ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى بِأَنْ تَخْرُجَ كُلَّ وَقْتٍ وَتَتْرُكَ الْوَلَدَ ضَائِعًا (أَوْ) تَكُونَ (أَمَةً، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً وَلَدَتْ ذَلِكَ الْوَلَدَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ) لِاشْتِغَالِهِنَّ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى، لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا كُنَّ أَحَقَّ بِهِ لِأَنَّهُ لِلْمَوْلَى مُجْتَبًى (أَوْ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِ مَحْرَمِ) الصَّغِيرِ (أَوْ أَبَتْ أَنْ تُرَبِّيَهُ مَجَّانًا وَ) الْحَالُ أَنَّ (الْأَبَ مُعْسِرٌ، وَالْعَمَّةَ تَقْبَلُ ذَلِكَ) أَيْ تَرْبِيَتَهُ مَجَّانًا وَلَا تَمْنَعُهُ عَنْ الْأُمِّ قِيلَ لِلْأُمِّ: إمَّا أَنْ تُمْسِكِيهِ مَجَّانًا أَوْ تَدْفَعِيهِ لِلْعَمَّةِ.
ــ
[رد المحتار]
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَاضِنَةَ إنْ كَانَتْ فَاسِقَةً فِسْقًا يَلْزَمُ مِنْهُ ضَيَاعُ الْوَلَدِ عِنْدَهَا سَقَطَ حَقُّهَا وَإِلَّا فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ إلَى أَنْ يَعْقِلَ فَيُنْزَعَ مِنْهَا كَالْكِتَابِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَخْرُجَ كُلَّ وَقْتٍ إلَخْ) الْمُرَادُ كَثْرَةُ الْخُرُوجِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَرْكِ الْوَلَدِ ضَائِعًا وَالْوَلَدُ فِي حُكْمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَهَا، وَمُضَيِّعُ الْأَمَانَةِ لَا يُسْتَأْمَنُ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا لِمَعْصِيَةٍ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهَا؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ قَابِلَةً، أَوْ غَاسِلَةً، أَوْ بَلَّانَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنْ كَانَتْ فَاسِقَةً أَوْ تَخْرُجُ كُلَّ وَقْتٍ إلَخْ فَعَطْفُهُ عَلَى الْفَاسِقَةِ يُفِيدُ مَا قُلْنَا فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَمَّا إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُطَلَّقَةِ الْحُرَّةِ كَمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: وَلَدَتْ ذَلِكَ الْوَلَدَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ) أَمَّا لَوْ بَعْدَهَا فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْكِتَابَةِ فَتْحٌ عَنْ التُّحْفَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَا يَثْبُتُ لَهَا حَقٌّ فِي الْمَوْلُودِ قَبْلَهَا وَإِنْ لَمْ تَبْقَ مَشْغُولَةً بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي كِتَابَتِهَا، فَبَقِيَ قِنًّا مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَصَارَ كَوَلَدِ الْقِنَّةِ لَوْ أُعْتِقَتْ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ الْكَنْزِ: وَلَا حَقَّ لِلْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مَا لَمْ يَعْتِقَا. قَالَ فِي الدُّرَرِ: فَإِذَا عَتَقَا كَانَ لَهُمَا حَقُّ الْحَضَانَةِ فِي أَوْلَادِهِمَا الْأَحْرَارِ لِأَنَّهُمَا وَأَوْلَادَهُمَا أَحْرَارٌ حَالَ ثُبُوتِ الْحَقِّ اهـ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَلَدُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْحَقَّ فِي حَضَانَةِ وَلَدِ الْأَمَةِ لِلْمَوْلَى، أَوْ لِغَيْرِهِ.
وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ رَقِيقًا فَمَوْلَاهُ أَحَقُّ بِهِ حُرًّا كَانَ أَبُوهُ، أَوْ عَبْدًا، وَكَذَا لَوْ عَتَقَتْ أُمُّهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي حَضَانَتِهِ إنَّمَا الْحَقُّ لِلْمَوْلَى سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ أَبِيهِ أَوْ فَارَقَهَا لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ - أَيْ الصَّغِيرُ - حُرًّا فَالْحَضَانَةُ لِأَقْرِبَائِهِ الْأَحْرَارِ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً، لَا لِمَوْلَاهَا وَلَا لِمَوْلَاهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ، وَإِنْ أُعْتِقَتْ كَانَتْ الْحَضَانَةُ لَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَحَقَّ بِهِ) قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ إنْ كَانَا فِي مِلْكِهِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْبَحْرِ، فَالْمُرَادُ بِالْأَحَقِّيَّةِ عَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ الْحَقِّ لِلْمَوْلَى تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مَحْرَمٍ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الرَّحِمِ فَلَوْ كَانَ مَحْرَمًا غَيْرَ رَحِمٍ كَالْعَمِّ رَضَاعًا، أَوْ رَحِمًا مِنْ النَّسَبِ مَحْرَمًا مِنْ الرَّضَاعِ كَابْنِ عَمِّهِ نَسَبًا هُوَ عَمُّهُ رَضَاعًا فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّ الْأَبَ مُعْسِرٌ) كَذَا قَيَّدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ. وَظَاهِرُهُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ مَعَ يَسَارِهِ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِي التَّصَانِيفِ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهِ رَمْلِيٌّ.
وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: تَقْيِيدُ الدَّفْعِ لِلْعَمَّةِ بِيَسَارِهَا وَإِعْسَارِ الْأَبِ يُفِيدُ أَنَّ الْأَبَ الْمُوسِرَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْأُمِّ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ اهـ.
قُلْت: وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْفَتْحِ وَالدُّرَرِ وَالْبَحْرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعَزْمِيَّةِ عَلَى الدُّرَرِ مِنْ أَنَّهَا أُجْرَةُ الرَّضَاعِ، وَالْمُرَادُ بِيَسَارِ الْعَمَّةِ قُدْرَتُهَا عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا وَجْهَ لِتَقْدِيرِهِ بِنِصَابٍ. (قَوْلُهُ: وَالْعَمَّةَ تَقْبَلُ ذَلِكَ) أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِمَّنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمَّةِ مُتَبَرِّعًا بِمِثْلِ الْعَمَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكُونَ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِ مَحْرَمٍ لِلصَّغِيرِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَمْنَعُهُ عَنْ الْأُمِّ) أَيْ عَنْ رُؤْيَتِهَا لَهُ وَتَعَهُّدِهَا إيَّاهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَدْفَعِيهِ لِلْعَمَّةِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُنْزَعُ مِنْ الْأُمِّ مَعَ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ طَلَبَتْ أَجْرًا عَلَى الْإِرْضَاعِ وَوُجِدَتْ مُتَبَرِّعَةٌ بِهِ قُدِّمَتْ وَتُرْضِعُهُ عِنْدَ الْأُمِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا بَقِيَتْ مُسْتَحِقَّةً لِلْحَضَانَةِ. وَفِي مَسْأَلَتِنَا سَقَطَ حَقُّهَا مِنْهَا فَلِذَا يُنْزَعُ مِنْهَا. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَصَارَتْ الْحَضَانَةُ لِغَيْرِهَا كَالْأُخْتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute