وَفِي الطَّلَاقِ إلَى حَيْثُ شَاءَ الزَّوْجُ، وَلَوْ لَمْ يَكْفِهَا نَصِيبُهَا مِنْ الدَّارِ اشْتَرَتْ مِنْ الْأَجَانِبِ مُجْتَبًى، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الشِّرَاءِ - لَوْ قَادِرَةً -، أَوْ الْكِرَاءِ بَحْرٌ، وَأَقَرَّهُ أَخُوهُ وَالْمُصَنِّفُ.
قُلْت: لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته بِنُسْخَتَيْ الْمُجْتَبَى اسْتَتَرَتْ مِنْ الِاسْتِتَارِ فَلْيُحَرَّرْ
(وَلَا بُدَّ مِنْ سُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا فِي الْبَائِنِ) لِئَلَّا يَخْتَلِيَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْحَائِلَ يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ (وَإِنْ ضَاقَ الْمَنْزِلُ عَلَيْهِمَا، أَوْ كَانَ الزَّوْجُ فَاسِقًا فَخُرُوجُهُ أَوْلَى) لِأَنَّ مُكْثَهَا وَاجِبٌ لَا مُكْثُهُ، وَمُفَادُهُ وُجُوبُ الْحُكْمِ بِهِ ذَكَرَهُ الْكَمَالُ (وَحَسُنَ أَنْ يَجْعَلَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا امْرَأَةً) ثِقَةً.
ــ
[رد المحتار]
كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ ط. (قَوْلُهُ: وَفِي الطَّلَاقِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا فِي الْوَفَاةِ ط، وَتَعْيِينُ الْمَنْزِلِ الثَّانِي لِلزَّوْجِ فِي الطَّلَاقِ وَلَهَا فِي الْوَفَاةِ فَتْحٌ؛ وَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا وَهُوَ غَائِبٌ فَالتَّعْيِينُ لَهَا مِعْرَاجٌ. وَفِيهِ أَيْضًا عُيِّنَ انْتِقَالُهَا إلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِمَّا انْهَدَمَ فِي الْوَفَاةِ وَإِلَى حَيْثُ شَاءَتْ فِي الطَّلَاقِ بَحْرٌ، فَأَفَادَ أَنَّ تَعْيِينَ الْأَقْرَبِ مُفَوَّضٌ إلَيْهَا فَافْهَمْ وَحُكْمُ مَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ حُكْمُ الْمَسْكَنِ الْأَصْلِيِّ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: فَلْيُحَرَّرْ) أَقُولُ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَتَيْ الْمُجْتَبَى اشْتَرَتْ مِنْ الشِّرَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي الْمُجْتَبَى قَالَ: اشْتَرَتْ مِنْ الْأَجَانِبِ وَأَوْلَادِهِ الْكِبَارِ. اهـ. إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِتَارُ مِنْ أَوْلَادِ زَوْجِهَا، لَكِنْ رَأَيْت فِي كَافِي الْحَاكِمِ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَلَيْسَ لَهَا إلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حِجَابًا، وَكَذَلِكَ فِي الْوَفَاةِ إذَا كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ رِجَالٌ مِنْ غَيْرِهَا فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا سِتْرًا أَقَامَتْ وَإِلَّا انْتَقَلَتْ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا نَصُّ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ خَشْيَةُ الْفِتْنَةِ حَيْثُ كَانُوا رِجَالًا مَعَهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانُوا مَحَارِمَ لَهَا بِكَوْنِهِمْ أَوْلَادَ زَوْجِهَا كَمَا قَالُوا بِكَرَاهَةِ الْخَلْوَةِ بِالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ: وَكَذَلِكَ حُكْمُ السُّتْرَةِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا وَلَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ أَجَانِبُ اهـ فَسَمَّاهُمْ أَجَانِبَ لِمَا قُلْنَا: وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِنُسْخَةِ الشَّارِحِ. وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُجْتَبَى أَنَّ نَصِيبَهَا لَا يَكْفِيهَا، فَإِذَا