بِخِلَافِ نَحْوِ أَمَةٍ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْعَبْدِ
(وَمُعْتَدَّةُ مَوْتٍ تَخْرُجُ فِي الْجَدِيدَيْنِ وَتَبِيتُ) أَكْثَرَ اللَّيْلِ (فِي مَنْزِلِهَا) لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَيْهَا فَتَحْتَاجُ لِلْخُرُوجِ، حَتَّى لَوْ كَانَ عِنْدَهَا كِفَايَتُهَا صَارَتْ كَالْمُطَلَّقَةِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا الْخُرُوجُ فَتْحٌ. وَجَوَّزَ فِي الْقُنْيَةِ خُرُوجَهَا لِإِصْلَاحِ مَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ كَزِرَاعَةٍ وَلَا وَكِيلَ لَهَا (طَلُقَتْ) أَوْ مَاتَ وَهِيَ زَائِرَةٌ (فِي غَيْرِ مَسْكَنِهَا عَادَتْ إلَيْهِ فَوْرًا) لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا
(وَتَعْتَدَّانِ) أَيْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ وَمَوْتٍ (فِي بَيْتٍ وَجَبَتْ فِيهِ) وَلَا يَخْرُجَانِ مِنْهُ (إلَّا أَنْ تُخْرَجَ أَوْ يَتَهَدَّمَ الْمَنْزِلُ، أَوْ تَخَافُ) انْهِدَامَهُ، أَوْ (تَلَفَ مَالِهَا، أَوْ لَا تَجِدَ كِرَاءَ الْبَيْتِ) وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورَاتِ فَتَخْرُجُ لِأَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَيْهِ،
ــ
[رد المحتار]
وَلَوْ بِإِذْنِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ بَعْدَ الْعِدَّةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَمْلِكَانِ إبْطَالَهُ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّهَا حَقُّ الزَّوْجِ فَيَمْلِكُ إبْطَالَهُ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ أَمَةٍ) أَرَادَ بِالْأَمَةِ الْقِنَّةَ، وَبِنَحْوِهَا الْمُدَبَّرَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةَ، وَالْمُرَادُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُبَوَّأَةً لِأَنَّ الْخِدْمَةَ حَقُّ الْمَوْلَى كَمَا مَرَّ، وَعَدَمَ الْخُرُوجِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُقَدَّمُ حَقُّ الْعَبْدِ لِاحْتِيَاجِهِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجَدِيدَيْنِ) أَيْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنَّهُمَا يَتَجَدَّدَانِ دَائِمًا ط. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَيْهَا) أَيْ لَمْ تَسْقُطْ بِاخْتِيَارِهَا، بِخِلَافِ الْمُخْتَلِعَةِ كَمَا مَرَّ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ وَمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَلِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فَتَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ نَهَارًا لِطَلَبِ الْمَعَاشِ وَقَدْ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَهْجُمَ اللَّيْلُ وَلَا كَذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ لِأَنَّ النَّفَقَةَ دَارَّةٌ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا. اهـ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَدَارَ حِلِّ خُرُوجِهَا بِسَبَبِ قِيَامِ شُغْلِ الْمَعِيشَةِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ، فَمَتَى انْقَضَتْ حَاجَتُهَا لَا يَحِلُّ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَرْفُ الزَّمَانِ خَارِجَ بَيْتِهَا. اهـ. وَبِهَذَا انْدَفَعَ قَوْلُ الْبَحْرِ إنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ جَوَازُ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ نَهَارًا وَلَوْ كَانَ عِنْدَهَا نَفَقَةٌ، وَإِلَّا لَقَالُوا: لَا تَخْرُجُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ، أَوْ مَوْتٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَإِنَّ الْمُطَلَّقَةَ تَخْرُجُ لِلضَّرُورَةِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا اهـ.
وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ مُعْتَدَّةَ الْمَوْتِ لَمَّا كَانَتْ فِي الْعَادَةِ مُحْتَاجَةً إلَى الْخُرُوجِ لِأَجْلِ أَنْ تَكْتَسِبَ لِلنَّفَقَةِ قَالُوا: إنَّهَا تَخْرُجُ فِي النَّهَارِ وَبَعْضِ اللَّيْلِ، بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ. وَأَمَّا الْخُرُوجُ لِلضَّرُورَةِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَهُمَا كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي، فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا غَيْرُ الضَّرُورَةِ، وَلِهَذَا بَعْدَمَا أَطْلَقَ فِي كَافِي الْحَاكِمِ مَنْعَ خُرُوجِ الْمُطَلَّقَةِ قَالَ: وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ لِحَاجَتِهَا وَلَا تَبِيتُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، نَعَمْ عِبَارَةُ الْمُتُونِ يُوهِمُ ظَاهِرُهَا مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، فَلَوْ قَيَّدُوا خُرُوجَهَا بِالْحَاجَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْكَافِي لَكَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ: وَجَوَّزَ فِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ تَبِيتَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ وَمَوْتٍ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلَوْ بَائِنًا فَلَا بُدَّ مِنْ سُتْرَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ اهـ فَأَفَادَ أَنَّ مُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيِّ لَا تَخْرُجُ وَلَا تَجِبُ سُتْرَةٌ وَلَوْ فَاسِقًا لِقِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا صَارَ مُرَاجِعًا (قَوْلُهُ: فِي بَيْتٍ وَجَبَتْ فِيهِ) هُوَ مَا يُضَافُ إلَيْهِمَا بِالسُّكْنَى قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَلَوْ غَيْرَ بَيْتِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَشَمِلَ بُيُوتَ الْأَخْبِيَةِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْرُجَانِ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَالْمُنَاسِبُ " تَخْرُجَانِ " - بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ -؛ لِأَنَّهُ مُثَنَّى الْمُؤَنَّثِ الْغَائِبِ أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُخْرَجَ) الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ ط، وَشَمِلَ إخْرَاجَ الزَّوْجِ ظُلْمًا، أَوْ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى الْكِرَاءِ، أَوْ الْوَارِثِ إذَا كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ الْبَيْتِ لَا يَكْفِيهَا بَحْرٌ: أَيْ لَا يَكْفِيهَا إذَا قَسَمَتْهُ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى سُكْنَاهَا مَعَهُ إذَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ، أَوْ الْمُهَايَأَةَ وَلَوْ كَانَ نَصِيبُهَا يَزِيدُ عَلَى كِفَايَتِهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا تَجِدَ كِرَاءَ الْبَيْتِ) أَفَادَ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ لَزِمَهَا مِنْ مَالِهَا، وَتَرْجِعُ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ عَلَى الزَّوْجِ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) مِنْهُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ خَافَتْ بِاللَّيْلِ مِنْ أَمْرِ الْمَيِّتِ وَالْمَوْتِ وَلَا أَحَدَ مَعَهَا لَهَا التَّحَوُّلُ - وَالْخَوْفُ شَدِيدٌ - وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: فَتَخْرُجُ) أَيْ مُعْتَدَّةُ الْوَفَاةِ