(وَتَعُودُ) الْحَضَانَةُ (بِالْفُرْقَةِ) الْبَائِنَةِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَالْقَوْلُ لَهَا فِي نَفْيِ الزَّوْجِ وَكَذَا فِي تَطْلِيقِهِ إنْ أَبْهَمَتْهُ لَا إنْ عَيَّنَتْهُ.
(وَالْحَاضِنَةُ) أُمًّا، أَوْ غَيْرَهَا (أَحَقُّ بِهِ) أَيْ بِالْغُلَامِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ النِّسَاءِ وَقُدِّرَ بِسَبْعٍ وَبِهِ يُفْتَى لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي سِنِّهِ، فَإِنْ أَكَلَ وَشَرِبَ وَلَبِسَ وَاسْتَنْجَى وَحْدَهُ دُفِعَ إلَيْهِ وَلَوْ جَبْرًا وَإِلَّا لَا (وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ) لِأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ (أَحَقُّ بِهَا) بِالصَّغِيرَةِ (حَتَّى تَحِيضَ) أَيْ تَبْلُغَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي حَيْضِهَا فَالْقَوْلُ لِلْأُمِّ بَحْرٌ بَحْثًا.
وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَكَّمَ سِنُّهَا وَيُعْمَلَ بِالْغَالِبِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ، حَتَّى يَحْتَلِمَ الْغُلَامُ، وَتَتَزَوَّجَ الصَّغِيرَةُ وَيَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ عَيْنِيٌّ (وَغَيْرُهُمَا أَحَقُّ بِهَا حَتَّى تُشْتَهَى) وَقُدِّرَ بِتِسْعٍ وَبِهِ يُفْتَى.
ــ
[رد المحتار]
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ وَكَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا يَبْقَى عِنْدَ أُمِّهِ؛ وَكَذَا لَوْ كَانَ أُنْثَى لَا تُشْتَهَى، أَوْ كَانَ مَأْمُونًا عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: الْبَائِنَةِ) أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِيهَا نَهْرٌ، وَمُقْتَضَاهُ الْعَوْدُ فِي الْبَائِنَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَعَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ ارْتِفَاعُ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا فَلَا ضَرَرَ لِلْوَلَدِ عِنْدَهُ، وَفِي ذَلِكَ تَأْيِيدٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ تَأَمَّلْ. قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَكَذَا: أَيْ تَعُودُ الْحَضَانَةُ لَوْ زَالَتْ بِجُنُونٍ وَرِدَّةٍ، ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ فَالْأَحْسَنُ: وَيَعُودُ الْحَقُّ بِزَوَالِ مَانِعِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَانِعِ) أَيْ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ عَوْدِ السَّاقِطِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ، فَقَوْلُهُمْ يَسْقُطُ حَقُّهَا مَعْنَاهُ مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ كَقَوْلِهِمْ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِالنُّشُوزِ، وَالْوِلَايَةُ بِالْجُنُونِ ثُمَّ تَعُودُ بِزَوَالِ ذَلِكَ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ السَّاقِطَ لَمْ يَعُدْ بَلْ عَادَ حَقٌّ جَدِيدٌ لِقِيَامِ سَبَبِهِ، بِخِلَافِ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهَا حَقٌّ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لَهَا إلَخْ) أَيْ لَوْ ادَّعَى تَزَوُّجَهَا وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِهِ لَكِنَّهَا ادَّعَتْ الطَّلَاقَ، فَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ الزَّوْجَ فَالْقَوْلُ لَهَا لَا إنْ عَيَّنَتْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْفَصْلَيْنِ نَهْرٌ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ دَعْوَاهَا طَلَاقَ الْمُعَيَّنِ لَمَّا أَبْطَلَهَا الشَّرْعُ بِدُونِ تَصْدِيقِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا أَصْلًا.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ النِّسَاءِ) بِأَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِنْجَاءِ تَمَامُ الطَّهَارَةِ بِأَنْ يَتَطَهَّرَ بِالْمَاءِ بِلَا مُعِينٍ، وَقِيلَ مُجَرَّدُ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ التَّطْهِيرُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمَامِ الطَّهَارَةِ زَيْلَعِيٌّ أَيْ الطَّهَارَةِ الشَّامِلَةِ لِلْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ بِسَبْعٍ) هُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ بَلْ عَيْنُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَنْجِي وَحْدَهُ، أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مُرُوا صِبْيَانَكُمْ إذَا بَلَغُوا سَبْعًا» وَالْأَمْرُ بِمَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفْتَى) وَقِيلَ بِتِسْعِ سِنِينَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْغَالِبُ) أَيْ الِاسْتِغْنَاءَ هُوَ الْغَالِبُ فِي هَذَا السِّنِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكَلَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُحَلِّفُ أَحَدَهُمَا بَلْ يَنْظُرُ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْيَمِينَ لِلنُّكُولِ وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا إبْطَالَ حَقِّ الْوَلَدِ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَ أُمِّهِ قَبْلَ السَّبْعِ وَعِنْدَ أَبِيهِ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَبْرًا) أَيْ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى.
وَفِي الْفَتْحِ: وَيُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى أَخْذِ الْوَلَدِ بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْأُمِّ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَصِيَانَتَهُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ: وَإِذَا اسْتَغْنَى الْغُلَامُ عَنْ الْخِدْمَةِ أُجْبِرَ الْأَبُ، أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَلِيُّ عَلَى أَخْذِهِ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ. اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا: وَإِذَا اسْتَغْنَى الْغُلَامُ وَبَلَغَتْ الْجَارِيَةُ فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى، يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَا حَقَّ لِابْنِ الْعَمِّ فِي حَضَانَةِ الْجَارِيَةِ. اهـ.
قُلْت: بَقِيَ مَا إذَا انْتَهَتْ الْحَضَانَةُ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ عَصَبَةٌ وَلَا وَصِيٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُتْرَكُ عِنْدَ الْحَاضِنَةِ، إلَّا أَنْ يَرَى الْقَاضِي غَيْرَهَا أَوْلَى لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ فُقِدَتْ الْأَرْبَعَةُ، أَوْ بَعْضُهَا لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ ط. (قَوْلُهُ: وَالْجَدَّةُ) أَيْ وَإِنْ عَلَتْ ط. (قَوْلُهُ: أَيْ تَبْلُغَ) وَبُلُوغُهَا إمَّا بِالْحَيْضِ، أَوْ الْإِنْزَالِ، أَوْ السِّنِّ ط. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّهَا بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ تَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ آدَابِ النِّسَاءِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ أَقْدَرُ، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ تَحْتَاجُ إلَى التَّحْصِينِ وَالْحِفْظِ، وَالْأَبُ فِيهِ أَقْوَى وَأَهْدَى. (قَوْلُهُ: فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) مُقَابِلُهُ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ الْآتِيَةُ. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلْأُمِّ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي سُقُوطَ حَقِّهَا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَأَقُولُ إلَخْ) هُوَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ: وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى سِنِّهَا، فَإِنْ بَلَغَتْ سِنًّا تَحِيضُ فِيهِ الْأُنْثَى غَالِبًا فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِلَّا لَهَا. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute