النِّسْبِيَّةِ (وَلَوْ) كِتَابِيَّةً، أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ (بَعْدَ الْفُرْقَةِ) (إلَّا أَنْ تَكُونَ مُرْتَدَّةً) فَحَتَّى تُسْلِمَ لِأَنَّهَا تُحْبَسُ (أَوْ فَاجِرَةً) فُجُورًا يَضِيعُ الْوَلَدُ بِهِ كَزِنًا وَغِنَاءٍ وَسَرِقَةٍ وَنِيَاحَةٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ بَحْثًا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْعَمَلُ بِإِطْلَاقِهِمْ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْفَاسِقَةَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا حَضَانَةَ لَهَا. وَفِي الْقُنْيَةِ: الْأُمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ وَلَوْ سَيِّئَةَ السِّيرَةِ مَعْرُوفَةً بِالْفُجُورِ مَا لَمْ يَعْقِلْ ذَلِكَ (أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ) .
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ قَوْلِهِ " حُرَّةً ": أَوْ مُكَاتَبَةً وَلَدَتْ فِي الْكِتَابَةِ وَأَنْ يَزِيدَ أَنْ تَكُونَ رَحِمًا مَحْرَمًا وَلَمْ تَكُنْ مُرْتَدَّةً وَلَمْ تُمْسِكْهُ فِي بَيْتِ الْمُبْغِضِ لِلْوَلَدِ وَلَمْ تَمْتَنِعْ عَنْ تَرْبِيَتِهِ مَجَّانًا عِنْدَ إعْسَارِ الْأَبِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا أَمِينَةً أَنْ لَا يَضِيعَ الْوَلَدُ عِنْدَهَا بِاشْتِغَالِهَا عَنْهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهَا كُلَّ وَقْتٍ وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الْمُرَاهِقَةَ لَهَا حَقُّ الْحَضَانَةِ، لِقَوْلِ الْعَيْنِيِّ: أَحْكَامُ الْمُرَاهِقِينَ أَحْكَامُ الْبَالِغِينَ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ.
قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عِنْدَ ادِّعَاءِ الْبُلُوغِ وَإِلَّا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْقَاصِرِ كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا بَصِيرَةً؟ فَفِي الْأَشْبَاهِ فِي أَحْكَامِ الْأَعْمَى: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ ذَبْحِهِ وَصَيْدِهِ وَحَضَانَتِهِ وَرُؤْيَتِهِ لِمَا اشْتَرَاهُ بِالْوَصْفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ. وَأَمَّا حَضَانَتُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ حِفْظُ الْمَحْضُونِ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَلَا اهـ وَهُوَ بَحْثٌ وَجِيهٌ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الرَّمْلِيِّ " قَادِرَةً " كَمَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ كَبِيرَةً عَاجِزَةً. (قَوْلُهُ: النَّسَبِيَّةِ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْأُمِّ الرَّضَاعِيَّةِ فَلَا تَثْبُتُ لَهَا. اهـ. ح. وَكَذَا الْأُخْتُ رَضَاعًا وَنَحْوَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كِتَابِيَّةً، أَوْ مَجُوسِيَّةً) لِأَنَّ الشَّفَقَةَ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ. وَصُورَةُ الثَّانِيَةِ أَنْ يَكُونَا مَجُوسِيَّيْنِ تَرَافَعَا إلَيْنَا، أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ، وَسَيَأْتِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْقِلْ الْوَلَدُ دِينًا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ) عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ " لَوْ " إشَارَةً إلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْحَضَانَةِ بِمَا بَعْدَهَا، فَتَرْبِيَةُ الْوَلَدِ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ تُسَمَّى حَضَانَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تُحْبَسُ) أَيْ وَتُضْرَبُ فَلَا تَتَفَرَّغُ لِلْحَضَانَةِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ بَحْثًا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْفِسْقِ فِي كَلَامِهِمْ هُنَا الزِّنَا الْمُقْتَضِيَ لِاشْتِغَالِ الْأُمِّ عَنْ الْوَلَدِ - بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ وَنَحْوِهِ - لَا مُطْلَقَهُ الصَّادِقَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ، لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الذِّمِّيَّةَ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَعْقِلْ الْأَدْيَانَ، فَالْفَاسِقَةُ الْمُسْلِمَةُ أَوْلَى.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَأَقُولُ فِي قَصْرِهِ عَلَى الزِّنَا قُصُورٌ، إذْ لَوْ كَانَتْ سَارِقَةً، أَوْ مُغَنِّيَةً، أَوْ نَائِحَةً فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ فِسْقٌ يَضِيعُ الْوَلَدُ بِهِ. اهـ.
وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ " وَنَحْوِهِ " مَرْفُوعًا عَطْفًا عَلَى الزِّنَا. ثُمَّ رَأَيْت الْخَيْرَ الرَّمْلِيَّ أَجَابَ كَذَلِكَ. قَالَ ح: وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ صَالِحَةً كَثِيرَةَ الصَّلَاةِ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَخَوْفُهُ حَتَّى شَغَلَاهَا عَنْ الْوَلَدِ وَلَزِمَ ضَيَاعُهُ اُنْتُزِعَ مِنْهَا وَلَمْ أَرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عِبَارَةَ الْبَحْرِ: لَكِنْ عِنْدِي فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ لِأَنَّ الذِّمِّيَّةَ إنَّمَا تَفْعَلُ مَا تَفْعَلُ مِمَّا يُوجِبُ الْفِسْقَ عَلَى جِهَةِ اعْتِقَادِهِ دِينًا لَهَا فَكَيْفَ يُلْحَقُ بِهَا الْفَاسِقَةُ الْمُسْلِمَةُ، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ إجْرَاءُ كَلَامِ الْكَمَالِ وَغَيْرِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَةَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا حَضَانَةَ لَهُ. اهـ. وَبَعْد مَا عَلِمْت أَنَّ الْمَنَاطَ هُوَ الضِّيَاعُ حَقَّقْت أَنَّ بَحْثَ الْمُصَنِّفِ لَا حَاصِلَ لَهَا. اهـ. ح.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَهُ عَقِبَ عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْقِلْ ذَلِكَ) أَيْ مَا لَمْ يَعْقِلْ الْوَلَدُ حَالَهَا، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ تَقْيِيدُ الْفُجُورِ بِأَنْ لَا يَلْزَمَ مِنْهُ ضَيَاعُ الْوَلَدِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَفِي النَّهْرِ: مَا لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ، وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ مَا لَمْ يَثْبُتْ فِعْلُهُ عَنْهَا وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا اهـ ح. وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْقُنْيَةِ " مَعْرُوفَةً بِالْفُجُورِ " يَقْتَضِي فِعْلَهَا لَهُ ط فَالْمُنَاسِبُ الْأَوَّلُ وَتَكُونُ الْفَاجِرَةُ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابِيَّةِ، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَبْقَى عِنْدَهَا إلَى أَنْ يَعْقِلَ الْأَدْيَانَ كَمَا سَيَأْتِي خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ تَعَلُّمِهِ مِنْهَا مَا تَفْعَلُهُ فَكَذَا الْفَاجِرَةُ. وَقَدْ جَزَمَ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ مَا فِي النَّهْرِ تَصْحِيفٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute