً.

فَقَدْ ظَهَرَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ الْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ وَطْءِ الزَّوْجَةِ إذَا رَآهَا تَزْنِي وَبَيْنَ عَدَمِ جَوَازِ وَطْءِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا وَهِيَ حُبْلَى مِنْ زِنًا فَاغْتَنِمْهُ (قَوْلُهُ: لَوْ عَالِمَةً رَاضِيَةً) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً بِأَنْ رَاجَعَهَا وَهِيَ لَا تَشْعُرُ، أَوْ أَكْرَهَهَا عَلَى النِّكَاحِ لَمْ تَكُنْ نَاشِزَةً لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْ مَنْعَ نَفْسِهَا عَنْ الْأَوَّلِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ "

<<  <  ج: ص:  >  >>