كَانَ لَا يَكْفِيهَا فَكَيْفَ تُؤْمَرُ بِالْمُكْثِ فِيهِ مَعَ الِاسْتِتَارِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهَا بِأَنْ تَخْتَلِيَ فِيهِ وَحْدَهَا وَلِذَا فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَافِي كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْتِ الْوَاحِدِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْكَافِي وَإِلَّا انْتَقَلَتْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الشِّرَاءُ، وَمِثْلُهُ مَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ لَيْسَ مَحْرَمًا لَهَا وَحِصَّتُهَا لَا تَكْفِيهَا، فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجُوهَا اهـ فَهَذَا أَيْضًا مُؤَيِّدٌ لِنُسْخَةِ الشَّارِحِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ تَحَامُلُ الْمُحَشِّينَ كُلِّهِمْ عَلَى الشَّارِحِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ سُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا فِي الْبَائِنِ) وَفِي الْمَوْتِ تَسْتَتِرُ عَنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا هِنْدِيَّةٌ. وَظَاهِرُهُ أَنْ لَا سُتْرَةَ فِي الرَّجْعِيِّ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيِّ كَالْبَائِنِ يُفِيدُ طَلَبَ السُّتْرَةِ فِيهِ أَيْضًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى مُطَلَّقَةٍ إلَّا أَنْ يُؤْذِنَهَا ثُمَّ الظَّاهِرُ نَدْبُ السُّتْرَةِ فِيهِ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ أَجْنَبِيَّةً وَيُحَرَّرُ ط.
قُلْتُ: وَقَدَّمْنَا عَنْ الْجَوْهَرَةِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ لُزُومِ السُّتْرَةِ فِي الرَّجْعِيِّ وَلَوْ الزَّوْجُ فَاسِقًا لِقِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِعْلَامِهَا بِالدُّخُولِ لِئَلَّا يَصِيرَ مُرَاجِعًا وَهُوَ لَا يُرِيدُهَا، فَلَا يُسْتَلْزَمُ وُجُوبُ السُّتْرَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ، نَعَمْ لَا مَانِعَ مِنْ نَدْبِهَا. (قَوْلُهُ: وَمُفَادُهُ أَنَّ الْحَائِلَ إلَخْ) أَيْ مُفَادُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْحَائِلَ يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّتَهُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الزَّوْجُ فَاسِقًا) لِأَنَّهُ إنَّمَا اُكْتُفِيَ بِالْحَائِلِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَعْتَقِدُ الْحُرْمَةَ فَلَا يُقْدِمُ عَلَى الْمُحَرَّمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ التَّعْلِيلِ بِوُجُوبِ مُكْثِهَا وُجُوبُ الْحُكْمِ بِهِ أَيْ بِخُرُوجِهِ عَنْهَا.
وَقَوْلُهُمْ: وَخُرُوجُهُ أَوْلَى لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَرْجَحُ، كَمَا يُقَالُ: إذَا تَعَارَضَ مُحَرَّمٌ وَمُبِيحٌ فَالْمُحَرَّمُ أَوْلَى، أَوْ أَرْجَحُ فَإِنَّهُ يُرَادُ الْوُجُوبُ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: وَحَسُنَ) أَيْ إذَا كَانَ فَاسِقًا وَلَمْ يَخْرُجْ يَحْسُنُ أَنْ يُجْعَلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: امْرَأَةً ثِقَةً) لَا يُقَالُ: إنَّ الْمَرْأَةَ عَلَى أَصْلِكُمْ لَا تَصْلُحُ لِلْحَيْلُولَةِ، حَتَّى لَمْ تُجِيزُوا لِلْمَرْأَةِ السَّفَرَ مَعَ نِسَاءٍ ثِقَاتٍ وَقُلْتُمْ: بِانْضِمَامِ غَيْرِهَا تَزْدَادُ الْفِتْنَةُ لِأَنَّا نَقُولُ: تَصْلُحُ لِلْحَيْلُولَةِ فِي الْبَلَدِ لِبَقَاءِ الِاسْتِحْيَاءِ مِنْ الْعَشِيرِ وَإِمْكَانِ الِاسْتِغَاثَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute