للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَا لَوْ تَغَيَّرَ) بِطُولِ (مُكْثٍ) فَلَوْ عُلِمَ نَتْنُهُ بِنَجَاسَةٍ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ شَكَّ فَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ وَالتَّوَضُّؤُ مِنْ الْحَوْضِ أَفْضَلُ مِنْ النَّهْرِ رَغْمًا لِلْمُعْتَزِلَةِ.

وَكَذَا يَجُوزُ بِمَاءٍ خَالَطَهُ طَاهِرٌ جَامِدٌ مُطْلَقًا (كَأُشْنَانٍ وَزَعْفَرَانٍ) لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: إنْ أَمْكَنَ الصَّبْغُ بِهِ لَمْ يَجُزْ كَنَبِيذِ تَمْرٍ (وَفَاكِهَةٍ وَوَرَقِ شَجَرٍ) وَإِنْ غَيَّرَ كُلَّ أَوْصَافِهِ (الْأَصَحُّ إنْ بَقِيَتْ رِقَّتُهُ) أَيْ وَاسْمُهُ لِمَا مَرَّ.

ــ

[رد المحتار]

وَالْأَدِلَّةُ مَبْسُوطَةٌ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: لَا لَوْ تَغَيَّرَ إلَخْ) أَيْ لَا يَنْجُسُ لَوْ تَغَيَّرَ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيَنْجُسُ لَا عَلَى قَوْلِهِ بِمَوْتِ فَتَأَمَّلْ مُمْعِنًا.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ عُلِمَ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ لِزِيَادَةِ التَّوْضِيحِ وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِتَغَيُّرِ أَحَدِ أَوْصَافِهِ بِنَجَسٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ بَحْرٌ، وَفِيهِ عَنْ الْمُبْتَغَى بِالْغَيْنِ وَبِرُؤْيَةِ آثَارِ أَقْدَامِ الْوُحُوشِ عِنْدَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَلَوْ مَرَّ سَبُعٌ بِالرَّكِيَّةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ شُرْبُهُ مِنْهَا تَنْجُسُ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْوُحُوشَ شَرِبَتْ مِنْهُ بِدَلِيلِ الْفَرْعِ الثَّانِي وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الشَّكِّ لَا يَمْنَعُ لِمَا فِيهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ مِنْ الْحَوْضِ الَّذِي يَخَافُ قَذَرًا وَلَا يَتَيَقَّنُهُ، وَيَنْبَغِي حَمْلُ التَّيَقُّنِ الْمَذْكُورِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَالْخَوْفِ عَلَى الشَّكِّ أَوْ الْوَهْمِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. مَطْلَبٌ فِي أَنَّ التَّوَضُّؤَ مِنْ الْحَوْضِ أَفْضَلُ رَغْمًا لِلْمُعْتَزِلَةِ

وَبَيَانُ الْجُزْءِ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ: جَوْهَرٌ ذُو وَضْعٍ لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ أَصْلًا لَا بِحَسَبِ الْخَارِجِ وَلَا بِحَسَبِ الْوَهْمِ، أَوْ الْفَرْضُ الْعَقْلِيُّ، تَتَأَلَّفُ الْأَجْسَامُ مِنْ أَفْرَادٍ بِانْضِمَامِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ اهـ تَعْرِيفَاتُ السَّيِّدِ اهـ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّوَضُّؤُ مِنْ الْحَوْضِ أَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ لَا يُجِيزُونَهُ مِنْ الْحِيَاضِ فَنُرْغِمُهُمْ بِالْوُضُوءِ مِنْهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا إنَّمَا يُفِيدُ الْأَفْضَلِيَّةَ لِهَذَا الْعَارِضِ، فَفِي مَكَان لَا يَتَحَقَّقُ يَكُونُ النَّهْرُ أَفْضَلَ اهـ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي وَجْهِ مَنْعِ الْمُعْتَزِلَةِ ذَلِكَ، فَفِي الْمِعْرَاجِ قِيلَ مَسْأَلَةُ الْحَوْضِ بِنَاءً عَلَى الْجُزْءِ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ، فَإِنَّهُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ فَتَتَّصِلُ أَجْزَاءُ النَّجَاسَةِ إلَى جُزْءٍ لَا يُمْكِنُ تَجْزِئَتُهُ فَيَكُونُ بَاقِي الْحَوْضِ طَاهِرًا. وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ هُوَ مَعْدُومٌ، فَيَكُونُ كُلُّ الْمَاءِ مُجَاوِرًا لِلنَّجَاسَةِ، فَيَكُونُ الْحَوْضُ نَجِسًا عِنْدَهُمْ، وَفِي هَذَا التَّقْرِيرِ نَظَرٌ. اهـ. أَقُولُ: وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنَّ الْجُزْءَ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ عِبَارَةٌ عَنْ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ أَصْلًا، وَهُوَ مَا تَتَأَلَّفُ الْأَجْسَامُ مِنْ أَفْرَادِهِ بِانْضِمَامِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، وَهُوَ ثَابِتٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَكُلُّ جِسْمٍ يَتَنَاهَى بِالِانْقِسَامِ إلَيْهِ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِي الْحَوْضِ الْكَبِيرِ نَجَاسَةٌ وَفَرَضْنَا انْقِسَامَهَا إلَى أَجْزَاءٍ لَا تَتَجَزَّأُ، وَقَابَلَهَا مِنْ الْمَاءِ الطَّاهِرِ مِثْلُهَا يَبْقَى الزَّائِدُ عَلَيْهَا طَاهِرًا فَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْمَاءِ كُلِّهِ بِالنَّجَاسَةِ.

وَعِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ: هُوَ مَعْدُومٌ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ جِسْمٍ قَابِلٌ لِانْقِسَامَاتٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ، فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ النَّجَاسَةِ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَكَذَا الْمَاءُ الطَّاهِرُ، فَلَا يُوجَدُ جَزْءٌ مِنْ الطَّاهِرَةِ إلَّا وَيُقَابِلُهُ جَزْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ لِعَدَمِ تَنَاهِي الْقِسْمَةِ فَتَتَّصِلُ أَجْزَاءُ النَّجَاسَةِ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ كُلِّهِ بِأَنَّهُ نَجِسٌ، وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ فِي هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةً عَلَى ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَجَاسَةِ مَا دُونَ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ أَيْضًا إلَّا إذَا غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ عَلَيْهِ أَوْ سَاوَتْهُ لِبَقَاءِ الزَّائِدِ عَلَى الطَّهَارَةِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْكُلِّ بِالنَّجَاسَةِ. وَأَيْضًا فَالتَّعْبِيرُ بِالنَّجَاسَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>